على وقع إضراب الأردن.. رحيل الحكومات أم تغيير السياسات؟

يتحمل الفقراء والطبقة الوسطى في المجتمعات العبء الأكبر للإجراءات والقرارات الاقتصادية التي تتخذها الحكومات لمواجهة التراجع في الإيرادات وعجز الموازنات.
روشتة واحدة تتبعها الحكومات العربية، مزيد من الضرائب والرسوم، وخفض الدعم عن السلع الأساسية، وزيادة أسعار السلع والخدمات، مع تثبيت الأجور، وأحيانا تسريح الموظفين، وبيع الشركات العامة، والاقتراض الداخلي والخارجي، مع ما يقترن به من خضوع لشروط الدائنين ومنها صندوق النقد الدولي.
وبعد صبر طويل على الفقر والقهر، بدأت الأوضاع في الانفجار في العديد من الدول، فمنذ يومين تحرك الجزائريون والسودانيون اعتراضاً على زيادة أسعار الوقود والسلع الغذائية وانهيار العملة الوطنية مقابل الدولار، وأول أمس تحرك الشعب المغربي عبر تنظيم مقاطعة جماعية للسلع التي شهدت زيادات ملحوظة في الأسعار خلال الفترة الماضية.
وبالأمس تحرك الأردنيون من خلال الإضراب الذي نظمته 33 نقابة وجمعية، احتجاجاً على مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد.
ودعت النقابات والجمعيات الحكومة لسحب مشروع القانون من مجلس النواب وفتح حوار وطني بما يخدم المصلحة الوطنية، وذكرت أنها ستستمر بإجراءاتها التصعيدية حمايةً للوطن والاقتصاد الوطني بكافة قطاعاته.
ورغم اختلاف التقديرات حول مدى نجاح الإضراب، إلا أنها سابقة هي الأولى من نوعها في الأردن، إذ شمل الإضراب مختلف المحافظات، واكتسب زخما أكبر في العاصمة عمان، التي تجمع فيها آلاف المضربين أمام مجمع النقابات المهنية وسط العاصمة، رافعين لافتات تطالب بإسقاط قانون الضريبة، فيما أعطى مجلس النقابات حكومة هاني الملقي مهلة أسبوع للتراجع عن قانون ضريبة الدخل.
وقال علي العبوس رئيس مجلس النقابات المهنية ونقيب الأطباء، إن مجلس النقابة قرر إمهال الحكومة لتسحب مشروع قانون ضريبة الدخل قبل أن يتم تنفيذ وقفات احتجاجية يوم الأربعاء المقبل، مضيفا أن المجلس دعا كذلك إلى ملتقى وطني خلال الأسبوع المقبل لمناقشة القانون.
وأضاف أن “النقابات المھنیة ستواصل تصدیھا لوقف التغول الحكومي على لقمة عیش المواطن، وأنها لن تسمح بأن یكون المواطن الحلقة الأضعف من خلال الخطط والصفقات التي تحاك ضده”. وتابع “على الحكومة سحب قانون ضریبة الدخل فوراً، وعلى الدولة الاستجابة لمطالب الشعب”.
وستخصص الوقفة الاحتجاجية يوم الأربعاء المقبل، للمطالبة بإسقاط الحكومة إذا لم تتراجع عن قانون ضريبة الدخل ونظام الخدمة المدنية.
وبموجب مشروع القانون، سيتم زيادة ضريبة الدخل على البنوك والشركات المالية وشركات التأمين وشركات إعادة التأمين والأشخاص الاعتباريين الذين يمارسون أنشطة التأجير التمويلي إلى 40% بدلاً من 30% في القانون الساري حالياً، إضافة إلى زيادة الضرائب على القطاعات التجارية والصناعية والخدمية.
كما ينص على زيادة ضريبة الدخل على شركات تعدين المواد الأساسية إلى 30% بدلاً من 24%، فيما أبقى على ضريبة دخل بنسبة 24% على شركات الاتصالات الأساسية وشركات توزيع وتوليد الكهرباء وشركات الوساطة المالية.
ووفقاً للتعديلات المقترحة، سيتم تطبيق الضريبة على العائلات التي يصل دخلها إلى 22.7 ألف دولار سنوياً بدلاً من 33.9 ألف دولار حالياً، وعلى الأفراد الذين تبلغ دخولهم 11.2 ألف دولار بدلاً من 17 ألف دولار، ورفع نسبة الضريبة على الأسر والأفراد تدريجياً. كما سيتم إلغاء الإعفاءات الإضافية الممنوحة للأسر والمقدرة بمبلغ 5600 دولار الممنوح حالياً بدل فواتير استشفاء وتعليم.
يذكر أن معدل البطالة في الأردن بلغ 18.5% خلال الربع الرابع من عام 2017 مقارنة مع 15.8% نهاية العام 2016، وبلغ 13.6% نهاية 2015، ووصل خلال العام 2014 إلى 12.3%، مقابل 11% في العام 2013، ويقدّر عدد القوى العاملة الأردنية بنحو 2.5 مليون عامل.
كما قفز معدل التضخم في الأردن خلال الربع الأول من السنة الجارية، إذ ارتفع بنسبة 3.7% على أساس سنوي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وجاءت الزيادة بدعم من ارتفاعات في أسعار كثير من السلع الرئيسة التي تمسّ حياة المواطن اليومية، بعد رفع الدعم عنها.
كان وزير المالية الأردني عمر ملحس، قد قال في وقت سابق إن الأردن أنهى الدعم المباشر للسلع الذي تتحمله الموازنة العامة، وتوجَّه نحو الدعم النقدي المباشر للفئة المستحقة.
وبدأ الأردن منذ مطلع العام الحالي، بتطبيق سلسلة إجراءات، تهدف إلى تأمين إيرادات تقدر بنحو 500 مليون دولار، كجزء من البرنامج الإصلاحي المتفق عليه مع “صندوق النقد الدولي”، ورفع الأردن مطلع الشهر الماضي أسعار الكهرباء للمرة الرابعة هذه السنة، فضلاً عن أسعار المحروقات.