التحول إلى الدعم النقدي.. مخاوف في مصر من انتهاء عصر السلع المدعومة

هل يودّع المصريون بطاقات التموين؟

رفعت الحكومة المصرية سعر رغيف الخبز المدعوم لأول مرة منذ أكثر من 35 عامًا (رويترز ـ أرشيف)

بعد سنوات من التأجيل لاعتبارات سياسية واقتصادية واجتماعية، أعلنت الحكومة المصرية أنها تدرس التحوّل من الدعم العيني إلى الدعم النقدي الذي يستفيد منه نحو ثلثي المصريين، وسط تساؤلات عن أسباب هذا التحول ومخاوف شعبية من نتائجه.

وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، مطلع الشهر الجاري، إن ملف الدعم النقدي وإلغاء الدعم العيني أُحيل للحوار الوطني وسيجري تنفيذ ما يُتفق عليه في الحوار الوطني.

وسبق أن أعلن مدبولي ومسؤولون آخرون في الحكومة المصرية أن ملف الدعم “غير مقبول” الاستمرار فيه بالشكل الحالي، بدعوى ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، وإغلاق الباب أمام أي فساد بمنظومة الدعم.

مسلسل خفض الدعم

وفي مطلع يونيو/حزيران الماضي، رفعت الحكومة المصرية سعر رغيف الخبز المدعوم لأول مرة منذ أكثر من 35 عامًا، من 5 قروش إلى 20 قرشًا بنسبة 300%، ضمن حزمة إجراءات تقشفية تهدف إلى خفض عجز الموازنة العامة للدولة.

ويستفيد نحو 70 مليون مواطن وحوالي 63 مليون من بطاقات التموين، من دعم الخبز الذي تقلص وزنه بنسبة 25% خلال السنوات الماضية.

وطوال السنوات الماضية لجأت الحكومة المصرية إلى تصفية بطاقات التموين أكثر من مرة عبر حذف ملايين الأشخاص الذين قالت إنهم غير مستحقين للدعم.

 

 

نهاية عصر السلع المدعومة

ومع اقتراب موعد التحوّل إلى الدعم النقدي الذي قال مسؤولون مصريون إن الحكومة ستبدأ تطبيقه بشكل تدريجي مع بداية الموزانة الجديدة منتصف العام المقبل، يجهل السواد الأعظم من التجّار الذين يصرفون السلع التموينية آلية هذا التحول.

وهو ما أكده التاجر محمد حسنين للجزيرة مباشر، قائلًا “لا نعلم أي شيء عن خطط الحكومة في كيفية التحول إلى الدعم النقدي ومصير آلاف التجار. وإلى أن يحدث هذا الأمر نعمل بشكل طبيعي”.

ويضيف حسنين، الذي يدير متجرًا لصرف السلع التموينية في إحدى ضواحي مدينة الجيزة، أن النظام الحالي هو خليط بين الدعم النقدي والدعم العيني، حيث يستحق كل فرد 50 جنيها (حوالي دولار واحد) يشتري بها سلعًا مدعومة بأقل من سعر السوق بحوالي 50%. وفي حال التحول إلى الدعم النقدي ستباع بالسعر الحر.

ما الذي توفّره بطاقة التموين؟

توفر بطاقة التموين 50 جنيهًا للمواطن شهريًّا حتى 4 أفراد لكل بطاقة، وما زاد على 4 أفراد يتم صرف 25 جنيهًا (نحو نصف دولار) للفرد. كما توفر الخبز المدعوم بواقع 5 أرغفة لكل فرد يوميًّا بقيمة 20 قرشًا للرغيف.

ويبلغ حجم الدعم الموجه إلى الخبز (يستحوذ على النسبة الكبرى من الدعم) والسلع الغذائية حوالي 135 مليار جنيه (نحو 2.78 مليار دولار).

شعبة المخابز أكدت أنه سيتم تحريك أسعار الخبز بعد رفع سعر المحروقات
يستفيد نحو 70 مليون مواطن من دعم الخبز (رويترز)

مواطنون في مواجهة الغلاء

أمام متجر آخر تقف بعض النسوة لصرف مقررات البطاقات التموينية وفي أيديهن أكياس صغيرة بما تم صرفه، ولا يعلمن شيئًا عن خطط الحكومة للتحول إلى الدعم النقدي إلا ما يتردد على وسائل التواصل الاجتماعي.

تقول إحدى السيدات، وتدعى فتحية وهي في منتصف العقد الثالث، للجزيرة مباشر “لا نعرف شيئًا عن التحوّل النقدي، ولا نعرف ماذا تريد الحكومة من هذا التحول، رغم أن ما نحصل عليه أصبح أقل بكثير قبل عدة سنوات”.

تلتقط سيدة أخرى طرف الحديث لتعبر عن رفضها للدعم النقدي “لا نريد نقودًا، نريد سلعًا أفضل، لأن قيمة النقود تقل مع الوقت وأسعار السلع ترتفع باستمرار، وبالتالي سوف تتلاشى قيمة النقود مع الوقت”.

وتضيف للجزيرة مباشر “كنا نحصل على كميات كبيرة من السلع التموينية قبل سنوات، والآن ما نحصل عليه لا يساعدنا في تحمّل تكاليف الحياة مع ارتفاع الأسعار. نريد من الحكومة أن تراعي ظروفنا الصعبة، كلنا نعاني”.

مصلحة الدولة أم المواطن؟

يُشكل التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي ركيزة أساسية في برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي اتفقت عليه الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي.

يقول عضو لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان المصري سابقًا والخبير الاقتصادي محمد فؤاد إن “بنود الموازنة المصرية تغيّرت على مدار العقد الماضي، مع زيادة حصّة الدَّين وتراجع حصة الدعم كنسبة مئوية من إجمالي الإنفاق، حيث يذهب نحو ثلثي الموازنة إلى سداد الدين والباقي للأجور والدعم والإنفاق”.

ودعا الخبير الاقتصادي في حديثه للجزيرة مباشر، إلى أهمية مراعاة معدلات التضخّم عند تحديد قيمة الدعم النقدي وتعديلها بشكل دوري، وألا يكون اهتمام الدولة منصبًّا على حوكمة الموازنة على حساب المواطن.

وحتى الآن لم تقدّم الحكومة المصرية رقمًا محددًا لمبلغ الدعم النقدي الذي تعتزم التحوّل إليه.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان