للمرة الأولى.. مصر تؤجل فتح خطابات اعتماد لسداد واردات القمح

صورة أرشيفية لحبوب قمح
تأخرت البنوك عن فتح الاعتمادات لما يصل إلى 11 شحنة قمح (رويترز)

قال وزير التموين المصري علي المصيلحي إن الهيئة العامة للسلع التموينية أجلت فتح خطابات اعتماد لسداد واردات القمح تخفيفا للضغوط الناجمة عن نقص العملة الأجنبية.

جاء ذلك في تصريحات الوزير لوكالة رويترز جاء فيها “نحاول تخفيف الضغط على البنك المركزي، واتفقنا مع التجار على دفع مقابل الشحنات تدريجيًا، ونشكرهم على تفهم الأمر”.

وعادة تفتح البنوك المملوكة للدولة -نيابة عن الهيئة العامة للسلع التموينية- خطابات اعتماد مدتها 180 يومًا، ويتلقى موردو القمح مدفوعاتهم من البنوك عقب الشحن، وتسدّد الدولة قيمة خطاب الاعتماد للبنوك خلال 180 يومًا.

وبسبب النقص الحاد في العملة الأجنبية الذي تعانيه مصر تأخرت البنوك عن فتح الاعتمادات لما يصل إلى 11 شحنة قمح، حسبما قال تجار لـرويترز.

وأضاف أحد التجار أنه “لم يحدث هذا التأخير من قبل إطلاقًا لكن البلد لم يتعرض قط لمثل هذا الموقف، هذا جديد تمامًا على مصر”.

وعلى الرغم من ذلك يواصل المورّدون المشاركة في مناقصات الهيئة العامة للسلع التموينية وتسليم القمح في الوقت المحدد، رغم التأخير في سداد شحنات تعود إلى ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وقال أحد التجار المتضررين من تأخر السداد “هذا الأمر غير مسبوق، لكن التجار يعرفون هيئة السلع التموينية جيدًا، وليس لديهم شك تجاه الحصول على مستحقاتهم من الحكومة”.

وقال تاجر آخر “المدفوعات المؤجلة ستتراكم في نهاية الأمر على هيئة السلع التموينية. لا نصدر خطاب ضمان ثالثًا إن سبقه خطابان لم تقابلهما تغطية بخطابي اعتماد. واجهنا ضغوطا كبيرة لتفريغ شحنة قمح في الموانئ المصرية رغم عدم وجود خطاب اعتماد لتغطيتها، وكانت شحنة ضخمة لذا كان عليَّ الحصول على موافقة الرئيس التنفيذي للشركة”.

جنيه مصري دولار أمريكي
فقد الجنيه المصري نصف قيمته مقابل الدولار الأمريكي (غيتي)

تمويلات كبيرة

كانت مصر قد حصلت على قرض بقيمة 500 مليون دولار من البنك الدولي لتعزيز الأمن الغذائي، وذهبت خصيصًا نحو واردات القمح وتحديث وتوسيع صوامع التخزين.

ووقّعت مصر اتفاقية تمويل بقيمة 6 مليارات دولار مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة للمساعدة في تأمين واردات البترول والقمح.

لم تؤثر أزمة العملة على واردات القمح فقط، فقد ارتفع إجمالي المستحقات التي تدين بها الهيئة المصرية العامة للبترول لشركات الطاقة العاملة في البلاد بأكثر من 3 أضعاف إلى 3 مليارات دولار، منذ منتصف 2020، بسبب أزمة نقص العملة الأجنبية.

يأتي هذا في ظل تضخّم غير مسبوق لحجم الدين العام المصري، إذ كشف البنك المركزي المصري عن ارتفاع الدين الخارجي نهاية العام الماضي إلى 162.9 مليار دولار، من 145.5 مليار دولار نهاية 2021 بنسبة زيادة بلغت 11.9%.

وأظهرت بيانات البنك بلوغ الدين العام المحلي 4742 مليار جنيه بنهاية يونيو/حزيران 2020.

ولم يكشف البنك المركزي المصري عن أحدث البيانات المتعلقة بحجم الدين العام الخارجي في نهاية الربع الأول من العام الجاري، الذي يغطي الأشهر الثلاثة من يناير/كانون الثاني إلى مارس/آذار.

ولم يكشف المركزي كذلك عن حجم الدين العام الداخلي عن الفترة من يوليو/تموز 2020 حتى نهاية مارس الماضي التي تُقارب العامين.

مصر هي أكبر مستوردي القمح في العالم (غيتي)

أسوأ أزمة عملة

ونشرت صحيفة (الفايننشال تايمز) البريطانية تقريرًا هذا الشهرعن “أسوأ أزمة عملات أجنبية تواجهها مصر منذ سنوات”، والمعاناة الحالية التي تواجهها الحكومة المصرية في تمويل الواردات وجذب المستثمرين.

وقال التقرير إن سلسلة خفض قيمة الجنيه المصري، منذ مارس 2022، أدت لفقدان العملة المصرية نصف قيمتها وفشلت في تعزيز تدفقات النقد الأجنبي.

وسحب المستثمرون الأجانب حوالي 20 مليار دولار من استثماراتهم في أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.

وتُظهر أرقام البنك المركزي المصري انخفاض الواردات في النصف الثاني من 2022 إلى 37 مليار دولار، مقارنة بحوالي 42 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق.

وتراجعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج -أحد أهم مصادر العملة الأجنبية- من 15.5 مليار دولار في النصف الثاني من 2021 إلى 12 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي.

وتشهد مصر إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها، ففي عام واحد فقد الجنيه المصري نصف قيمته مقابل الدولار الأمريكي، وارتفع معدل التضخم السنوي في البلاد إلى 33.9% خلال مارس الماضي، مسجلًا أعلى مستوى له على الإطلاق.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات

إعلان