ارتفاع إيجارات المنازل في تركيا أزمة تؤرق المواطنين والمغتربين
أصبح ارتفاع أسعار إيجارات المنازل في تركيا، خلال السنوات الأخيرة، أزمة تؤرق المواطنين والمغتربين على حد سواء، في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة، في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة التركية تحقيق توازن بين كبح التضخم وضمان استقرار الإيجارات.
ووفقًا لبيانات معهد الإحصاء التركي عن شهر ديسمبر/كانون الأول 2024، زادت عقود الإيجار السكنية بنسبة 60.45% بناءً على متوسط مؤشر أسعار المستهلك لمدة 12 شهرًا، وذلك مقارنةً بشهر نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsتراجع التضخم في تركيا إلى 71.6% على أساس سنوي وارتفاع العجز التجاري
سحب الجنسية التركية
لماذا تسعى تركيا لعضوية البريكس الآن؟!
وعند المفاضلة بين شهرين من نفس العام، كانت الزيادة خلال يوليو/تموز 25%، أما في شهر سبتمبر/أيلول فسجلت نسبة 60.45%، مما شكل فجوة كبيرة في سوق الإيجارات، نتيجة هذا الارتفاع الكبير، بينما صدر تحليل عن “Global Property Guide” في أغسطس/آب 2024 ذكر أن الأسعار الحقيقية تراجعت بنسبة 19% بناءً على معدلات التضخم.
تأثير التقلبات الاقتصادية
يرى خبراء أن أزمة ارتفاع أسعار الإيجارات قد تصاعدت منذ منتصف عام 2023 عقب الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب البلاد في فبراير/شباط من نفس العام، والذي تسبب في تضرر عشرات الآلاف من الوحدات السكنية وألقى بآثاره على ملايين الأشخاص.
وقال المستشار العقاري إِمره بيه، للجزيرة مباشر، إن التقلبات في سوق إيجارات المساكن تعكس أزمة مزدوجة نتيجة قلة العرض وارتفاع الطلب، إضافة إلى تزايد أعداد اللاجئين والمغتربين بعد حرب أوكرانيا، مشددًا على ضرورة مراقبة التقلبات الاقتصادية المستمرة واتخاذ قرارات مدروسة من قبل المستأجرين والملاك.
وكان معهد الإحصاء التركي قد ذكر أن 27.2% من الأتراك يعيشون في مساكن بالإيجار؛ مما يعني أن أكثر من ربع السكان يتأثرون بشكل مباشر بارتفاع أسعار الإيجارات.
إيجارات المنازل تلتهم الرواتب
السيدة أنوار جوكالي، مواطنة تركية تعمل في أحد المحال التجارية براتب يقدر بحوالي 25 ألف ليرة تركية (نحو 720 دولارا)، قالت إنها كانت تدفع 12 ألف ليرة شهريًّا (نحو 350 دولارا)، مقابل شقة من غرفتين وصالة في منطقة شيشلي الراقية بإسطنبول، ومع انتهاء عقد الإيجار السنوي، رفع المالك السعر إلى 21 ألف ليرة (نحو 620 دولارا).
وأوضحت أنوار للجزيرة مباشر أن العائدات الشهرية للعقار -مبلغ شهري يُدفع لإدارة المبنى- ارتفعت إلى 1700 ليرة (نحو 50 دولارا)، إضافة إلى فواتير الخدمات التي تبلغ نحو ألفي ليرة (58 دولارا)؛ مما يعني أن تكاليف السكن تلتهم راتبها الشهري.
وفي نفس السياق، أشار هاكان أران، المدير التنفيذي لبنك إيش التركي، خلال تصريح للصحفيين في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، إلى أن نصف رواتب الموظفين يُنفق على الإيجار؛ مما يضطر البعض إلى مغادرة منازلهم واستئجار منازل بديلة بسبب ارتفاع الإيجارات.
كما أظهرت البيانات الرسمية أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في تركيا انخفض إلى 47.09% في نوفمبر/تشرين الثاني، بينما ارتفع التضخم الشهري إلى 2.24%، متجاوزًا التوقعات، وكان التضخم السنوي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي قد سجل 48.58%.
أزمة إيجارات السكن تلاحق المغترب والزائر
وحول تفاصيل إيجار شقة من غرفتين، قال يوسف، وهو من جنسية عربية، إن أول إيجار كان له في تركيا عام 2022 بسعر 8 آلاف ليرة تركية (آنذاك كانت القيمة بالدولار نحو 450 دولارا)”.
وأضاف للجزيرة مباشر “أصبح السعر الآن 18 ألف ليرة تركية (530 دولارا)، وقد حصلنا على هذا السعر بعد إلحاح على صاحب الشقة الذي استجاب وخفض السعر من 21 ألف ليرة (620 دولار) إلى 18 ألفا”.
أما الزائر محمد هاشم، وهو سوري يحمل الجنسية الألمانية، فقد أوضح أن أزمة الإيجارات في تركيا طالت السياح والزوار، مشيرا إلى إنه صُدم من دفع 180 دولارا أمريكيا لليلة واحدة في شقة (غرفة) أثناء استجمامه في ولاية أنطاليا بجنوب تركيا، بعد أن كانت التكلفة تتراوح بين 50 دولارا و100 دولار قبل عامين؛ مما يعكس الارتفاع الكبير في الأسعار.
حلول وسياسات نقدية
من جهتها، سعت الحكومة التركية لضبط سوق العقارات، إذ دخل قرار منع دفع الإيجارات نقدًا في تركيا حيز التنفيذ في أكتوبر 2024، حيث يُطلب من المستأجرين السداد عبر البنوك أو خدمة البريد “PTT”، ويشمل القرار فرض غرامات على المخالفين.
كما أعلن وزير الخزانة عن خطط لإنشاء صناديق استثمار عقاري لزيادة المعروض من المساكن وتخفيض الأسعار.
وتعليقا على القرار الحكومي بدفع الإيجارات لأصحاب المنازل من خلال البنوك، أكد كينان نيمر، وهو مدير مبيعات في إسطنبول، أن تطبيق قرار الدفع عبر البنوك قد يقلل التلاعب بالأسعار، ويخفف العبء عن الأسر ذات الدخل المحدود.
وأضاف نيمر للجزيرة مباشر “هناك دول تقدم نماذج ملهمة لمعالجة أزمة الإيجارات، من خلال سن قوانين صارمة للحد من الزيادات مثل ألمانيا، كما توفر سنغافورة مساكن بأسعار رمزية للمواطنين، وهي حالة نحن بحاجة لها في سبيل وقف هذا النزيف”.