عودة ترامب إلى البيت الأبيض.. هل تحد من استقلالية الاحتياطي الفدرالي الأمريكي؟

“لديَّ حدس أفضل في السياسة النقدية”

مبنى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في واشنطن (رويترز)

مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، قد تواجه استقلالية بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي ضغوطًا تضعف قدرته على مكافحة التضخّم والبطالة بعيدًا عن أي تدخّلات سياسية.

ويفوض الكونغرس الاحتياطي الفدرالي للتصرف باستقلالية في التعامل مع التضخم والبطالة، من خلال التحكم في معدلات الفائدة، لضمان استقرار الأسعار وزيادة التوظيف، ويصر البنك في عمله على عدم إقحامه في الحياة السياسية.

“لديَّ حدس أفضل في السياسة النقدية”

ويرى ترامب أن “الرئيس يُفترض على الأقل أن تكون له كلمته” في السياسة النقدية، وقال “أعتقد أن لديَّ حدسًا أفضل في العديد من الحالات من الذين يديرون الاحتياطي الفدرالي أو رئيسه”.

وشدَّد نائب الرئيس السابق للبنك دون كون، في مقال نُشر بصحيفة (نيويورك تايمز) الشهر الماضي، على أن “السماح للسياسيين الذين لا تتخطى آفاقهم الانتخابات المقبلة بأن تكون لهم كلمة في السياسة النقدية، يولّد تضخمًا وعدم استقرار اقتصاديًّا”.

وعمد ترامب بانتظام خلال ولايته الأولى إلى انتقاد مسؤولي الاحتياطي الفدرالي حين لم يخفضوا معدلات الفائدة بالسرعة التي يطلبها.

ووصل به الأمر إلى التساؤل في تغريدة غاضبة إن لم يكن رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول الذي عيَّنه بنفسه “عدوًّا أسوأ” من الرئيس الصيني.

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلال فعالية انتخابية في بنسلفانيا
الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب (رويترز)

محظور قانونًا

وألمح ترامب قبل إعادة انتخابه إلى أنه قد لا ينتظر انتهاء ولاية جيروم باول على رأس الاحتياطي الفدرالي في مايو/أيار 2026 لعزله من منصبه، قبل أن يعود ويتدارك الأمر.

وسئل باول خلال مؤتمر صحفي، الخميس الماضي، إن كان يمكن أن يستقيل من منصبه بشكل مبكر، فأجاب بصورة قاطعة “لا”. وحين سئل عن احتمال إرغامه على التنحي، أكد أن هذا “محظور بموجب القانون”.

تعيين مجلس المحافظين

وأوضحت كاثي بوستيانشيتش، كبيرة الاقتصاديين في شركة ناشونوايد للتأمين، أن “هناك قواعد وقوانين، والاحتياطي الفدرالي يحمي نفسه من هذا النفوذ السياسي”.

ورأت أنه في ضوء “النفوذ الهائل” الذي يتمتع به رئيس الاحتياطي الفدرالي، فإن الرئيس المقبل الذي سيختاره ترامب “قد يبدل الديناميكية واستقلال السياسة النقدية”.

من جانبه، يرى ديفيد ويلكوكس، الخبير الاقتصادي في معهد بيترسون للاقتصاديات الدولية ومدير البحث الاقتصادي للولايات المتحدة في بلومبرغ، أن “الطريقة التقليدية الأولى التي يمكن لترامب أن يؤثر فيها على سياسة الاحتياطي الفيدرالي” هي عبر استخدام صلاحياته في تعيين أعضاء مجلس محافظي البنك الجدد حين تنتهي ولاية الأعضاء الحاليين التي تستمر 14 عامًا.

وتابع أن “ما يثير المخاوف هو احتمال أن يمضي أبعد من هذا النهج”.

وسيكون أول استحقاق في هذا السياق في يناير/كانون الثاني 2026 مع شغور أول منصب محافظ، وقال ستيف إنغلادنر الخبير الاقتصادي لدى ستاندارد تشارترد “سيتمكن ترامب من تعيين الشخص الذي يريده في هذا المنصب الشاغر”.

منتهى الجدية

وتخضع تعيينات مجلس محافظي البنك الفدرالي لموافقة مجلس الشيوخ، وهو ما يطمئن إلى حد ما، حسب رأى إنغلاندر.

وقال الخبير “لا يمكن اختيار اسم بصورة اعتباطية وطرحه على مجلس الشيوخ، فيتم تثبيته في اليوم التالي والتصويت عليه في اليوم الثالث”، مؤكدًا أن أعضاء المجلس “يأخذون دورهم بمنتهى الجدية”.

وقالت كاثي بوستيانشيتش إنه حتى لو كانت التعيينات سياسية “سيكون هناك على الدوام عدد كبير من المحافظين والرؤساء المحليين للاحتياطي الفدرالي الذين لم يعيّنهم الرئيس ترامب”.

غير أن سكوت بيسينت، المقرَّب من ترامب والذي يُطرح اسمه لتولي وزارة الخزانة، طرح فرضية “رئيس ظل” للاحتياطي الفدرالي، في مقال نشرته مجلة فوربس في 15 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ورأى أنه بهذه الطريقة “لن يكترث أحد فعليًّا لما يقوله جيروم باول”، في حين أوردت المجلة أن ترامب لم يعلّق على هذه الفكرة.

المصدر : الفرنسية

إعلان