إشارة إلى التحرك نحو سوق حرة.. تراجع قياسي جديد لليرة التركية مقابل الدولار

الليرة التركية تهوي 7% وسط أكبر عمليات بيع منذ أزمة 2021 (غيتي)

هوت الليرة التركية 7%، اليوم الأربعاء، إلى مستوى قياسي جديد وسط أكبر عمليات بيع للعملة منذ الانهيار التاريخي في عام 2021، في خطوة قال متعاملون إنها “إشارة قوية” على أن أنقرة تسحب دعمها للعملة بما يتيح تداولًا حرًا لها.

وتتعرض الليرة لضغوط منذ إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان لولاية جديدة في 28 مايو/أيار الماضي.

وتراجعت العملة، التي عمل المصرف المركزي على دعمها قبل الانتخابات الرئاسية، بنسبة 7% إلى 23.17 ليرة للدولار حوالي الساعة 11.45 بتوقيت غرينتش، لتتجاوز خسائرها 19% هذا العام.

وتدخلت السلطات بشكل مباشر في أسواق العملات الأجنبية، إذ لجأت لعشرات المليارات من الدولارات من الاحتياطيات للحفاظ على استقرار الليرة معظم هذا العام، ولامس صافي احتياطيات البنك المركزي من العملة الأجنبية مستوى قياسيًا منخفضًا بلغ 4.4 مليارات دولار الشهر الماضي، بعد أن ارتفع الطلب على العملة الأجنبية خلال الانتخابات.

وقال 4 متعاملين إن تراجع احتياطيات البنك المركزي من العملة الأجنبية والذهب توقف من الأسبوع الماضي، وقد يأخذ اتجاهًا تصاعديًا مع وجود دلائل على حدوث تغيير في سياسات النقد الأجنبي.

سوق حرة

وقال أحد المتعاملين “هناك حاجة لوضع العديد من اللوائح والقيام بتغييرات كثيرة، لكن الوجهة التي نتجه إليها تزداد وضوحًا كل يوم. نتجه نحو ليرة تحدد قيمتها ظروف السوق”.

وقالت خبيرة الاقتصاد غولدم أتاباي إن هبوط الليرة هو انعكاس لتراجع تدخلات المصرف المركزي المكلفة في سوق العملات الأجنبية، وأوضحت “تم الآن إما التخلي عن ذلك أو تخفيفه كثيرًا”.

وتوقعت بأن تواصل الليرة تراجعها إلى حين صدور قرار المصرف المركزي بشأن معدل الفائدة، في 22 يونيو/حزيران الجاري.

وأفادت غولدم “سنرى إلى حين حلول ذلك الموعد إن كان الدولار سيبقى عند 23 أو 25” ليرة.

ومطلع هذا الأسبوع، أعلن أردوغان عن تشكيلة الحكومة الجديدة وعين محمد شيمشك -الذي يحظى بتقدير كبير بين المستثمرين الأجانب- وزيرًا للمالية.

سياسة عقلانية

وبعد وقت قصير من توليه المنصب، قال شيمشك “لا خيار لدينا غير العودة إلى المنطق” في مؤشر على ابتعاده عن السياسة غير التقليدية القائمة على خفض معدلات الفائدة من أجل مكافحة التضخم المرتفع.

وتترقب الأسواق أيضًا تعيين محافظ جديد للبنك المركزي التركي ليحل محل شهاب قاوجي أوغلو الذي قاد عمليات خفض أسعار الفائدة في ظل سياسات أردوغان غير التقليدية.

وقال تيم آش من بلوباي لإدارة الأصول “أعتقد أننا نشهد تأثير دفع شيمشك (البنك المركزي التركي) نحو انتهاج سياسة عقلانية”.

وزير الخزانة والمالية التركي الجديد محمد شيمشك (الأناضول)

وقال خبير الاقتصاد المتخصص بالأسواق الناشئة تيموثي آش في لندن “بغض النظر عن نتيجة الانتخابات، كانت التوقعات بأن الليرة ستتراجع إلى مستوى أكثر تنافسية”.

وأفاد آش في مذكرة أن تراجع الليرة يكشف “تأثير” دفع شيمشك المصرف المركزي إلى اتباع “سياسة عقلانية”، ما يعني عملة أضعف وأكثر تنافسية.

ويتوقع بعض المحللين تراجع الليرة إلى نطاق بين 25 و28 مقابل الدولار.

والتقى شيمشك مع حفيظة غاية أركان، وهي مسؤولة مالية بارزة في الولايات المتحدة يُعتقد بأنها ستكون الحاكمة المقبلة للمصرف المركزي، وفق ما ذكرت وسائل إعلام محلية هذا الأسبوع.

ويتوقع كثيرون بأن تحل المساعدة السابقة للرئيس التنفيذي لفيرست ريبابليك بنك (First Republic Bank) والمديرة العامة لغولدمان ساكس مكان حاكم المصرف المركزي شهاب قافجي أوغلو.

وفي عهد قافجي أوغلو، خفض المصرف معدل الفائدة إلى 8.5% في حين كان المعدل 19% عام 2021.

سعر الفائدة

وتحت ضغط من أردوغان، الذي يصف نفسه بأنه “عدو” أسعار الفائدة، خفض البنك المركزي سعر الفائدة إلى 8.5% عام 2021 لتعزيز النمو والاستثمار، لكن ذلك أثار أزمة قياسية لليرة، في ديسمبر/كانون الأول 2021، ودفع التضخم إلى أعلى مستوى في 24 عامًا وتجاوز 85% الماضي.

ورفعت المصارف المركزية حول العالم معدلات الفائدة في مسعى للسيطرة على التضخم، فيما كان أردوغان متمسكًا بمعدلات الفائدة المنخفضة سعيًا لتحفيز النمو، ووصف في إحدى المرات رفع المعدلات بأنه “أساس الشر كلّه” وتدعمه “جماعة ضغط تنفّذ مصالح” خارجية.

وتأمل السلطات التركية الآن في عودة المستثمرين الأجانب بعد هروبهم بشكل جماعي على مدى سنوات، لكن مراقبي السوق حذروا من أن أردوغان تحول إلى السياسات التقليدية في الماضي وغيّر رأيه بعد ذلك بمدة وجيزة.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات

إعلان