بعد كورونا.. هل انتهى العمل من المكاتب للأبد؟

أصبح العمل “عن بعد” هو القاعدة بالنسبة لكثيرين خلال العام الماضي، عقب إغلاق العديد من الشركات مكاتبها للحد من انتشار وباء كورونا.
ورغم التساؤلات حول جدوى العمل من المنزل، على المدى الطويل، فإن بعض الشركات استغلت الظروف لإعادة النظر في ضرورة وجود مساحات عمل فعلية، ما أثار تساؤلات حول مصير المكاتب في السنوات القادمة.
وكشف استطلاع مؤسسة ماكنزي إلى ما يقرب من 80% ممن شملهم الاستطلاع، يستمتعون بالعمل من المنزل، وأشار 41% منهم أنهم صاروا أكثر إنتاجية من ذي قبل.
ووجدت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد في مايو/أيار؛ أن 55% من العاملين الأمريكيين يريدون توزيع العمل بين المنزل والمكتب، لتقليل ضغط التنقل بين المكانين.
وتوافقت استطلاعات معهد غالوب مع نتائج الاستطلاعات السابقة حيث أشار إلي 75% من العينة يرغبون في استمرار العمل من المنزل ولا يميل سوى 25% منهم للعودة إلى المكاتب بعد زوال الجائحة.
تأتي تلك النتائج مغايرة تمام لدراسة أجريت قبل تفشي (كوفيد-19)، تشير إلى إمكانية وجود مكاسب إنتاجية في توزيع العمل بين المكتب والمنزل، لتوفير بيئة هادئة تمكن الموظفين من التركيز.
وتوقعت مؤسسة ستاندرد أند بورز غلوبال في يونيو/حزيران الماضي، أن تصنع الأزمة تحولا محوريا في الطلب على المكاتب يتسبب في انخفاض تدريجي، وذلك بالتزامن مع تثبيت بعض الشركات لإجراءات الطوارئ التي اتخذتها خلال الوباء.
ووفقا للمؤسسة، يمكن أن يؤدي العمل من المنزل إلى “تقلص الطلب على المساحات المكتبية التقليدية من المستأجرين، وتقليل مستويات الإشغال الإجمالية والإيجارات”.
ويخطط عدد من الشركات الكبيرة في الولايات المتحدة، لتقليص المساحات المكتبية في النصف الثاني من هذا العام، وهو النهج الذي أعلنت عنه كذلك أكثر من ثلثي شركات الخدمات المالية في المملكة المتحدة.

الوضع في أوربا يختلف قليلا، فالوباء لم يعطل عقود الإيجار الجديدة لدى العديد من الشركات الكبرى، حسبما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال.
وتنقل الصحيفة عن جاك برينجل، مدير قسم أوربا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة الهندسة المعمارية بيركنز آند ويل، قوله إن المؤسسات ستعاني لاستقطاب المواهب في ظل ظروف العمل من المنزل، ولهذا يعتقد أن فكرة زوال المكاتب “مبالغ فيها”.
رغم الجهود التي تبذلها حكومات العالم لتوفير اللقاح لمواطنيها، يبدو من المحتمل أن يستمر النموذج الهجين الذي يجمع بين العمل في المكاتب والعمل عن بعد مفضلا لدى معظم الشركات في المستقبل القريب.
بالطبع لا تزال هناك بعض المميزات بالنسبة للمكاتب مثل التفاعلات الشخصية بين الموظفين، خصوصا فيما يتعلق بالمشروعات المشتركة وبناء الفريق، لكنها ستكون أكثر انتقائية وليست القاعدة الأساسية.
ستصمم الشركات جداول أعمالها بشكل مختلف خلال الفترة القادمة اعتمادا على احتياجاتها الخاصة، لكن كثيرا منها صار يعرف بالفعل أن بإمكانها إنجاز الكثير من العمل عن بعد، وأن الموظفين غالبا ما يكونون أكثر سعادة بهذه الطريقة.