وزارة البترول المصرية تدرس تعديل الاتفاقيات لصالح الشريك الأجنبي

قال مصدر بقطاع البترول في مصر إن وزارة البترول شكلت لجنة لإعادة صياغة الاتفاقيات البترولية بشكل يتضمن تنازلات من الدولة لصالح الشريك الأجنبي.
ونقلت جريدة البورصة عن المصدر قوله إن وزارة البترول شكلت لجنة لإعادة صياغة الاتفاقيات البترولية وإضافة بنود تحفيزية للمستثمر الأجنبى بقطاع البترول، وتم تكليف اللجنة بالانتهاء من صياغة الشكل الجديد بنهاية عام 2018 والذي سيتضمن تغيير حصة الشريك الأجنبي، وتقليص فترة استرجاع النفقات المالية.
وذكر المصدر أن الهيئة العامة للبترول أضافت بنودا على عدد من الاتفاقيات البترولية التى وقعت مؤخراً، تضمنت إلغاء التخلى الإجبارى عن جزء من منطقة الامتياز وزيادة حصة الإنتاج المخصصة لاسترجاع نفقات الشريك، وبدلاً من إجبار المستثمر على التخلى عن جزء من منطقة البحث كل عامين، سيسمح له فى الاتفاقيات الجديدة بتقديم خطة استكشاف لهذا الجزء، ومنحه فترة جديدة لتنفيذ تلك الخطة بالمنطقة.
وبحسب المصدر تمت زيادة نسبة ما يتم تخصيصه من إنتاج الزيت والغاز لاسترجاع الشريك الأجنبى لنفقاته المالية بالامتياز لنحو 40% من الإنتاج بدلاً من 35% بحد أقصى، ويتم اقتسام المتبقى من الإنتاج بين هيئة البترول والشركة اﻷجنبية.
كما تم إضافة بعض البنود مثل المشاركة فى الفائض من الإنتاج وتحديد سعر الغاز بعد الاكتشاف التجارى وقبل تحويله إلى عقد تنمية طبقاً لحجم الاستثمارات المطلوبة للتنمية والاحتياطيات المكتشفة مع إمكانية مراجعة هذا السعر على فترات زمنية.
يأتي هذا في الوقت الذي يعاني فيه المصريون أوضاعا معيشية صعبة، وبلغت فيه معدلات التضخم أرقاما قياسية، وتقوم الحكومة برفع الدعم عن المواد البترولية، في وقت أقر فيه مسؤولون بتعاظم الفساد في قطاع البترول وأن مواجهة هذا الفساد يوفر للبلاد مليارات الدولارات.
ففي تصريحات صحفية سابقة أكد وكيل وزارة البترول الأسبق إبراهيم زهران أن قطاع البترول بمصر به فساد يعد الأضخم علي الإطلاق بين كل مؤسسات الدولة، وأنه لو تم إصلاح فساد قطاع البترول ستجني مصر تريليون و300 مليار دولار.
كما أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق إبراهيم يسري أن الشعب المصري يحصل علي قشور من أرباح قطاع البترول، بينما القطاع يمكنه أن يوفر لمصر مليارات الدولارات ويمكن مصر من تحقيق اكتفاء ذاتي، مشددا على أن قطاع البترول أقوى من كل شئ وهو أساس الفساد في مصر، ويحتاج لإعادة تطهير وهيكله لإزالة الفساد المتراكم به منذ أكثر منذ 40 عاما، معتبرا أن اتفاقيات البترول الحاليــة تمثل نزيفا مستمرا وإهـــدارا ممنهــجا للـــثروات الطبيعيــة.
ويعانى قطاع البترول المصري نماذج إهدار واضحة بالاتفاقيات البترولية، التى تعمل من خلالها العديد من شركات البترول الأجنبية، وتحقق لها مصالح ومكاسب ليست من حقها، بحسب خبير بترولي.
نموذج الإهدار الأول يتمثل في الاتفاقيات التى تم مد العمل بها رغم انتهاء مدتها وبشكل مخالف للقانون دون مبررات مقنعة، ومن الأهمية بمكان لفت الأنظار لحقيقة مفادها أنه بانتهاء عقد تنمية أى من حقول الزيت أو الغاز تؤول ملكية ما تبقى من احتياطيات في الخزان كاملة للدولة، وتنتهى حينئذ أى حقوق للشريك الأجنبى.
النموذج الثانى من نماذج الإهدار المعمول بها طبقاً للاتفاقيات الحالية يتمثل في تعديل بعض بنود الاتفاقيات وزيادة حصة مكسب الشريك الأجنبى أو التنازل نهائياً عن حصة الدولة بحجج واهية.
النموذج الثالث للإهدار يتمثل في إدخال بعض البنود الاضافية على بعض الاتفاقيات البترولية الموقعة مع الشركاء الأجانب دون سند قانونى أو غطاء دستورى، الأمر الذى أدى إلى إهدار مليارات الدولارات تدفعها الدولة خصما من الزيت والغاز المنتج.
وقد بدأ مسلسل العبث بالاتفاقيات البترولية منذ عام 1996 ما تسبب في إهدار عشرات المليارات من الدولارات من مستحقات الفقراء، وبالقطع استقطعت من مستحقات أى تنمية تجاه المواطن، ودونما تقدير حقيقى للنتائج الاقتصادية الكارثية المتراكمة وقد تعددت أوجه التلاعب والفساد وإهدار جزء كبير من ثروات مصر البترولية والتعدينية من خلال إساءة استخدام الاتفاقيات.
وخلاصة القول تتمثل في أن الثروات المصرية لم تعامل خلال العقدين الأخيرين بكفاءة أو باحترافية أو شفافية أو اعتبار المصلحة الوطنية، وتبدو في معظم الأحيان مهدرة مع سبق الإصرار، ومع الحرص الزائد على الحفاظ على المناصب مهما كانت التكلفة ومجاملة الشريك الأجنبى واسترضائه بكسر أسس الاتفاق والتنازل عن حقوق مصرية خالصة دون أسباب مقنعة وفي إهدار القانون، والنتيجة النهائية هي ضياع عشرات المليارات من الدولارات ما أدى إلى ارتفاع فاتورة الدعم وزيادة الأعباء على الموازنة العامة للدولة، والمخجل والأسوأ اللجوء للاستيراد لتعويض ما فرطت فيه قيادات فاسدة.