مع احتمال تخلفها عن سداد ديونها.. ما مدى خطورة خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة؟

قد يتعرض دور العملة الأمريكية للخطر بسبب التخلف عن سداد الديون (غيتي)

تواجه الولايات المتحدة مع احتمال تخفيض وكالة فيتش تصنيفها الائتماني من مستوى “AAA” خطر تلقي ضربة رمزية في وقت يلوح خطر تخلفها عن سداد ديونها في ظل المأزق السياسي بين إدارة الرئيس جو بايدن والمعارضة الجمهورية.

لكن التخفيض المحتمل لن يكون في حال تحققه أمرًا غير مسبوق، فقد خفّضت وكالة ستاندرد آند بورز تصنيف واشنطن عام 2011 على خلفية أزمة سقف الدين حينها، وربما يكون له تداعيات محدودة على أكبر اقتصاد في العالم في ظل الطلب العالي على سندات الخزانة الأميركية في الأسواق.

ماذا يعني تصنيف “AAA”؟

تصنيف “AAA” هو أعلى مستوى تمنحه وكالات التصنيف الائتماني لديون الحكومات والشركات.

تستخدم وكالات التصنيف الرئيسية الثلاث – ستاندرد آند بورزو وفيتش وموديز – نظام تصنيف يتراوح من “AAA” إلى “D” (للتخلف عن السداد)، مرورًا عبر “B” و”C”.

والتصنيفات مؤشر للمستثمرين على قدرة الكيانات على سداد ديونها عند إصدارها تصنيفًا ائتمانيًا، تنظر الوكالة في عوامل تشمل معدل نمو اقتصاد الدولة ومستويات الدين والإنفاق والإيرادات الضريبية والاستقرار السياسي.

وكلما انخفض تصنيف الدولة، زاد ميل المستثمرين للحصول على سعر فائدة أعلى لشراء ديونها، من أجل التعويض عن المخاطر المرتفعة.

ما الدول التي تحظى بهذا التصنيف؟

يحظى عدد قليل من الدول بتصنيف “AAA” من كلّ الوكالات الثلاث الكبرى هي أستراليا والدنمارك وألمانيا وهولندا والنرويج وسنغافورة وسويسرا ولوكسمبورغ.

وتحظى دول عدة أخرى بتصنيف “AAA” من وكالة أو اثنتين، مثل الولايات المتحدة وكندا وكذلك الاتحاد الأوربي.

ما تداعيات تخفيض التصنيف؟

يرسل تخفيض التصنيف إشارة إلى المستثمرين، ويختلف تأثير ذلك بحسب البلد والسياق.

فقدت فرنسا هذا التصنيف إلى جانب العديد من البلدان الأخرى في أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2008. أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، لكنه لم ينفر المقرضين.

وارتفعت تكاليف الاقتراض الأمريكية أيضًا بعد قرار ستاندرد آند بورزو عام 2011 لكن الولايات المتحدة لديها ميزة كبيرة.

وأمس الخميس، قالت وكالة “فيتش” عندما وضعت تصنيف الولايات المتحدة تحت المراقبة لاحتمال خفضه: “الدولار الأمريكي هو العملة الاحتياطية الأبرز في العالم، ونحن نرى أن مخاطر الصرف وضوابط رأس المال في حدها الأدنى”.

وقد يتعرض دور العملة الأمريكية بصفتها الأكثر استعمالًا في الأعمال التجارية العالمية للخطر بسبب التخلف عن السداد، لكن على المدى القصير يمكن أن يرتفع الطلب على الدولار لأنه يعد ملاذًا في وقت الاضطرابات العالمية.

كما أن الحاجة إلى الاحتفاظ بالدولار لأغراض التجارة تعني أن الطلب على شراء السندات الأمريكية سيظل قائمًا، رغم أن واشنطن قد تضطر إلى دفع أسعار فائدة أعلى.

وتقول وكالة فيتش منذ 2013 إن التصنيف الائتماني الأمريكي مرشح للتخفيض، لكنها لم تخفضه حتى الآن.

وتصنّف فيتش الولايات المتحدة منذ 1994، وتصنّفها موديز منذ عام 1949، ولم يسبق لهما خفض تصنيفها الائتماني.

اتفاق سياسي

ويواصل البيت الأبيض والمفاوضون، الجمعة، مساعي التوصل إلى تسوية تتيح تجنب تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها الذي قد تنطوي عليه تداعيات سياسية كبرى بعدما ظهرت بوادر مشجعة في اتجاه حل.

وقال مصدر مطلّع على المفاوضات “نقترب أكثر فأكثر (من التوصل إلى اتفاق)، لكن لم يحصل ذلك بعد”، مشككًا في احتمال إعلان اتفاق الجمعة.

وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي “أحرزنا تقدمًا أمس، أريد إحراز تقدم اليوم أيضًا”، مضيفًا “لكن لا شيء مؤكدًا حتى يتم الاتفاق على كل شيء”.

وذكرت صحيفتا “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” أن الاتفاق، وهو حتمي لكي يقبل المحافظون بالتصويت في الكونغرس لرفع سقف الدين العام للولايات المتحدة، سيجمد بعض النفقات، لكن من دون المساس بالميزانيات المخصصة للدفاع وقدامى المحاربين.

وسيتيح الاتفاق إرجاء خطر التخلف عن السداد لسنتين، حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وهذا السيناريو غير المسبوق لإفلاس أكبر قوة في العالم يمكن أن يحصل ابتداء من الأول من يونيو/حزيران المقبل، في حال عدم التوصل إلى اتفاق سياسي وحصول تصويت في مجلسي النواب والشيوخ.

ستجد الولايات المتحدة نفسها عندئذ غير قادرة على السداد لدائنيها، وهو تعريف التخلف عن السداد، لكن أيضًا غير قادرة على دفع رواتب بعض الموظفين الرسميين أو الإعانات الاجتماعية.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات

إعلان