مصر.. كورونا يضغط على مصادر العملة الأجنبية وسوق سوداء للدولار من جديد

قال مصرفيون ورجال أعمال إن سوق سوداء صغيرة للجنيه المصري عاودت الظهور في الأيام القليلة الماضية مع تأثر مصادر العملة الصعبة الرئيسية سلبا بانتشار فيروس كورونا.
وقالوا إن معاملات غير رسمية جرت عند سعر 16.15 جنيه للدولار، مقارنة بسعر معروض يبلغ 15.75 جنيه بمكاتب الصرافة والبنوك.
بلغ إجمالي عدد حالات الإصابات التي تم تسجيلها في مصر بفيروس كورونا المستجد حتى أمس الاثنين 366 حالة، و19 حالة وفاة.
وفي الأسبوع الماضي، علقت الحكومة جميع الرحلات الجوية التجارية في مسعى لاحتواء التفشي، في خطوة مدمرة للقطاع السياحي الذي در على البلد 12.5 مليار دولار في 2019.
وتراجع عدد سفن الحاويات المارة بقناة السويس بنسبة 7.3% في فبراير/ شباط، في مؤشر على أن فيروس كورونا يقلص حركة التجارة العالمية.

ويقول الاقتصاديون إن تداولات نشطة في أذون الخزانة المصرية للاستفادة من فروق أسعار الفائدة قد تباطأت في الأسابيع القليلة الماضية، مع قيام المستثمرين الأجانب بسحب الدولارات من مصر.
لكن على الرغم من ذلك، وباحتياطيات أجنبية بلغت 45.51 مليار دولار في نهاية فبراير/ شباط، تملك مصر في خزائنها ما يكفي لدعم العملة – التي فقدت القليل من قيمتها في السوق الرسمية منذ تفشي الوباء مقارنة بعملات دول أسواق ناشئة أخرى مثل روسيا وتركيا وجنوب إفريقيا.
وقالت نعيم للوساطة في مذكرة أمس الاثنين إن الدولار متداول بين 16.10 و16.15 جنيه في السوق الموازية، لكنها تداولات هزيلة مع تأجيل المستوردين الطلبيات.
وقالت المذكرة “بدأت البنوك ترشيد أرصدة النقد الأجنبي لديها (معطية الأولوية للواردات الضرورية) تكيفا مع تراجع التدفقات القادمة من السياحة ومع نزوح الأموال الساخنة.”
وقالت نعيم “في ضوء توقع نضوب السيولة (الأجنبية) بين البنوك بدرجة أكبر في الأشهر المقبلة، نتوقع أن يعمد (البنك المركزي) من حين لآخر إلى سد العجز عن طريق بيع الدولار إلى البنوك،” مضيفة أنها تتوقع تراجع الاحتياطيات الأجنبية بين مليار و1.5 مليار دولار شهريا.
يدير البنك المركزي العملة من كثب، ويضغط أحيانا على البنوك كي لا تتركها تنخفض.
وقال متعامل صرف أجنبي مرخص له في القاهرة إن تداولات الأفراد كادت تتوقف في الأسابيع القليلة الماضية وإن الطلب ضعيف للغاية سواء على الدولار أو الجنيه
وقال مصرفي مصري لدى بنك حكومي طلب عدم نشر اسمه “الحكومة لديها بعض الأدوات للتعامل مع هذا.”
وقال إن إحدى الخطوات المتخذة بالفعل تمثلت في إصدار البنوك شهادات إيداع بالجنيه المصري، بفائدة مضمونة 15% لفترة محددة من أجل ثني الناس عن تحويل المدخرات إلى الدولار.
وقال مصرفي آخر ببنك استثمار إن زملاء له طلبوا الحصول على دولارات من بنك حكومي كاختبار. وقال إنه “طُلب منهم الانتظار 48 ساعة غير أنهم حصلوا على ما طلبوه، لكن بعد مفاوضات على الحجم.”
المركزي يوجه البنوك بخفض الفائدة على الودائع الدولارية

وفي خطوة أخرى لدرء الدولرة، أبلغ البنك المركزي البنوك التجارية يوم الاثنين بخفض أسعار الفائدة على الودائع الدولارية إلى نقطة مئوية واحدة فوق سعر الفائدة المعروض بين بنوك لندن (ليبور) بدلا من 1.5 نقطة مئوية قبل ذلك.
وقال مصرفي بأحد البنوك الحكومية إن هذا الإجراء يهدف إلى السيطرة على سوق الصرف وتحجيم عمليات الدولرة المتوقعة بعد أن خفض البنك المركزي الأسبوع الماضي أسعار الفائدة الرئيسية بواقع 300 نقطة أساس، وذلك بهدف دعم الاقتصاد في مواجهة تداعيات أزمة انتشار فيروس “كوفيد-19”.
مصادر العملة الأجنبية ترزح تحت الضغط
وتضع أزمة تفشي “كوفيد-19” ضغطا كبيرا على المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر. واعتبر تقرير نعيم القابضة قرار تعليق الطيران من مصر وإليها، الذي اتخذته الحكومة الأسبوع الماضي بهدف احتواء التفشي، خطوة مدمرة للقطاع السياحي الذي حقق إيرادات قدرها 12.5 مليار دولار العام الماضي.
وبدأ المستثمرون الأجانب بالفعل خلال الأسابيع القليلة الماضية بسحب الدولارات من مصر والتخلي عن حيازاتهم من أدوات الدين المحلية، في حين من المتوقع أن تتراجع تحويلات المصريين بالخارج، وأن تنخفض إيرادات قناة السويس بشكل كبير في الأشهر المقبلة وسط تقلص حجم التجارة العالمية وانهيار أسعار النفط.