كلها كارثية.. سيناريوهات حرب غزة وتداعياتها على الاقتصاد الإسرائيلي

لن تعود الأوضاع لما كانت عليه قبل الطوفان

توقعات كارثية للاقتصاد الإسرائيلي بعد طوفان الأقصى
توقعات كارثية للاقتصاد الإسرائيلي بعد طوفان الأقصى (Shutterstock)

ذكرت دراسة حديثة نشرها معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل، أنه في الشهر العاشر بعد طوفان الأقصى، تقف إسرائيل عند مفترق طرق فيما يتعلق باستمرار القتال في قطاع غزة والحملة الأوسع ضد إيران و”محور المقاومة”، وأن كل قرار بشأن المستقبل سيكون له عواقب اقتصادية كبيرة، خاصة بالنظر إلى أن عجز الميزانية لعام 2024 من المتوقع أن يتجاوز بشكل كبير التوقعات التي تقوم عليها ميزانية الدولة الحالية.

ويتفاقم الوضع الاقتصادي بسبب تأثير الحرب على الإنفاق الدفاعي، والنمو الاقتصادي، والاستثمار الأجنبي المباشر في إسرائيل، وتصنيفها الائتماني، وغير ذلك من المعايير الأساسية التي يتم الاستناد إليها في قياس المرونة الاقتصادية لإسرائيل.

الأضرار قائمة في كل السيناريوهات

تناولت الورقة ثلاثة سيناريوهات تبدأ من استمرار الوضع الحالي، أو تصعيد في الشمال، أو حرب واسعة النطاق، متعددة الجبهات:

السيناريو الأول: استمرار الوضع الحالي

حيث تواصل إسرائيل الحرب بدرجات متفاوتة من الشدة في قطاع غزة، بينما يستمر القتال على الجبهة الشمالية بصيغته الحالية القائمة على تبادل يومي لإطلاق النار، دون أي تصعيد كبير.

السيناريو الثاني: التصعيد في الشمال

والذي من شأنه أن يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في البلاد، ومن الصعب التنبؤ إلى أين قد يؤدي مثل هذا التصعيد الذي بدأته إسرائيل.

وقد يتطور الأمر إلى حرب واسعة النطاق على الجبهة الشمالية ويُصبح متعدد الجبهات، بمشاركة إيران وعناصر أخرى من محور المقاومة في سوريا والعراق، واليمن وإيران، بالإضافة إلى ترسانة حزب الله من الصواريخ والقذائف.

السيناريو الثالث: الهدنة

ويقوم على توقيع اتفاق على أساس الصفقة المقترحة لإطلاق سراح الأسرى، ووقف القتال في غزة بصيغته الحالية، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، وهذا الوضع من شأنه أن يؤدي أيضاً إلى وقف القتال على الحدود الشمالية؛ وفي الأمد القريب بعد ذلك، قد يكون من الممكن التوصل إلى اتفاق ينسحب بموجبه حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، مما يسمح لسكان شمال إسرائيل بالعودة إلى منازلهم.

وترى الدراسة أن لكل سيناريو من هذه السيناريوهات آثار استراتيجية واقتصادية مختلفة، حيث يتم تقييم الآثار الاقتصادية في كل سيناريو، مع مراعاة أربعة متغيرات اقتصادية رئيسية هي النمو الاقتصادي (أي معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي)، عجز الميزانية، نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي؛ ونسبة المخاطر (التي تمثل الفجوة بين سعر الفائدة على سندات الحكومة الإسرائيلية بالدولار ونظيرتها الأمريكية).

حيث يشير الفارق الأكبر إلى قلق المستثمرين الأكبر بشأن قدرة إسرائيل على سداد ديونها.

لن تعود الأوضاع لما كانت عليه قبل الطوفان

انتهت الدراسة إلى عدد من النتائج، من بينها، أنه لا يوجد فرق كبير بين سيناريو استمرار الوضع الحالي وسيناريو إنهاء الحرب، حتى لو انتهت الحرب في صيف عام 2024، فإننا لا نتوقع أن نشهد نموًا كبيرًا في الناتج المحلي الإجمالي أو انخفاضًا في العجز هذا العام، لكن من المتوقع حدوث تحول كبير في عام 2025، حيث ستتحسن إمكانات النمو بشكل كبير.

لكن سيظهر التأثير الاقتصادي الفوري لإنهاء القتال بشكل رئيسي على مؤشر المخاطر. فالأسواق الدولية تعاقب دائمًا عدم اليقين وتكافئ الجهود المبذولة لإنهاء الصراع. لذلك من المتوقع أن تكون علاوة المخاطر قريبة من 2٪، في حين أن إنهاء الصراع من شأنه أن يخفضها إلى أقل من 1.5٪.

ومن ناحية ثانية، أنه حتى في حالة التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في الشمال والجنوب والهدوء التام، فمن الصعب تصور وضع تعود فيه نسبة المخاطر في إسرائيل إلى مستويات ما قبل الحرب حيث كانت 0.7% فقط.

وإذا كانت إسرائيل ما زالت قادرة على اجتذاب المستثمرين، فإن التكلفة التي سوف تضطر إلى دفعها للمقرضين لتحمل المخاطر قد زادت بشكل كبير، وسوف تؤدي إلى زيادة بند سداد الديون في الميزانية الوطنية في السنوات المقبلة.

مظاهرة في تل أبيب بسبب البطالة وتدهور الأوضاع الاقتصادية
مظاهرة في تل أبيب بسبب البطالة وتدهور الأوضاع الاقتصادية (رويترز)

ومن ناحية ثالثة، إن الانخفاض المتوقع في النمو في جميع السيناريوهات، مقارنة بالتوقعات الاقتصادية قبل الحرب، وزيادة الإنفاق الأمني، من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم خطر الركود، مما يؤدي إلى مشاكل اقتصادية تشبه العقد الضائع في أعقاب حرب يونيو/ حزيران 1967.

وسوف يتطلب هذا الوضع تخفيضات إضافية في مختلف الوزارات الحكومية، مع تقليص التمويل للتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والبنية الأساسية، والتي تهدف إلى تحسين الإنتاجية الاقتصادية في إسرائيل.

ومن ناحية رابعة، إن مجرد زيادة عجز الموازنة قد يؤدي إلى تفاقم الوضع، وينبغي أن يقترن ذلك باستكشاف خيارات أخرى قبل اللجوء إلى زيادات ضريبية لا مفر منها.

وكخطوة أولى، ينبغي للحكومة أن تٌعيد تقييم أولوياتها وتقضي على الإنفاق غير الضروري الذي لا يدعم النمو والمجهود الحربي، بدءاً بإغلاق المكاتب الحكومية غير الضرورية وإلغاء مخصصات الموازنة القطاعية التي لا تعزز إنتاجية العمل والنمو الاقتصادي.

ومن ناحية خامسة، أنه بصرف النظر عن السيناريوهات، فإن هناك زيادة كبيرة متوقعة في الإنفاق العسكري الإسرائيلي في المستقبل المنظور، ولابد من التحكم في هذه الزيادة، لأن أي زيادة كبيرة في الميزانية قد تتحول بسهولة إلى إهدار للمال وعدم كفاءة.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع إسرائيلية

إعلان