عام على حرب غزة.. اقتصاد إسرائيل يفقد زخمه

تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل عدة مرات مع ارتفاع مستوى المخاطر
تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل عدة مرات مع ارتفاع مستوى المخاطر (رويترز)

بعد عام كامل على مواصلة إبادة الفلسطينيين في قطاع غزة، والتي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فقد الاقتصاد الإسرائيلي زخمه الذي ميزه عن اقتصادات أخرى لسنوات طويلة.

ويعاني الاقتصاد الإسرائيلي من تراجع شديد في السياحة، وهروب المستثمرين، وارتفاع في مستوى المخاطر التي يواجهها بشكل أدى إلى نظرة سلية من شركات التصنيف الائتماني لمستقبله.

تخفيض التصنيف الائتماني

وخفضت وكالة (ستاندرد آند بورز) للتصنيفات الائتمانية تصنيف إسرائيل على المدى الطويل من +A إلى A، وذلك بعد أيام قليلة من تخفيض وكالة موديز تصنيف إسرائيل الائتماني، في إشارة واضحة إلى الأزمات التي تواجهها.

وغيّرت وكالة (ستاندرد آند بورز) -من أكبر شركات التصنيف الائتماني في العالم- نظرتها المستقبلية لاقتصاد إسرائيل من مستقرة إلى سلبية.

وأرجعت القرار الصادر، الثلاثاء الماضي، إلى المخاطر الأمنية المتزايدة في ظل تصاعد الاشتباكات مع حزب الله، بالإضافة إلى خطر اندلاع حرب مباشرة مع إيران.

وقبلها خفضت وكالة (موديز) تصنيف إسرائيل الائتماني للمرة الثانية خلال عام 2024، وأبقت على نظرتها المستقبلية السلبية حيال التصنيف.

وكتبت (موديز) في تقريرها أن المحرك الرئيسي لخفض التصنيف هو وجهة نظرنا بأن “المخاطر الجيوسياسية قد تزايدت بشكل كبير، إلى مستويات عالية للغاية، مع عواقب سلبية مادية على الجدارة الائتمانية لإسرائيل في الأمد القريب والبعيد”.

تراجع حاد في السياحة

وتراجعت السياحة الوافدة إلى إسرائيل بأرقام غير مسبوقة منذ قيام إسرائيل عام 1948، بحسب تقرير لصحيفة هآرتس، بفعل الحرب على قطاع غزة والتوترات في الشمال.

وبحسب بيانات مكتب الإحصاء الإسرائيلي عن فترة النصف الأول من عام 2024، بلغ عدد السياح الوافدين نصف مليون، في مقابل مليوني سائح وافد خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بنسبة تراجع بلغت 75%.

وتشكل السياحة 7% من الناتج المحلي الإجمالي أو ما قيمته 36 مليار دولار أمريكي، في وقت تتجه 10% من الفنادق لغلق أبوابها نهائيا بحلول 2025، بحسب تقرير للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية.

ووصلت الأزمة وَفق المركز إلى حد أن شركات تأمين عالمية، وخاصة أوروبية وأمريكية، رفضت في أكثر من مناسبة التأمين على المسافرين إلى إسرائيل.

وتابع المركز “حين يجري الحديث عن نصف مليون سائح، واستنادا إلى تقارير وإحصائيات عبر السنين، فإنه بالإمكان الاستنتاج أن النسبة الأكبر من هؤلاء هم إما أقارب مواطنين، أو سياحة دينية يهودية”.

وكانت آخر مرة سجلت فيها إسرائيل ذروة بالسياحة الوافدة في 2019، حينما بلغ عدد السياح الإجمالي 4.5 ملايين، قبل أن تتلقى السياحة ضربة حادة أسوة بدول العالم في العامين التاليين، بفعل جائحة كورونا.

أمير يارون محافظ بنك إسرائيل المركزي يواجه معضلة مع ارتفاع نسبة التضخم
أمير يارون محافظ بنك إسرائيل المركزي يواجه معضلة مع ارتفاع نسبة التضخم (رويترز)

ارتفاع نسبة التضخم

وبينما كانت إسرائيل تستعد لاتباع قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة، بعد هبوط التضخم دون 3% خلال الشهور الماضية، إلا أن أسعار المستهلك قفزت مجددا.

وبلغ الارتفاع في أسعار المستهلكين سنويا في إسرائيل 3.6% خلال أغسطس/آب الماضي، صعودا من 3.2% في يوليو/تموز المنقضي، مسجلا أعلى مستوياته منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وعجزت السوق الإسرائيلية عن تلبية الطلب على سلع حيوية، منها الخضروات والفاكهة وبعض السلع المعمرة، بسبب أزمة البحر الأحمر، إلى جانب ارتفاع أسعار السكن.

وأرقام التضخم المسجلة في أغسطس الماضي، تعد الأعلى منذ أكتوبر 2023، عندما سجلت في ذلك الوقت 3.7%، وهو أول شهور الحرب الإسرائيلية على القطاع.

هجمات الحوثيين

وشملت الزيادات البارزة في الأسعار، خلال أغسطس، الخضروات الطازجة إذ ارتفعت بنسبة 13.2% بسبب استمرار أزمة الملاحة في البحر الأحمر، وارتفاع تكلفة النقل بنسبة 2.8% وزيادات في مجموعات أخرى بنسبة متباينة.

هجمات الحوثيين في البحر الأحمر أدت لارتفاع الأسعار في إسرائيل مع ارتفاع تكلفة الشحن
هجمات الحوثيين في البحر الأحمر أدت لارتفاع الأسعار في إسرائيل مع ارتفاع تكلفة الشحن (رويترز)

وتضامنا مع غزة، استهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحرين الأحمر والعربي.

ومع تسجيل نسب تضخم مرتفعة تتجاوز هدف بنك إسرائيل البالغ 3%، فإن البنك يواجه أزمة في الاختيار بين خفض سعر الفائدة بهدف تحفيز الاقتصاد أو رفعها للسيطرة على التضخم.

وتواجه إسرائيل مشكلة هروب المستثمرين في قطاع التكنولوجيا الحيوي الذي يمثل أهم القطاعات التي قادت نمو الاقتصاد الإسرائيلي لسنوات طويلة.

وكانت شركة إنتل الأمريكية العملاقة ألغت خططا لتنفيذ توسعة في مصنعها للشرائح الإلكترونية في إسرائيل، التي أعلن عنها رسميا في ديسمبر/كانون الأول 2023، باستثمارات بقيمة 25 مليار دولار في يونيو/حزيران الماضي.

أزمة في قطاع البناء

أما أسعار المساكن التي زادت بنسبة 0.9% على أساس شهري بمؤشر التضخم في أغسطس الماضي، فهي الزيادة الثامنة على التوالي، بينما بلغت الزيادة 5.8% على أساس سنوي.

وارتفعت أسعار المساكن والإيجارات في مناطق عدّة خاصة وسط إسرائيل، لأسباب عدة أبرزها عمليات النزوح من مستوطنات الشمال الحدودية مع لبنان، والنزوح من مستوطنات الجنوب المحاذية لقطاع غزة منذ أكتوبر 2023.

وإلى جانب النزوح من الشمال والجنوب، وأثره في أسعار المساكن والإيجارات، فإن غياب أكثر من 90 ألف عامل فلسطيني في قطاع البناء منذ 7 أكتوبر، أذكى المخاطر من نشوب أزمة نقص عقارات.

وتشير تقديرات لاتحاد المقاولين في إسرائيل أن سوق العقارات قبل الحرب كان يعاني نقصا بـ40 ألف عامل، بينما اليوم فإنه يعاني نقصاً بـ130 ألف عامل، بسبب غياب العمالة الفلسطينية.

المصدر : الأناضول

إعلان