ماذا تعرف عن “سجن التماسيح” لاحتجاز المهاجرين في فلوريدا بالولايات المتحدة؟

افتتح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أول أمس الثلاثاء، مركز الاحتجاز المثير للجدل المعروف باسم “أليغيتور ألكاتراز” في ولاية فلوريدا، في خطوة وُصفت بأنها تصعيد غير مسبوق في سياسة التعامل مع المهاجرين.
وجاء الافتتاح وسط موجة من الغضب الشعبي والحقوقي، تُرجمَ جزء منها إلى احتجاجات طالبت برحيل ترامب، إذ اعتبر المحتجون المشروع انتهاكًا للبيئة من جهة، ولحقوق الإنسان من جهة أخرى.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsحق المواطنة في مهب الريح.. المحكمة العليا الأمريكية تمهد لحرمان آلاف الأطفال من الجنسية
ويقع مركز الاحتجاز، الذي استغرق بناؤه 8 أيام فقط، في قلب محمية بيئية نائية في بقعة استوائية شديدة الحرارة، داخل منطقة “إيفرغلاديز” بولاية فلوريدا. ويعد أول منشأة من نوعها مصممة خصيصا لاحتجاز آلاف المهاجرين، ممن تنوي الولايات المتحدة ترحيلهم، على أن يبدأ هذا الأسبوع استقبال أولى دفعات المهاجرين.

خطاب يظهر من عنوانه
وفي كلمته خلال الافتتاح، ألمح ترامب إلى أن “أليغيتور ألكاتراز” قد يكون النموذج الأول لسلسلة مراكز احتجاز مماثلة في ولايات أخرى، بهدف “الاحتجاز الجماعي للمهاجرين تمهيدًا لترحيلهم خارج البلاد”، قائلًا: “هذا مجرد البداية”.
وجُهزت المنشأة لاستيعاب ما يصل إلى 5 آلاف مهاجر، ووُصفت بأنها “تبدو كأنها أحد أسوأ السجون في أمريكا”، وأثارت انتقادات واسعة من منظمات حقوقية وبيئية، خاصة مع غياب أي تقييم بيئي أو تشاور مجتمعي قبل تنفيذ المشروع، الذي نفّذ على عجل، بترحيب من وزيرة الأمن الداخلي، كريستي نويم، وحاكم ولاية فلوريدا، رون ديسانتيس.
و”أليغيتور ألكاتراز” هو اسم مركب، ويعني “أليغيتور” التمساح، و”ألكاتراز” هو اسم مركز احتجاز فدرالي معزول شديد الحراسة، بُني على جزيرة صخرية في قلب خليج سان فرانسيسكو بكاليفورنيا. واكتسب هذا السجن، المُغلق منذ عام 1963، سمعة بأنه لا يمكن الفرار منه، حيث تحيط به أسماك القرش من كل الجوانب.
ويشترك مركز احتجاز المهاجرين الجديد في فلوريدا مع ألكاتراز في أن الأخير تحيط به الثعابين والتماسيح، ولا مجال للهروب منه، وفقًا لتصريحات المسؤولين.
وقبل أسبوعين، أعلن المدعي العام لفلوريدا، جيمس أوثماير، لأول مرة عن سجن “التمساح ألكاتراز” مشاركًا مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر أصوات التماسيح وموسيقى الروك للتأكيد على الطبيعة المروعة للمنشأة.
وقال أوثماير إنه “إذا خرج الناس، فلن ينتظرهم سوى التماسيح والثعابين، لا مكان يذهبون إليه، لا مكان للاختباء”.
Alligator Alcatraz: the one-stop shop to carry out President Trump’s mass deportation agenda. pic.twitter.com/96um2IXE7U
— Attorney General James Uthmeier (@AGJamesUthmeier) June 19, 2025
من جانبه افتخر الرئيس الأمريكي بأن “التمساح ألكاتراز” قد يكون بجودة موقع ألكاتراز الحقيقي، قائلا: “إنه موقع مخيف أيضا، أليس كذلك؟ إنه موقع صعب”.
وفي إشارة إلى أن طريق الخروج الوحيد ستكون رحلة طيران تنقل المهاجر إلى خارج الولايات المتحدة، قالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، الاثنين الماضي “لا يوجد سوى طريق واحد يؤدي إلى هنا، والمخرج الوحيد هو رحلة جوية باتجاه واحد، إنها منطقة معزولة ومحاطة بحياة برية خطيرة في منطقة وعرة”.
وأضافت ليفيت: “إنها طريقة فعالة ومنخفضة التكلفة للمساعدة في تنفيذ أكبر حملة ترحيل جماعي في تاريخ الولايات المتحدة”.
وردًّا على ذلك، اعتبر اتحاد الحريات المدنية الأمريكي في فلوريدا أن اسم “التمساح ألكاتراز” يعكس نية التعامل مع الأشخاص الفارين من المشقة، والذين يحاولون بناء حياة أفضل لأنفسهم وعائلاتهم كمجرمين خطرين، وهو أمر غير ضروري وغير مسؤول”.
وانتقد توماس كينيدي، وهو محلل سياسي في ائتلاف المهاجرين في فلوريدا، في تصريحات لوكالة سي إن إن الأمريكية، طريقة تعامل الإدارة الأمريكية مع المهاجرين قائلا: “نتحدث عن الناس كما لو كانوا حشرات، موقع مركز الاحتجاز والطريقة التي يتم بها ذلك، واللغة المهينة، لا يوجد شيء في معسكر الاعتقال هذا ليس قاسيا وغير إنساني”.
وتجمعت، أول أمس الثلاثاء، مجموعة من المدافعين عن حقوق الإنسان والجماعات البيئية، على الطريق السريع المؤدي إلى سجن أليكاتراز، رفضًا لهذه الخطوة ولنهج الإدارة الأمريكية في التعامل مع المهاجرين.

ماذا حدث قبل 50 عاما؟
أقيم مركز الاحتجاز على مهبط طائرات قديم، كان من المفترض أن يكون في يوم من الأيام أكبر مطار في العالم تتجاوز مساحته 5 أضعاف مساحة مطار جون كينيدي الدولي. لكن منظمات حقوقية حالت دون تنفيذ هذه الخطة استنادا إلى دراسات حذرت من تداعياتها الكارثية على النظام البيئي.
وجددت “أصدقاء إيفرغلاديز” التحذير من تداعيات إقامة مبان على هذه المنطقة، وقالت المجموعة في بيان لها: “تحيط بهذه الأرض حديقة إيفرغلاديز الوطنية ومحمية بيج سيبرس الوطنية، وهي جزء من أحد أكثر النظم البيئية هشاشة في البلاد، ورسالتنا واضحة: لا مطارات، لا مناجم صخور، لا سجون، فقط إيفرغلاديز. دعونا لا نكرر أخطاء الماضي، هذه الأرض تستحق حماية دائمة”.
ورغم ادعاء الإدارة الأمريكية أن السجن الجديد يهدف إلى زيادة القدرة على استيعاب المزيد من المهاجرين بتكلفة أقل، لم تنجح هذه الادعاءات في تهدئة الردود القوية من جانب المدافعين عن حقوق الإنسان الذين اتهموا الإدارة الأمريكية وحاكم فلوريدا بخلق سجن “مصمم خصيصًا لزيادة المعاناة”.