مصر تقترض 300 مليون دولار لإيقاف تشغيل محطات كهرباء تعمل بالغاز.. ما القصة؟

قالت هايكه هامغارت المديرة الإقليمية للبنك الأوربي لإعادة الإعمار والتنمية أمس الأحد إن البنك سيساعد في تمويل إيقاف تشغيل محطات الطاقة التي تعمل بالغاز في مصر.
وتصل قدرة هذه المحطات إلى 5 غيغاوات والمقرر إيقاف تشغيلها اعتبارًا من عام 2023، وتعهّد البنك بتخصيص ما يصل إلى مليار دولار أخرى لدعم مصادر الطاقة المتجددة.
ونقلت “رويترز” عن مديرة البنك التنفيذية لمنطقة جنوب وشرق البحر لمتوسط أن البنك سيجمع ما يصل إلى 300 مليون دولار من التمويل السيادي لمشروعات تتضمن العمل على تحقيق الاستقرار في الشبكة المصرية وإضافة بطاريات لتخزين الكهرباء وتطوير سلسلة التوريد المحلية لمصادر الطاقة المتجددة وإعادة تدريب العمال.
وقالت المسؤولة إن مليار دولار أخرى تم التعهد بها لدعم مصادر الطاقة المتجددة، ستمثل نحو عُشر التمويل الخاص المطلوب لمشروعات تعمل بشكل رئيسي بطاقة الرياح، وتبلغ قدرتها 10 غيغاوات، تخطط الحكومة المصرية لتنفيذها بحلول عام 2028.
وتحاول مصر، الدولة المنتجة للغاز الطبيعي، خفض الاستهلاك المحلي حتى تتمكن من تصدير المزيد منه إلى أوربا حيث ترتفع الأسعار والطلب بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.

“فائض مفقود”
وبحسب تقرير لمؤسسة (أريج) للصحافة الاستقصائية، بعنوان “فائض مفقود”، كان إجمالي قدرات الطاقة عام 2014 في مصر 32 غيغاوات، والحمل الأقصى (أقصى طلب على الكهرباء) 26 غيغاوات.
ورغم هذا الفائض، ضاعفت الحكومة المصرية القدرات خلال 7 سنوات لتصل إلى 59.5 غيغاوات في منتصف يونيو/ حزيران 2020 بتكلفة وصلت 322.8 مليار جنيه (17.5 مليار دولار)، رغم أن أقصى حمل خلال الفترة ذاتها لم يتجاوز 31 غيغاوات، لتحقق المحطات فائضًا كهربائيًا يصل إلى أكثر من 24 غيغاوات.
ووفقًا للهامش الاحتياطي أو الفائض المتعارف عليه عالميًا والمتبع في معظم دول العالم وهو 15 – 20% من أقصى حمل للكهرباء طبقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA)، كان يجب أن تمتلك مصر فقط من 4.202 إلى 5.603 غيغاوات كهامش احتياطي (فائض) للكهرباء، ولكنها تجاوزت هذا الرقم بداية من 2015.
وتمت هذه الإضافة بقروض خارجية ومحلية ما يهدر مليارات الجنيهات سنويًا بسبب عدم تشغيل المحطات بكامل طاقتها، ولعدم وجود أسواق لبيع الكهرباء المُنتجة محليًا، مع استمرار حرمان قرى من التيار، إضافة إلى استمرار الانقطاع الكهربائي في المحافظات المصرية، بسبب عدم تطوير شبكات النقل بما يتلاءم ووتيرة إنشاء محطات الإنتاج.

خسائر ضخمة
وبحسب التقرير، تسبب هذا الفائض في خسائر ضخمة، كما تشرح عبلة جادو أستاذة هندسة القوى الكهربائية بجامعة المنوفية والمديرة العامة للدراسات والتطوير في شركة جنوب الدلتا لتوزيع الكهرباء سابقا، إذ قالت إن المحطات تعمل وفقًا للاحتياج الفعلي من الكهرباء خلال اليوم، ما يجعل المحطات المتبقية متوقفة وتستهلك وقودًا، لكنها لا تعمل ولا يخرج منها كهرباء، ما يقلل من عمرها الافتراضي.
وبحسب البيانات الواردة في التقارير السنوية الصادرة عن الشركة القابضة لكهرباء مصر خلال الفترة بين 2015 – 2020، زادت عدد المحطات التي تعمل بأقل من نصف طاقتها 5 مرات.
وكان عدد المحطات التي تعمل بأقل من نصف طاقتها في عام 2020 يساوي 51 محطة من أصل 91 محطة مربوطة على الشبكة، بينما كان عدد المحطات التي تعمل بنصف الطاقة في (2015) 19 محطة فقط.
كما أن عدد المحطات التي تعمل بأقل من ربع طاقتها زاد أكثر من 5 أضعاف في نفس الفترة، إذ وصل في 2020 إلى 32 محطة، في حين كانت 6 محطات فقط في 2014.

تخفيض الإنارة
كانت الحكومة المصرية قد وافقت على مشروع قرار لترشيد استهلاك الكهرباء بما في ذلك تخفيض إنارة الشوارع والميادين العمومية، من أجل توفير كميات من الغاز الطبيعي لتصديرها.
وأوضحت الحكومة -في بيانها حول ترشيد استهلاك الكهرباء- أن الهدف هو “تحقيق فائض إضافي متوسطه نحو 15% من حجم الغاز الطبيعي الذي يُضخ إلى محطات الكهرباء على مدار العام، بغرض تصديره والاستفادة من العملة الصعبة”.
وشددت على “تخفيض إنارة الشوارع والميادين العمومية” وعلى رأسها ميدان التحرير الذي بلغت كلفة إضاءته أثناء تطويره قرابة 60 مليون جنيه (نحو 3.13 ملايين دولار).