يؤثر في 63 مليون مواطن.. الدعم النقدي يثير جدلا واسعا في مصر.. هل تكفي 6 دولارات شهريا للفرد؟
في إجراء يمس حياة نحو 63 مليون مواطن ووسط حالة من الجدل والترقب تستعد الحكومة المصرية للتحول من الدعم العيني إلى النقدي بقيمة لا تتجاوز 300 جنيه للفرد شهريا (6 دولارات تقريبا)، وذلك على وقع ظروف معيشية ضاغطة.
د/مها عبد الناصر @MahaAbdelNasser أثناء مناقشة قانون الضمان الاجتماعي و الدعم النقدي :
القانون جيد و لكن الشيطان يكمن في التفاصيل والتطبيق هو الأهم#المصري_الديمقراطي_الاجتماعي pic.twitter.com/b2GG7eQAGV— Egysdp (@EsdpEgy) December 1, 2024
وأمام أحد منافذ السلع التموينية بمنطقة الجيزة يتواصل الجدل بين المستفيدين الذين يتكرر سؤالهم عن الاستحقاقات المقبلة.
ويقول حسن عدوي، للجزيرة مباشر، إن الخلاف هذه المرة مع الموزع ليس في أسعار السلع ولا في المتاح، ولكن عن الصرف أو عدمه مستقبلا.
ويشكو عدوي من عدم كفاية ما يصرف، في حين يعتبر ربيع أبو المجد -وهو معلم أزهري بالمعاش- أن التحول إلى الدعم النقدي لا يبشر بالخير ويقول للجزيرة مباشر إن باب التلاعب سيظل مفتوحا في غياب الرقابة.
لكن في مقابل ذلك يعتبر أشرف خليل -وهو محاسب بوزارة الصحة- أن الدعم النقدي سيوفر الدعم لمستحقيه قائلا للجزيرة مباشر إن تقليل حلقات الفساد مطلوب بشدة، وإن المهم هو ثبات الأسعار. وأضاف “الدعم سيتلاشى إذا استمر انفلات الأسعار”.
وتصر أم مصطفى -وهي موظفة بهيئة التأمينات- على التمسك بالدعم السلعي ملمحة للجزيرة مباشر إلى إمكانية هدر المبلغ المصروف فيما لا يفيد من جانب الأسرة في حالة وجود خلافات عائلية أو ارتفاع الأسعار، واعتبرت أن إلغاء الدعم العيني قد يكون الخطوة الأخيرة قبل رفعه نهائيا.
وتنضم علياء جميل -وهي ربة منزل- إلى الحديث قائلة بالعامية المصرية “الفلوس ملهاش قيمة”.
تبرير حكومي
وتعلن الحكومة حسب الصحف المحلية أن التحول إلى الدعم النقدي سيبدأ تدريجيا خلال أسابيع مشيرة إلى أن التطبيق قد ينطلق من محافظتين أو 3 محافظات.
وتشير إحصاءات حكومية إلى أن عدد المستفيدين من الدعم التمويني حاليا يقدر بنحو 63 مليون، وهو ما يشكل عبئا ضخما على الميزانية، ويتطلب “حوكمة ضرورية” لضبط الأمور.
وتنفق مصر نحو 370 مليار جنيه (نحو 7.4 مليارات دولار) على الدعم المباشر وفقا لبيان موازنة 2024/ 2025، تذهب 36% منها لدعم الغذاء، ويستفيد حوالي 10 ملايين من منظومة دعم الخبز.
ويرى صندوق النقد الدولي -الذي ينفذ مع مصر برنامج قرض جديدا بقيمة 8 مليارات دولار، أن خفض الدعم يوفر مساحة للحماية الاجتماعية.
ويحمل محمد عامر، الباحث الاقتصادي بجامعة القاهرة، تداعيات انهيار قيمة الجنيه المسؤولية عن اتجاه الحكومة للتخلص من دعم الفقراء قائلا للجزيرة مباشر إنها خطوة تأخرت كثيرا لرفع العبء عن الموازنة. لكن عامر يقر بخطورة المساس بدعم الفقراء ويطالب بأن يكون الدعم مواكبا لقيمة العملة.
