قتلى واحتجاجات عنيفة.. كيف انفجرت الأزمة الأخيرة في إندونيسيا؟

مظاهرات غاضبة في إندونيسيا تندد بالنخبة الحاكمة
مظاهرات غاضبة في إندونيسيا تندد بالنخبة الحاكمة (رويترز)

تتصاعد أزمة إندونيسيا بسرعة بعد احتجاجات واسعة تحولت إلى مواجهات دامية في العاصمة جاكرتا، وسط اهتمام كبير ومخاوف دولية واسعة.

وأصدرت الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وأستراليا تحذيرات لمواطنيها بعد تصاعد أعمال العنف، خاصة بالقرب من مقرات الشرطة والمباني الحكومية.

اقرأ أيضا

list of 4 itemsend of list

كما أدانت منظمة العفو الدولية استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، وطالبت بإجراء تحقيقات مستقلة في الحوادث المميتة، بما فيها مقتل عامل التوصيل عفّان كورنياوان.

شرارة الغضب

وكانت شرارة الغضب التي أشعلت الاحتجاجات في 28 أغسطس/آب الماضي هي مقتل عامل التوصيل عفّان كورنياوان (21 عامًا) أثناء توصيل طلبية بالقرب من تجمُّع للاحتجاج في جاكرتا، بعد دهسه بواسطة سيارة تابعة للشرطة.

وانتشر “فيديو” الحادث على وسائل التواصل الاجتماعي، مما زاد من حدة الغضب وأدى إلى تنظيم احتجاجات إضافية في مدن إندونيسية عدة، أسفرت عن مقتل 11 شخصًا على الأقل وإصابة المئات واعتقال الآلاف، إلى جانب تدمير ممتلكات عامة وخاصة، بما في ذلك مبان حكومية ومقرات للشرطة.

وأصبح مقتل عفّان كورنياوان رمزًا لمعاناة الطبقة الفقيرة وضغط المواطنين على الحكومة، في حين يحذر محللون من أن استمرار تجاهل المطالب الشعبية أو استخدام القوة لقمع الاحتجاجات قد يزيد من الغضب، ويعمق الانقسامات الاجتماعية والسياسية في البلاد.

طلبة في جامعة جاكرتا يحملون صورة العامل الذي قتل دهسا بسيارة شرطة
طلبة في جامعة جاكرتا يحملون صورة العامل الذي قُتل دهسا بسيارة شرطة (رويترز)

بدلات سخية لأعضاء البرلمان

وكانت الاحتجاجات قد اندلعت بعد إعلان الحكومة عن بدل سكن شهري بقيمة 3 آلاف دولار أمريكي لأعضاء البرلمان، وهو ما يعادل نحو 10 أضعاف الحد الأدنى للأجور في جاكرتا و20 ضعفًا في المناطق الفقيرة.

وجاء القرار في وقت تشهد فيه البلاد سياسات تقشفية في الإنفاق على التعليم والصحة، مما أثار استياء المواطنين، وزاد حدة الاحتجاجات.

وعلى الصعيد المحلي، شهدت الساحة السياسية انقسامًا حادًّا، فقد دعم حزب “أومّه” الإسلامي المعارض مطالب المحتجين، وطالب بإقالة المسؤولين عن السياسات المثيرة للجدل.

ودعا الحزب الرئيس برابوو سوبيانتو إلى ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية، مؤكدًا ضرورة التحقيق في الحوادث المميتة وتقديم المسؤولين إلى العدالة.

محاولات لتهدئة الشارع

ومع إعلان سوبيانتو إيقاف بدل السكن والرحلات الخارجية لنواب البرلمان لتهدئة الشارع، أعلن حزب “جيريندرا” -قومي محافظ من تأسيس الرئيس سوبيانتو في عام 2008- موافقته الرسمية على إلغاء الحوافز.

وطلب الحزب من نوابه “لقاء المواطنين مباشرة وسماع مطالبهم” بدل الانعزال داخل مكاتب البرلمان.

وخرج قياديون من حزب “ناسدم” -ليبرالي وسطي- للمطالبة بالتحقيق والتغيير، ولكن سرعان ما واجه الحزب فضيحة بعد تصريحات مستهجنة من اثنين من نوابه عن المحتجين.

وأدى ذلك إلى إقالتهما، إذ لجأ الحزب الموالي للحكومة للحل السريع في محاولة لتهدئة الشارع.

الشرطة في جاكارتا تعاملت بعنف مع المتظاهرين
الشرطة في جاكارتا تعاملت بعنف مع المتظاهرين (رويترز)

تدابير الحكومة

وكان سوبيانتو قد أصدر، في يناير/كانون الثاني 2025، مرسوما رئاسيا نص على تقليص الإنفاق الحكومي بنحو 19 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل أكثر من 8% من الميزانية السنوية للدولة.

وشمل هذا التخفيض قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، إذ خُفضت ميزانية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بنسبة 25%، مما أثار قلقًا واسعًا بين الطلبة والمعلمين بشأن جودة التعليم ومستقبل المنح الدراسية.

وفي محاولة لاحتواء الأزمة، ألغت الحكومة بدل السكن المخصص للنواب، وأعلنت عن سلسلة إصلاحات تشمل دعمًا لأجور العمال ذوي الدخل المحدود، وبرامج للأشغال العامة، وتخفيف الضرائب، بالإضافة إلى حماية ضد التسريحات الجماعية.

كما أقيل ضابط شرطة رفيع المستوى تورط في حادث مقتل عفّان، رغم استمرار الانتقادات بشأن العقوبات المخففة ضد آخرين.

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان