ماذا يعني “اقتصاد حرب”؟ وما تأثيره في المصريين؟ خبراء يجيبون
أطلق رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي تحذيرات قوية بشأن إمكانية تحول مصر إلى “اقتصاد حرب”، في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه إمدادات الطاقة وتأثير الصراعات الإقليمية في الاقتصاد.
هذا التحذير يثير تساؤلات حول طبيعة “اقتصاد الحرب” وتأثيره في حياة المواطنين، ومستقبل الاقتصاد المصري بشكل عام، وكيف يمكن تجاوز هذه الأزمة، أم أنها تدخل في مرحلة جديدة من التحديات الاقتصادية؟
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالسيسي: مصر فقدت 6 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس خلال 8 أشهر (فيديو)
مصر: عجز ميزان المعاملات الجارية يرتفع من 5 إلى 21 مليار دولار خلال عام
من سيناء إلى غزة.. بشائر نهاية المشروع الصهيوني!
وقال مدبولي، في مؤتمر صحفي، أول أمس الأربعاء، إن المنطقة تمر بمرحلة شديدة الاستثنائية لم تمر بها منذ عدة عقود، حتى في الفترات التاريخية التي كانت فيها الدولة طرفا في حروب مباشرة.
ومن أبرز التحديات التي أشار إليها رئيس الوزراء المصري تأثير الأوضاع في المنطقة في الإمدادات اللوجستية لمصادر الطاقة، ليس فقط من حيث السعر، بل أيضا من حيث انتظام وصول الشحنات وتكاليف النقل.
كما حذر مدبولي من احتمال تعرض المنطقة لحرب إقليمية، وهو ما يهدد بتداعيات شديدة قد تؤدي إلى الحاجة للتعامل بـ”اقتصاد حرب”.
وأشار مدبولي إلى أنه رغم الأحداث الأخيرة في المنطقة، لم تتخذ الحكومة إجراءات استثنائية وتم الاستمرار في توفير الطاقة للمصانع، كما تم الحفاظ على استدامة توفير السلع والبنية الأساسية للمواطنين.
تأثيرات الحرب في مصر
تحذيرات مدبولي تأتي في خضم أزمة اقتصادية تعيشها البلاد منذ سنوات تتمثل في نقص العملة الصعبة، وارتفاع الأسعار بشكل كبير، وهبوط في قيمة العملة المحلية وتراجع القوة الشرائية، وزيادة أسعار الخدمات والرسوم والضرائب، وتقليص الدعم.
كما فقدت قناة السويس ما يتراوح بين 50% و60% من إيراداتها، خلال الشهور الـ8 الماضية، وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في وقت سابق، إن بلاده فقدت نحو 6 مليارات دولار أمريكي من إيرادات قناة السويس، بسبب التوترات الجيوسياسية في المنطقة، في إشارة إلى العدوان الإسرائيلي على غزة.
وعدد السيسي الأخطار التي تحيط بالبلاد، مشيرا إلى أن “التطورات الجارية خطيرة على الحدود الغربية (ليبيا) والجنوبية (السودان) والشرقية (غزة)، ومعها قد تتسع رقعة الصراع، فعلينا أن نكون حذرين”.
ما هو اقتصاد الحرب؟
يُعرّف الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل، اقتصاد الحرب بأنه “نظام اقتصادي يهدف إلى تعبئة الموارد والإنتاج لدعم المجهود الحربي. وفي الحالة المصرية، يسعى هذا النظام إلى تحقيق توازن اقتصادي أثناء الأزمات الإقليمية التي قد تؤدي إلى انخفاض بعض الموارد الرئيسية مثل إيرادات قناة السويس والسياحة وتأثيرها على حركة التجارة”.
ويتطلب هذا الوضع، بحسب تصريحات نافع للجزيرة مباشر، أن يتحرك الاقتصاد بشكل مرن يستجيب للظروف الطارئة من خلال تخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءة، واتخاذ مجموعة من الإجراءات المحتملة.
من هذه الإجراءات، حسب نافع، زيادة بعض أنواع الضرائب، لتوفير الموارد اللازمة لتمويل الجهود الحربية، وتوجيه الموارد نحو الصناعات الحيوية والدعم اللوجستي للقوات المسلحة، وفرض المزيد من الإجراءات التقشفية الأكثر صرامة لتقليل الاستهلاك وتوفير الموارد.
إضافة إلى ما سبق، فإنه وفقًا للمصطلح، يتم تحويل بعض الصناعات المدنية إلى الإنتاج لصالح الجهات العسكرية، فيما يسمى “التعبئة الإنتاجية”، وأيضًا زيادة التجنيد وتوجيه القوى العاملة نحو الجبهات أو الصناعات الحربية فيما يسمى “التعبئة العامة”، وفقًا لنافع.
تأثير اقتصاد الحرب في المواطنين
أوضح نافع، الذي شغل سابقا منصب مساعد وزير التموين والتجارة الداخلية، أن تطبيق اقتصاد الحرب يعني بالضرورة تحمل المواطنين تبعات اقتصادية واجتماعية كبيرة، مثل ارتفاع الأسعار، وخصوصا أسعار السلع الأساسية والطاقة، وانخفاض الأجور، وارتفاع معدلات البطالة.
إجراءات استثنائية وقائية
بدوره قال الخبير الاقتصادي الدكتور هاني توفيق إن تصريحات مدبولي تشير إلى “العديد من الإجراءات الاستثنائية حول الإعداد لعواقب نشوب حرب إقليمية في المنطقة في ظل التوترات المتصاعدة في المنطقة المحيطة بالبلاد”.
واعتبر توفيق، في تصريحات للجزيرة مباشر، أن إعلان مدبولي هو جزء من الإعداد النفسي للمواطنين وتهيئة الأجواء للدخول في إجراءات استثنائية نتيجة تراجع بعض الموارد الرئيسية المحتملة مثل قناة السويس والسياحة والضغط على إمدادات الطاقة.