أحدهم اقترح بيع الديون للبنك المركزي.. رجال أعمال بارزون يفنّدون سياسات مصر الاقتصادية
حذّروا من آثارها
وجّه مجموعة من أبرز رجال الأعمال في مصر انتقادات حادة للسياسات الاقتصادية التي تتبعها حكومة بلادهم في الوقت الحالي، وحذّروا من تأثيراتها السلبية، وقدموا مقترحات لمعالجة الأزمات الاقتصادية القائمة، وذلك خلال لقاء جمعهم مع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، مساء الأربعاء.
ورأى هشام طلعت مصطفى، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجموعة طلعت مصطفى القابضة، أن رفع سعر الفائدة في مصر ليصل إلى 32% في الوقت الحالي “يشكّل ضغطًا كبيرًا على الهياكل التمويلية لشركات القطاع الخاص، التي اقترضت من البنوك على أساس أن سعر الفائدة في حدود 13 أو 14%”، مطالبًا بأخذ هذه المشكلة على محمل الجدية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبشرط موافقة المجلس التنفيذي.. صندوق النقد يتوصل إلى اتفاق مع مصر يتيح صرف 1.2 مليار دولار
مصر.. أكثر من 9 ملايين يعانون من سوء التغذية وسط تحذيرات من تفاقم الأزمة
استمرار ارتفاع الأسعار في مصر بالعام الجديد
وتساءل مصطفى عن مدى قدرة شركات القطاع الخاص على الاستمرار في ظل الارتفاع الكبير في سعر الفائدة، الذي يعني زيادة كبيرة في تكلفة القروض التي حصلت عليها هذه الشركات لتمويل استثماراتها.
“ندفع فاتورة لا ذنب لنا فيها”
ووصف مصطفى الوضع القائم بأنه “يجبر القطاع الخاص على دفع فاتورة لا ذنب له فيها”، مشيرًا إلى أنه يتم رفع سعر الفائدة لمكافحة التضخّم، بينما لم يتسبب القطاع الخاص فيه.
وأوضح مصطفى أن التضخم يرجع لأسباب، لا علاقة لها بالقطاع الخاص، مثل رفع أسعار الطاقة وتحريرها، والزيادة الكبيرة في السيولة.
وطالب مصطفى بتشكيل لجنة لدراسة تأثير رفع سعر الفائدة على الهياكل التمويلية للشركات والمصانع، وتأثيرها في الجهاز المصرفي نفسه، وعلى ميزانية الدولة التي سوف تتراجع عائداتها إذا توقفت شركات القطاع الخاص عن العمل وتسديد الضرائب.
وأشار مصطفى إلى أن الدولة تسعى لمواجهة النقص في المعروض من الدولار عن طريق جذب الاستثمارات الأجنبية، لكن المشكلة أن المستثمر الأجنبي لا يريد ضخ أمواله في مصر ليجد أن عائداته تراجعت بعد فترة، بسبب تراجع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار، مؤكدًا أن عددًا من القادة في دول مختلفة تحدثوا معه عن مخاوفهم من الاستثمار في مصر لهذا السبب.
اختناق قطاع البناء
وحذّر أحمد عز رئيس “مجموعة حديد عز”، من حالة “الاختناق” التي يعيشها قطاع البناء والتشييد في مصر، مشيرًا إلى ضعف النمو المتوقع للاقتصاد المصري، والذي من المفترض أن يكون في حدود 3.5% العام المقبل، وتأثيره السلبي على قطاع البناء.
وأشار إلى أن قطاع البناء في مصر كان ينمو بضعف معدلات النمو الإجمالية للاقتصاد المصري، ويعوّض النمو الضعيف في قطاعات أخرى مثل الزراعة لقلة المياه.
وأضاف أن أبرز مؤشر لنمو قطاع البناء والتشييد هو استهلاك الحديد والأسمنت، موضحًا أن استهلاك الحديد في مصر بلغ 9.9 ملاين طن عام 2010، لكن تراجع في آخر 3 سنوات ليصل إلى حوالي 6.5 ملايين طن.
وقارن عز مصر مع دول أخرى ذات عدد كبير من السكان، مثل فيتنام وتركيا، مشيرًا إلى أن استهلاكها سنويًا من الحديد يزيد عن 12 مليون طن نظرًا لنمو قطاع البناء بها.
وأشار عز إلى أن أحد أبرز أسباب ضعف النمو في قطاع البناء والتشييد هو أن “حوالي 70% من سكان مصر ممنوع عليهم البناء حاليًا”.
وطالب عز الحكومة المصرية بالعودة إلى توظيف الخريجين، مشيرًا إلى أن “القطاع الخاص يواجه موضوعات متشعبة دولية تتطلب إمكانيات مختلفة لدى الجهاز الإداري بالدولة”.
