أزمة الدولار تتفاعل في مصر وتحذيرات من الإجراءات الأمنية
تعاني مصر أزمة اقتصادية طاحنة، يعد نقص السيولة وشحّ العملات الأجنبية واختلاف سعر صرف الدولار بين البنوك والسوق الموازية من أبرز مظاهرها.
ويبلغ السعر الرسمي للدولار في البنوك المصرية 30.9 جنيها مصريا، في حين يبلغ متوسط سعره في السوق الموازية (السوداء) نحو 65 جنيهًا، وكان قد تعدى 70 جنيهًا خلال الفترة الأخيرة.
ومنذ بداية الشهر الجاري، شنّت الأجهزة الأمنية في مصر حملات لضبط تجار العملة بـ”السوق السوداء”.
وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الخميس، استمرار مختلف أجهزة الدولة المصرية في اتخاذ ما يلزم من خطوات وإجراءات من شأنها أن تُسهم في توفير السلع بالكميات والأسعار المناسبة، وكذا جهود ضبط الأسواق تلبية لاحتياجات ومتطلبات المواطنين.
ونشرت الجريدة الرسمية في مصر أول أمس الخميس تعديلات قانون بشأن تأمين وحماية المنشآت والمرافق العامة والحيوية في الدولة، بعد تصديق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على التعديلات التي وافق عليها مجلس النواب، نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي.
وتضمنت التعديلات التي جاءت في مشروع القانون، إخضاع جميع الجرائم التي تقع على المنشآت والمرافق العامة والحيوية وكافة أنواع الخدمات، للقضاء العسكري.
كما جاء في تقرير لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، أن مشروع القانون منح ضباط القوات المسلحة وضباط الصف الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير الدفاع، سلطة الضبط القضائي لتنفيذ أحكام القانون.
وأكدت وزارة الداخلية المصرية، في بيان أمس الجمعة، عبر حسابها على (إكس)، ضبط 54 قضية اتجار في العملات الأجنبية المختلفة بقيمة مالية تقدر بنحو 17 مليون جنيه.
#وزارة_الداخلية.
إستمراراً للضربات الأمنية لجرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى والمضاربة بأسعار العملات عن طريق إخفائها عن التداول والإتجار بها خارج نطاق السوق المصرفى ، وما تمثله من تداعيات سلبية على الإقتصاد القومى للبلاد..فقد أسفرت جهود قطاع الأمن العام بالإشتراك مع… pic.twitter.com/QlbmddeuDB— وزارة الداخلية (@moiegy) February 9, 2024
وقبلها أعلنت الداخلية، الخميس، ضبط 42 قضية اتجار في العملات الأجنبية المختلفة بقيمة مالية تقدر بنحو 13 مليون جنيه.
إستمراراً للضربات الأمنية لجرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى والمضاربة بأسعار العملات عن طريق إخفائها عن التداول والإتجار بها خارج نطاق #السوق_المصرفى وما تمثله من تداعيات سلبية على الإقتصاد القومى للبلاد.
فقد أسفرت جهود قطاع الأمن العام بالإشتراك مع الإدارة العامة لمكافحة… pic.twitter.com/8GC51MUAYS— وزارة الداخلية (@moiegy) February 8, 2024
وامتدت الإجراءات الأمنية بحسب شهادات مواطنين عبر تسجيلات متداولة ومنشورات عبر منصات التواصل الاجتماعي، إلى نشر وزارة الداخلية كمائن لتفتيش السيارات على الطرق وسؤال راكبيها عما إذا كانوا يحوزون عملات أجنبية، ومصادرتها عند وجودها والقبض على حائزيها.
كما تحدث شهود عن اقتحام الأجهزة الأمنية منازل وشركات ومصانع للبحث عن العملات الأجنبية ومصادرتها، ولو كان أصحابها قد حصلوا عليها بطرق مشروعة.
وأدت الحملات الأمنية إلى خفض قيمة الدولار في السوق السوداء لعدة أيام ليصل إلى 55 جنيها مقابل الدولار قبل أن يعود الارتفاع مرة أخرى ليصل إلى 65 جنيها حاليا.
