“بلا جنسية”.. فلسطينية تروي قصة احتجازها في أمريكا ومحاولة ترحيلها إلى المجهول (فيديو)

أفرجت السلطات الأمريكية، الخميس الماضي، عن المصورة الفلسطينية ورد سكيك، بعد قرابة 5 أشهر من الاحتجاز، تعرضت خلالها لمحاولتي ترحيل، دون أن تُبلغ مسبقًا بوجهتها أو حتى تُمنح حق التواصل بانتظام مع عائلتها ومحاميها.
ورد، البالغة من العمر 22 عامًا، أُوقفت في فبراير/شباط الماضي عندما كانت عائدة إلى منزلها في ولاية تكساس رفقة زوجها طاهر، الذي يحمل الجنسية الأمريكية، بعد قضاء شهر العسل في جزر فيرجن الأمريكية.

ورغم أنها لم ترتكب أي مخالفة قانونية، وواظبت منذ طفولتها على الامتثال الكامل لتعليمات إدارة الهجرة بحسب شهادتها للجزيرة مباشر، فإنها وُضعت قيد الاحتجاز لأنها “عديمة الجنسية”.
وفي حديث للجزيرة مباشر، روت ورد سكيك تفاصيل اعتقالها، قائلة “كانت المعاملة سيئة وكلما كنت أطرح سؤالًا، كانوا يجيبون: لا نعلم. أسألهم أين سأُرحل؟ يقولون لا نعلم. لماذا سأرحل؟ لا نعلم. ما هي الوثيقة التي استندوا إليها؟ لا نعلم”.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsحق المواطنة في مهب الريح.. المحكمة العليا الأمريكية تمهد لحرمان آلاف الأطفال من الجنسية
وُلدت ورد سكيك في السعودية لعائلة فلسطينية من قطاع غزة، وليس لديها جواز سفر، ولا وثيقة هوية فلسطينية، وهو ما يجعلها قانونًا “عديمة الجنسية”.
وتشرح ذلك قائلة: لا أملك جوازًا فلسطينيًّا، ولا وثيقة سفر، ولم أحصل يومًا على جواز سفر في حياتي. وبالتالي، لا أملك بلدًا أعود إليه، وهذا كان جوهر الأزمة، وربما من جهة أخرى كان هذا السبب في تعطيل ترحيلي لأنهم كانوا محتارين إلى أين يرحلونني.
“احتُجزت كأني مجرمة”
قالت ورد إنها شعرت بالصدمة حين أوقفتها السلطات في المطار، وأضافت “سألوا زوجي إن كان مواطنًا، فقال نعم. ثم سألوني، فقلت لا. فطلبوا مني التوقف جانبًا”.
وتابعت “حين كنت أطلب تفسيرًا، يقولون لي: أنت لست مواطنة، ولا يفترض بك أن تكوني هنا”.
استنكرت ورد الطريقة التي تمت معاملتها بها والأسباب التي قُدمت لها، موضحة أنها تعيش في الولايات المتحدة منذ سن الثامنة، ودرست وتخرجت وتملك تصريح عمل وبطاقة ضمان اجتماعي ورخصة قيادة وكل المستندات الحكومية التي تثبت قانونية وضعها في البلاد.
وقالت وزارة الأمن الداخلي في تصريحات صحفية، إن ورد سكيك تم القبض عليها لأنها “اختارت الطيران فوق المياه الدولية وخارج منطقة الجمارك الأمريكية، وقبضت عليها هيئة الجمارك وحماية الحدود أثناء محاولتها الدخول مجددًا إلى الولايات المتحدة”.
لكن جزر فيرجن هي منطقة تابعة للولايات المتحدة ولا يلزم الحصول على جواز سفر لزيارتها.
وعلى مدار ما يقرب من 5 أشهر نُقلت ورد بين 3 مراكز احتجاز مختلفة، دون معرفة متى سيتم ترحيلها أو إلى أين، في ظروف وصفتها بأنها “غير إنسانية” وقالت إنها شهدت نساء من مختلف دول العالم، اختلفت قصصهن.
لم أكن الوحيدة
تابعت ورد للجزيرة مباشر: “كنا نعامل كمجرمات، لم يسمح لنا بمغادرة الغرفة، ولا التحرك دون أصفاد وكان الطعام محدودا”، مضيفة “جردوني من كل إحساس بالكرامة”.
وروت ورد قصص أخريات قابلتهن في الاحتجاز “كنّ من أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا، لكل منهن قصة مختلفة. بعضهن في الاحتجاز منذ سنة، وبعضهن منذ أيام، وكثيرات منهن طالبات لجوء”.
وتابعت المتحدثة، أن بعض المحتجزات فُصلن عن أطفالهن، إذ احتجز الأب في مركز والأم في آخر والأبناء في مركز ثالث؛ تهمتهم “السعي لحياة أفضل”.
الحرب أوقفت ترحيلها
صدر قراران بالترحيل بحق ورد سكيك، خلال 5 أشهر، بعد محاولات السلطات الأمريكية لترحيلها إلى السعودية التي رفضت بدورها الطلب بحسب ورد، تقرر ترحيلها إلى الأراضي الفلسطينية.
وتابعت ورد وهي تحكي مأساتها “وجدت نفسي على متن طائرة، وفجأة قيل لي إنني ذاهبة إلى فلسطين، كنت أفكر: ماذا سأفعل؟ أين أذهب؟ كيف أبلغ زوجي؟”.
وزادت: “كانت امرأة بجانبي تُرحل أيضا إلى فلسطين، نظرت إليها وسألتها: هل يمكنني العيش معك؟ قالت نعم. فقلت: الآن لدي مكان أنام فيه، وماء، وهاتف لأتصل بزوجي”.
لكن “الخوف الأكبر” على حد تعبيرها كان من اعتقال الاحتلال الإسرائيلي المحتمل لها لأنها لا تملك وثائق رسمية.
غير أن الرحلة ألغيت في اللحظة الأخيرة، بسبب الغارات الإسرائيلية على إيران التي وقعت بالتزامن مع ترحيلها، مما حال دون تسليم سكيك إلى الجانب الإسرائيلي، لتعود إلى مركز الاحتجاز من جديد.

الإفراج بعد معركة قانونية
صدر حكم قضائي لصالح ورد سكيك يمنع ترحيلها من ولاية تكساس، باعتبار أنها بدأت رسميًّا إجراءات الحصول على الإقامة الدائمة (البطاقة الخضراء) من خلال زواجها بمواطن أمريكي.
وبموجب الحكم، أفرج عنها، وتم إيقاف تنفيذ قرار الترحيل الثاني الذي صدر بالفعل، لتتمكن من العودة إلى منزلها مع زوجها بعد أن قضت ما يقرب من 150 يومًا خلف القضبان.
ولكنها ما زالت لا تستطيع العودة إلى حياتها الطبيعية دون التفكير في عشرات النساء اللاتي شاركنها المهجع طول تلك الأشهر، وغيرهن الكثيرات، حيث تقول: “كانوا يجلبون كل ليلة مجموعة جديدة من النساء المهاجرات ويرحلون مجموعة أخرى وهكذا، ولا أستطيع تناول الطعام وأنا أعرف ماذا يأكلن، وكيف يعشن هناك، وما الذي ينتظرهن”.