كما طالب الحكومة بردع المتلاعبين، وتوقع زيادة القوة الشرائية للمواطن الذي يفضل الادخار. ولفت إلى أن العديد من دول العالم تحولت إلى الدعم النقدي تحقيقا للعدالة وضبطا لأداء الحكومة المالي وتقليصا للهدر والفساد عبر موزعي السلع. وأشار عامر إلى تقديرات حكومية بأن نحو 50% من الدعم العيني لا يصل إلى المستحقين.
ويرفض الموزع التمويني حماد الجوهري اتهامات التلاعب، لكنه يعترف للجزيرة مباشر بوجود هامش لتحريك أسعار بعض السلع. واعتبر الجوهري أن القانون لن يكون مفيدا لمستحقي الدعم.
ويرى فخري الفقي، رئيس لجنة الموازنة بمجلس النواب، أن الدعم النقدي يعد أكثر حوكمة لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه موضحا بتصريح صحفي أن دعم الخبز في العام المالي الحالي يبلغ 98 مليار جنيه (1.96 مليار دولار تقريبا). وأوضح أن كل فرد سيحصل على حوالي 200 جنيه (نحو 4 دولارات) شهريا فضلا عن 100 جنيه (نحو دولارين) دعما للخبز.
كما تشير التقديرات الحكومية المقدمة للبرلمان إلى أن تحويل الدعم المقدر بـ630 مليار جنيه (نحو 12.6 مليار دولار) إلى نقدي سيسمح بضخ 6 مليارات جنيه في شرايين الاقتصاد.
الفئات المستحقة
وطبقا لتوجه كشفت عنه المناقشات البرلمانية بشأن توحيد منظومة الدعم وفي اتجاه مواز دفعت الحكومة بقانون الضمان الاجتماعي معلنة أنه يتضمن مواد تضمن وصول الدعم النقدي إلى مستحقيه بخلاف الدعم النقدي البديل للسلع التموينية، وذلك من خلال تعريفات محددة للفقر ومعايير إحصائية لرصد مستوى الأسرة والفرد، وكذلك الفقرات المتعلقة ببرنامج “تكافل وكرامة”.
وحدد القانون الفئات المستحقة لصرف الدعم النقدي غير المشروط ضمن برنامج “تكافل وكرامة” وهي:
1- الشخص ذو الإعاقة.
2- المريض بمرض مزمن شديد.
3- المسنّ المقيم بمفرده أو مع أسرته أو في مؤسسات الرعاية.
4- المرأة غير المعيلة.
5- اليتيم.
وتنص المادة 3 من قانون الضمان الاجتماعي على أن يكون لكل مواطن تحت خط الفقر ولا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي، الحق في الحصول على الدعم النقدي متى توافرت في شأنه حالة من حالات الاستحقاق، ولكل غير قادر على إعالة نفسه وأسرته، وفي حالات العجز عن العمل والشيخوخة.
كما تسري أحكامه على رعايا الدول الأخرى المقيمين بمصر “بشرط معاملة المصريين، فيما يتعلق بالدعم النقدي والعيني، في تلك الدول بالمثل”. ويشترط ألا يقل عمر الأبناء عن 4 سنوات، وبحد أقصى طفلان.
وتنص المادة 4 من مشروع القانون على أن يتم تحديد درجة الفقر للأفراد والأسر بناء على خريطة الفقر، والمؤشرات الدالة عليه، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون درجات الفقر، والإجراءات المتبعة للمراجعة والتحقق والتدقيق في نتائج الاستحقاق وإعادة النظر في قيمة الدعم كل ثلاث سنوات.
وحسب بيان حكومي فإن سعر الخبز المدعم لم يتم تحريكه منذ أكثر من 30 عاما بينما تبلغ تكلفة الرغيف الواحد على الدولة 1.25 جنيه وهي تبيعه بـ20 قرشا بعد أن كان بـ5 قروش حتى يونيو/حزيران الماضي.