وتحدّث عز عن تراجع عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة إلى نحو 3.5 ملايين عامل، فيما كان عددهم أكثر من 6 ملايين عامل منذ سنوات قليلة.
10 تريليونات جنيه ديون داخلية
وتناول رجل الأعمال المصري حسن هيكل في حديثه أحد أبرز المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد المصري في الوقت الراهن، وهي ارتفاع الدين العام المحلي، الذي من المنتظر أن يصل خلال أشهر عدة إلى 10 تريليونات جنيه مصري (الدولار يساوي نحو 51 جنيها).
وأوضح هيكل أن هذا الدين الهائل، مع سعر فائدة يتجاوز 30%، يشكل عبئًا هائلًا على الموازنة العامة للدولة، إذ تبلغ الفائدة وحدها مبلغ 3 تريليونات جنيه سنويًا، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية لا تمتلك الموارد اللازمة لسداد هذا الدين وفوائده بحيث تصل إلى حالة من التوازن في ماليتها العامة.
وأضاف أن الدين العام الخارجي يصل، طبقًا لما هو معلن في ميزانية الدولة، إلى 140 مليار دولار، موضحًا أن هذا يعني فوائد تبلغ 15 مليار دولار سنويًا تمثّل عبئًا آخر على موازنة الدولة.
بيع الديون للبنك المركزي
واقترح هيكل أن تبيع الموازنة العامة الديون المستحقة عليها للبنك المركزي المصري، الذي يمكن أن يؤسس صندوقًا لهذا الغرض، يمتلك كل الأصول في مصر.
وأوضح أن هذا يعني أن ديون مصر الداخلية ستكون صفرًا، مؤكدًا أن هذا ما حدث في دول أخرى مثل اليونان وإسبانيا.
وقال هيكل إن البنك المركزي الأوروبي اشترى من كل البنوك الديون المستحقة عليها في اليونان، بهدف تخليصها من الدين العام المحلي ومساعدتها على توجيه مواردها لمجالات أخرى كالصحة والتعليم.
“فترة شديدة الصعوبة”
وعلق مدبولي بأن مثل هذا الاقتراح تم التفكير فيه من قبل، لكن البنك المركزي لم يتمكن من تطبيقه.
وأوضح مدبولي أن إجمالي الديون المصرية حاليًا يصل إلى 152 مليار دولار، وأن الدولة سددت 39 مليار دولار خلال عام 2024، مضيفًا أن سداد هذا الدين “كان هذا مصدر قلق شديد لكن الحكومة سدّدت كل التزاماتها، وستكون المبالغ المستحق في السنة القادمة أقل”، دون تحديد قيمتها.
وقال مدبولي إن “الظروف حاليًا غير طبيعية”، مشيرًا إلى ارتفاع نسبة التضخم في أوروبا وأمريكا، مؤكدًا أن هذه فترة “شديدة الصعوبة على الجميع”.
وكان المتحدث باسم الرئاسة المصرية محمد الشناوي قال، الخميس، إن مصر خسرت نحو 7 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس خلال عام 2024 نتيجة تراجع الملاحة في البحر الأحمر.
أزمة اقتصادية واسعة
وتعاني مصر أزمة اقتصادية واسعة من أبرز ملامحها العجز الكبير في المعروض من النقد الأجنبي نتيجة العجز في الميزان التجاري، الذي يوضح الفارق بين الصادرات والواردات السلعية، علاوة على الحاجة لسداد أقساط القروض وفوائدها.
ووقّعت مصر اتفاقا مع صندوق النقد الدولي في شهر مارس/آذار الماضي لزيادة قيمة القروض والتسهيلات الائتمانية التي تحصل عليها من الصندوق إلى 8 مليارات دولار.
وأعلن الصندوق، الأربعاء، أنه توصّل إلى اتفاق على مستوى الخبراء يتيح صرف دفعة أخرى من القرض للحكومة المصرية بقيمة 1.2 مليار دولار.
ويطالب الصندوق الحكومة المصرية بتنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي يتضمن رفع الدعم عن الطاقة والسلع الأساسية مثل الخبز بهدف تخفيض النفقات العامة في موازنة الدولة التي تعاني من عجز هائل.
كما يطالب الصندوق بترك سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار لتحدده قوى العرض والطلب، ما يعني عمليا السماح بتخفيض قيمة الجنيه المصري، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة تكلفة الخامات ومستلزمات الإنتاج المستوردة، وبالتالي زيادة أكبر في مستوى التضخم الذي بلغ نحو 29%، طبقًا لبيانات البنك المركزي المصري.