“الصحة والتعليم” تحت وطاة أزمات لبنان الاقتصادية
يواجه لبنان أزمة اقتصادية مالية خانقة عصفت بعديد من القطاعات المحلية، هي الأكبر منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 -1990).
ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي احتجاجات شعبية، شهدت خلالها تحركات شعبية وتظاهرات وقطع للطرقات في مختلف المناطق اللبنانيين رفضا للأوضاع الاقتصادية والمالية، مطالبين بتغيير الطبقة السياسية.
ويحمّل اللبنانيون، السلطة السياسية التي تشكلت من الزعماء الذين تقاتلوا سابقاً، مسؤولية التدهور الاقتصادي الذي يعيشه لبنان، والذي يكاد يصل حد إعلان الإفلاس، بسبب الهدر المالي والفساد.
ويرى مواطنون أن البلاد وقيادتها ظلت طوال عقود معتمدة على نظام الاقتصاد الريعي، الذي اعتمد بدلاً من تطوير نظام اقتصادي إنتاجي يسهم في تطوير القطاعات المحلية.
ونتيجة لذلك، اضطرت الحكومات اللبنانية المتعاقبة إلى الاستدانة لتوفير السيولة اللازمة لنفقاتها الجارية، ما أدى إلى ارتفاع الديون العامة لتصل إلى 86.2 مليار دولار وهو الأعلى في العالم بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي.
قطاع الصحة
انعكست الأزمة على مختلف المجالات الحياتية للمواطنين اللبنانيين، وباتت تشكل خطرا، خصوصا بعدما طالت الأزمة القطاع الصحي والتي تجلت بنقص المستلزمات الطبية في بعض المستشفيات، وعدم قدرة بعض المرضى من إجراء العمليات أو حتى شراء الأدوية، لعدم امتلاكهم المال بسبب فروقات سعر صرف الدولار.
يقول الشاب إبراهيم (18 عاما)، مريض بضمور المخ، إن سعر صرف الدولار في السوق المحلية، صعّب عليه إجراء عملية جراحية مستعجلة.
وأضاف “العملية تتكلف 1500 دولار، والمستشفى والطبيب لم يقبلا تكاليف العملية وفق السعر الرسمي للدولار، ويصران على تقاضي التكاليف وفق السوق السوداء”.
ويبلغ سعر صرف الدولار الواحد في السوق السوداء 2200 ليرة، بزيادة 46% عن سعر الصرف الرسمي، البالغ 1508 ليرات.
وقال سليمان هارون نقيب المستشفيات في لبنان، إن تقاضي بعض الأطباء أجورهم من المرضى وفقاً لفرق صرف العملة بالنسبة للسوق السوداء، هو أمر غير قانوني.
وأكد أن المصرف المركزي اتخذ إجراءات بالتعاون مع البنوك المحلية، للسماح باستيراد المستلزمات الطبية والأدوية، عبر تأمين حاجة المستوردين للدولار بالسعر الرسمي.
من جهته، قال نقيب الصيادلة في لبنان غسان الأمين، إن البلاد لا تشهد حاليا أزمة في عدم توفر بعض الأدوية، وأن المستوردين يوردون الدواء، ومصرف لبنان يغطي 85% من الفاتورة بالنسبة لسعر صرف العملة.
وأضاف “الدواء متوفر بالصيدليات، والمواطنون يشترونه بالسعر الطبيعي.. بالنسبة لمن لا يملك المال، فالشريحة المعدمة تشتري الدواء من المستوصف بأسعار أقل”.
قطاع التعليم
باتت الأزمة المالية والاقتصادية تهدد القطاع التربوي وخصوصاً المدارس الخاصة، حيث التخوف من عدم قدرة الطلاب من إكمال عامهم الدراسي بسبب عجزهم عن دفع الاقساط المتوجبة عليهم.
يشرح الطالب هادي (17 سنة) قائلاً “الأزمة الاقتصادية أثرت على أحوالنا المعيشية، والدي لا يتقاضى مستحقاته منذ 3 أشهر، لذلك لا يمكنني ان أدفع أقساط المدرسة في هذه الظروف”.
وقال “أخشى من عدم قدرتي على التقدم للامتحانات الرسمية، وخصوصاً أن المدرسة تفرض علينا دفع كامل الأقساط لتسلمينا بطاقات الترشيح للتقدم إلى الامتحانات نهاية العام”.
وتقول ريما شرف الدين، وهي رئيسة جمعية Reina and Angel Charity التربوية، ومديرة مدرسة “تكلمنا مع الأهالي ويقولون إنهم غير قادرون على الدفع، ويدفعون نسبة قليلة من أقساطهم، ولكن هناك مستحقات للأساتذة ومصاريف للمدارس، هنا ماذا نفعل كإدارة”؟
وأضافت “اجتمعنا بالأهالي ولم يلتزم أحد حتى الآن.. نطالب وزارة التربية أن تجد الحلول لهذه الأزمة.. أكثر من 60% من التلاميذ لا يدفعون أقساطهم”.