خدوا من واحد صاحبي ٢٥ الف دولار امبارح عند بوابه القاهرة اسكندرية و من امبارح مش عارفين عنه حاجة
بيسرقونا وش— حساب الحاج صاحب (X) و أولاده (@almuhag00362661) February 8, 2024
“بتطفش الاستثمار”
وحظيت الإجراءات الأمنية لمواجهة ما سمّته وسائل إعلام مصرية “حيتان دولار السوق السوداء” باهتمامات رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
وحذر رجل الأعمال المعروف نجيب ساويرس في منشور له عبر حسابه على منصة إكس مما سمّاه “الإجراءات البوليسية” في التعامل مع أزمة الدولار.
نصيحة لوجه الله … عمر الإجراءات البوليسية ما بتحل اي مشكلة اقتصادية بل بالعكس بتطفش الإستثمار ! الإجراءات الجديده و قرار الضبطية القضائية للجيش خلط بين دور الشرطة و الجيش و يمتد الي القضاء المدني و العسكري … كذلك القبض علي كل واحد معاه دولارات سيؤدي الي نتائج عكسية …اللهم اني…
— Naguib Sawiris (@NaguibSawiris) February 9, 2024
أزمة خانقة
وتعاني مصر أزمة اقتصادية خانقة تتمثل في نقص السيولة وشحّ العملات الأجنبية وارتفاع معدلات التضخم وزيادة غير مسبوقة في معدلات الاستدانة، حيث كشفت بيانات البنك المركزي، أن الدين الخارجي للبلاد وصل إلى نحو 165 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران 2023.
وغيرت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية منتصف شهر يناير/كانون الثاني الماضي نظرتها المستقبلية لمصر من “مستقرة” إلى “سلبية”، مشيرة إلى المخاطر المتزايدة المتمثلة في استمرار ضعف الوضع الائتماني للبلاد وسط صعوبة إعادة التوازن للاقتصاد الكلي وسعر الصرف.
واستبعد بنك “جي بي مورغان” الأمريكي، مصر من سلسلة مؤشراته للسندات الحكومية للأسواق الناشئة بدءًا من 31 يناير/كانون الثاني الماضي.
وكانت الحكومة المصرية تهدف لجذب استثمارات في أدوات الدين المصرية من خلال الحصول على اعتماد مؤشر جي بي مورغان للأسواق الناشئة.
ضربات موجعة
وتلقى اقتصاد مصر المتدهور بالفعل ضربة موجعة نتيجة التراجع الحاد في الإيرادات بعد الهجمات التي شنها الحوثيون باليمن على سفن الشحن التي أدت إلى تحويل الملاحة التجارية بعيدًا عن قناة السويس.
وأصبحت معظم المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية، وهي صادرات الغاز الطبيعي والسياحة وتحويلات العاملين في الخارج ومؤخرا قناة السويس، تحت ضغط شديد.
وتحتاج مصر إلى العملة الأجنبية ليس فقط لاستيراد السلع الأساسية، بل أيضًا لسداد 189.7 مليار دولار من الديون الخارجية، تراكم معظمها في السنوات الـ10 الماضية.
ومن المقرر سداد ما لا يقل عن 42.26 مليار دولار من الديون هذا العام، على الرغم من توقّع محللين إرجاء سداد بعض هذه المبالغ إلى فترات لاحقة.
وهوت تحويلات المصريين العاملين في الخارج بمقدار 9.85 مليارات دولار في السنة المالية التي انتهت في 30 يونيو/حزيران ثم انخفضت 1.93 مليار دولار أخرى في الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول، وفقا لأرقام البنك المركزي.
وتراجعت صادرات الغاز الطبيعي بملياري دولار على أساس سنوي في الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول 2023 وفقا لبيانات البنك المركزي.
وتباطأت السياحة التي حققت رقما قياسيا بلغ 13.63 مليار دولار في السنة المالية 2022-2023 ثم 4.45 مليارات دولار في الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول.