مولد بلا حلوى.. المصريون يواجهون الغلاء بالاستغناء

محل لبيع حلوى المولد النبوي في مصر
محل لبيع حلوى المولد النبوي في مصر (الجزيرة مباشر)

داخل خيمة من “الساتان” اللامع، انتظرت الحاجة زينب محاطة بعشرات العرائس والحلوى الملونة قدوم الزبائن لشراء حلوى موسم المولد النبوي، لكن رغم المنظر المبهج للخيمة المزينة المنصوبة وسط سوق شهير في حي المقطم شمالي مصر، بدا المكان خاليًا ومرت دقائق ولم يأت أحد للشراء.

تقول زينب، إن أسعار الحلوى المرتفعة هذا العام هي السبب في هذا العزوف، وتصف هذه الأيام في الأعوام السابقة “قبل الغلاء” أنها كانت تشهد “هجومًا” من الزبائن لشراء حلوى المولد النبوي التي اعتاد المصريون شراءها وتبادلها كهدايا في هذه الذكرى الدينية.

متولي، صاحب مصنع للحلوى يقول إن هذا “أسوأ” موسم لحلوى المولد النبوي مر عليه على الإطلاق، وهو الذي يعمل في هذه المهنة هو وأجداده منذ عشرات السنين، ولم يتصور أن يكون الغالب على الزبائن هم من يشترون بالقطعة أو بالنصف كيلو بدلًا من شراء علب كبيرة.

وترجع زينب سبب ارتفاع أسعار الحلوى إلى ارتفاع أسعار الخامات، ليتخطى سعر كيلو السكر قبل موسم المولد النبوي حاجز الـ35 جنيهًا (الدولار يساوي 48.5 جنيهًا) بينما يصل سعر بعض أنواع المكسرات إلى أكثر من ألف جنيه.

محل لبيع حلوى المولد النبوي في مصر
محل لبيع حلوى المولد النبوي في مصر (الجزيرة مباشر)

تأثير أسعار الطاقة

يختلف متولي، مع زينب حول سبب ارتفاع الأسعار، حيث يقول إن سعر السكر تحديدًا لم يختلف سعره كثيرًا عن العام الماضي، وإنما يعد هذا العام أكثر انضباطًا، لكن عوامل أخرى كارتفاع سعر الغاز والكهرباء المستهلكة في عملية التصنيع، بالإضافة إلى ارتفاع أجر العمال أو “المصنعية” متأثرًا بارتفاع أسعار المعيشة ككل.

ويتراوح سعر علبة الحلوى في الأسواق الشعبية ما بين 125 جنيهًا إلى 200 جنيه مصري (نحو 4 دولارات)، بينما كان يتراوح سعر العلبة نفسها العام الماضي بين 85 و100 جنيه.

الأسعار رغم ارتفاعها عن العام الماضي تبدو مقبولة إذا ما قيست بالحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص الذي أقرته وزارة العمل على أن يطبق بداية مايو/أيار الماضي وهو 6 آلاف جنيه بدلًا من 3500 جنيه في السابق.

لكن على أرض الواقع فإن الكثير من المشغلين والشركات تبدأ رواتبها من 3 آلاف جنيه، حسب صلاح محمد مسؤول اتحاد للشاغلين بأحد التجمعات السكنية، الذي يقول إن هذا هو راتب أفراد الأمن لديهم، بل وأحيانًا يصل ما دون ذلك، كما تؤكد أمينة صاحبة محل لبيع الملابس أنها تدفع لموظفة تعمل لديها لـ10 ساعات يوميًا وتتقاضى 2000 جنيه، حيث يعتمد العمل على اتفاق شفاهي لا يلزم أيًا من الطرفين بعقد مكتوب.

“السوق نايم”

على “فرشة” أخرى، في سوق المقطم، لم يختلف الحال كثيرًا، فبين برهة وأخرى يمر أحد الزبائن يسأل عن الأسعار ثم يغادر دون أن يشتري، الوضع الذي اختزله أحمد البائع المسؤول عن الفرشة في كلمة “السوق نايم” موضحًا أنه بالرغم من أن الحلوى المعروضة تصنع له خصيصًا ولا يشتريها عبر وسيط لضمان الجودة والسعر المناسب، لكنها رغم ذلك تصل إلى المستهلك بسعر يعدّه أغلب الزبائن مرتفعًا، ما تسبب في ركود البضاعة.

يشير متولي، إلى أنه كان يتحسب لهذا الموسم، وصنع بالفعل كميات أقل مما صنعه الموسم الماضي، ورغم ذلك فإن الإقبال جاء أقل مما كان متوقعًا، وهو بمراقبته لحركة البيع في المحال يقول إنها شبه خالية خاصة تلك المحال التي تشتري منه.

ويتوقع صاحب مصنع الحلوى أن يزداد الإقبال نسبيًا مع اقتراب يوم المولد النبوي، خاصة وأنه مع نهاية الموسم يبدأ التجار في تخفيض الأسعار، وعمل “عروض وتخفيضات” لإنهاء ما لديهم من بضاعة، ويوضح أن ما يتبقى يعود إلى المصنع مع نهاية الأسبوع، فيقوم المصنع بتوزيعه على أماكن يمكنها بيع الحلوى خارج الموسم، مثل محطات القطارات، أو الباعة المتجولين في موالد الأولياء التي تقام في المحافظات المختلفة.

محل لبيع حلوى المولد النبوي في مصر
محل لبيع حلوى المولد النبوي في مصر (الجزيرة مباشر)

المحال الفاخرة

لم يكن الحال داخل محال الحلوى الفاخرة “نسبيًا” التي تقبل عليها الطبقة المتوسطة يشبه الحال في الخيام المفروشة بالشارع، ففي محل مزين بالثريات يرطبه هواء المكيفات البارد كان الإقبال أكثر على شراء الحلوى، التي عرضت منها كميات كبيرة بأصناف تقليدية وأصناف حديثة.

وتتراوح أسعار الحلوى في المحال الشهيرة بين 200 جنيه وحتى 1900 جنيه حسب الحجم والأصناف التي تحتوي عليها العلبة.

بينما يتراوح سعر قطعة الملبن والحلويات التي تمزج بين السكر والمكسرات بين 35 و50 جنيهًا، بينما القطع المكونة في أغلبها من المكسرات كالبندق واللوز فيبلغ سعرها 100 جنيه للواحدة.

حلول بديلة

تقف عزيزة، في مطبخها في هذا الموسم من كل عام لتحضر حلوى المولد كما تعلمتها من قنوات للطبخ على “يوتيوب”، تعمل على صهر السكر وتحميص المكسرات ومزج الجيلاتين بالنشا وألوان الطعام، لتخرج لأسرتها بألوان من حلوى المولد تقول إنها ألذ من الجاهزة، وكانت تفضلها كخيار أضمن وأوفر من الشراء.

لكنها حينما أرادت شراء المكونات لصنع الحلوى هذا العام وجدت أن أسعار المكسرات صارت فوق طاقتها، فبعدما كان يكلفها الكيلو الواحد للمكسرات أقل من 400 جنيه، صار يتخطى الكيلو الواحد من اللوز مثلًا الـ800 جنيه، ما دفعها للعزوف عن صناعة حلوى المكسرات المفضلة لها هذا العام، وقررت الاكتفاء بصنع بعض الملبن لإشباع حالة “الاشتياق” لحلوى المولد ولإحياء الموسم المحبب لها.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان