بين قفزات الأسعار وطمأنات المسؤولين.. هل تتجه مصر نحو فقاعة عقارية في 2025؟

تقديرات حكومية تتحدث عن حاجة مصر لنحو 200 ألف وحدة سنويا
تقديرات حكومية تتحدث عن حاجة مصر إلى نحو 200 ألف وحدة سكنية سنويا (الجزيرة مباشر)

مع بدايات عام 2025 بدا السوق العقاري في مصر عند مفترق طرق، حيث تتزايد الأسعار بشكل غير مسبوق، وتُتوقّع نسبة ارتفاعات فيها قد تتجاوز 35%، مع تحذيرات خبراء من السقوط في الفقاعة العقارية رغم المحاولات الحكومية لتهدئة الجميع.

والفقاعة العقارية هي ظاهرة تنتج عن ارتفاع أسعار العقارات بشكل سريع يتجاوز قيمتها الحقيقية متأثرة بزيادة الطلب، والمضاربات، والسيولة المالية الزائدة، نتيجة تسهيل القروض العقارية. ومع تسارع الزيادات يصل السوق إلى نقطة تشبع وتتجمد الحركة العقارية، فتنفجر تلك الفقاعة، وينهار السوق، وتتضاعف خسائر المستثمرين والمُلّاك.

الفقاعة العقارية وخطر الاحتكارات

يتوقع الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام حدوث فقاعة عقارية بمصر، موضحا أن احتمالاتها قوية لأسباب عدة، من أبرزها تآكل القدرة الشرائية لدى أغلب المصريين مع القفزات المتواصلة بمعدلات التضخم، وزيادة أسعار السلع والخدمات، وتوجيه الجزء الأكبر من الدخول لتغطية النفقات المعيشية من مأكل ومسكن وعلاج.

ورأى عبد السلام، في تصريحات للجزيرة مباشر، أن زيادة أسعار الفائدة بمعدلات كبيرة لدى البنوك سحبت جزءا من المدخرات نحو القطاع المصرفي وليس القطاع العقاري “باعتبار أن البنوك أكثر أمنا، وتقدم أسعار فائدة أعلى وعوائد مجزية”.

وأضاف: “أسعار العقارات مبالغ فيها، حيث شهدت قفزات كبيرة في السنوات الأخيرة، وهو ما يجعلها غير جاذبة للاستثمار مع تراجع حدودها لصالح أدوات استثمار أخرى شبه آمنة مثل الودائع المصرفية”.

وحذر عبد السلام من أن الاحتكارات التي يشهدها سوق العقارات “وسيطرة بعض الجهات النافذة، ونفخ الأسعار بها يدعم احتمالية حدوث فقاعة مع زيادة المعروض من قبل تلك الجهات المتحكمة في الأسعار إلى جانب مؤسسات الدولة”.

المدن الجديدة أضافت المزيد من الوحدات السكنية
المدن الجديدة أضافت المزيد من الوحدات السكنية (الجزيرة مباشر)

العقار حصان رابح

يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة مصر للعلوم عصام الجوهري أنه “لا خوف من حدوث فقاعة عقارية في مصر“، مؤكدا للجزيرة مباشر أن هناك طلبًا حقيقيًّا للعقار.

وأشار الجوهري إلى أن المناطق الساحلية تشهد إقبالًا غير متوقع على المشروعات العقارية التي يتم طرحها، معتبرًا أن طلب الوحدات السكنية في مصر لن يتوقف بسبب الزيادة السكانية، إضافة إلى شيوع ثقافة الادخار عبر الاستثمار العقاري، قائلا: “العقار حصان رابح ومخزن جيد للقيمة”.

أجواء الفقاعة وفوائد البنوك

في اتجاه مختلف رأى محمود أبو السعود، وهو مطور عقاري، في حديثه للجزيرة مباشر أن مصر تعيش حاليا أجواء الفقاعة، موضحا أن الأزمة بدأت بركود كبير بسبب ارتفاع الأسعار، لكنه أرجع ذلك إلى ما سماه الارتفاع الرهيب في أسعار مواد البناء وأجور العمال.

واعتبر أبو السعود أن الطلب الظاهر للوحدات السكنية ذات الأسعار الخيالية في مناطق الساحل الشمالي وغيرها لا يعبر عن السوق، قائلا: “الطبقة التي تستثمر مدخراتها هناك لا تمثل جموع المصريين”.

وأضاف أن دخول الدولة على خط الاستثمار العقاري عقّد الأزمة وصعّب الشراء على المتوسطي الدخل وهم الشريحة الكبرى، بجانب أن ضعف التمويل وزيادة مشتريات الأجانب أجلا انفجار الفقاعة وأنعشا السوق بعض الوقت.

ولفت أبو السعود إلى أن تسعير الوحدات حاليًّا يرتبط بمشكلة أخرى تتعلق بمستوى فوائد البنوك التي تصل إلى 32% سنويًّا، وهي نسبة لا يمكن للشركات تحملها.

الملاك يشكون من ارتفاع أسعار وحدات الإسكان الحكومي
الملاك يشكون من ارتفاع أسعار وحدات الإسكان الحكومي (الجزيرة مباشر)

صعوبات التسويق

كشف ناصر دياب، وهو مسوق عقاري أيضا، في حديثه للجزيرة مباشر عن صعوبات متزايدة في التسويق، مشيرًا إلى أن سياسة الإلحاح على المستهلك ومطاردته بالإعلانات والاتصالات الهاتفية أثبتت فشلها وكشفت عن تراجع الطلب بشكل كبير.

وأن المبالغة في إطالة مدة التقسيط لتصل إلى أكثر من 10 سنوات مع مضاعفة قيمة الفائدة ترتبت عليها أسعار خيالية تفوق القدرة الشرائية لأغلب المشترين.

وتوقع دياب ارتفاعات في الأسعار بنسب تتراوح بين 25% و35% خلال عام 2025، مشيرا إلى أن سعر صرف الجنيه يؤدي دورا مهما في تحديد تلك النسبة مع استمرار الطلب المرتفع على الشراء، باعتبار أن العقار يظل ملاذا آمنا للادخار رغم صعوبات إعادة البيع.

ويقول هاني عليوة، وهو محاسب بإحدى شركات الاتصالات، للجزيرة مباشر، إنه رغم كثرة المعروض في سوق العقارات فإن الأسعار تواصل الارتفاع مما يُصعب الموقف ويقلل الاختيارات.

وقال عليوة للجزيرة مباشر: “حتى وحدات الإسكان الحكومي دخلت سباق الأسعار”.

الحكومة المصرية تستصدر قانونا جديدا للعقارات يزيد متاعب المواطن
الحكومة المصرية تستصدر قانونا جديدا للعقارات يزيد متاعب المواطن (غيتي)

طمأنة حكومية

اعتبر وزير الإسكان شريف الشربيني أن هدوء الطلب لا يعني بالضرورة وجود فقاعة، مشيرا إلى أن العقار من أهم وسائل الاستثمار، وقال إن مصر تحتاج إلى إضافة ما يزيد على 200 ألف وحدة سكنية سنويًّا لتلبية احتياجات المواطنين.

وتشير التقديرات الحكومية إلى أن المطورين العقاريين باعوا ما قيمته 800 مليار جنيه (نحو 15.8 مليار دولار) في عام 2023، مقارنة بـ476 مليار جنيه (9.4 مليارات دولار) في 2022 بارتفاع نسبته 68%.

كما يساهم القطاع العقاري والأنشطة المرتبطة به بنسبة 20% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، ويتوقع أن ينمو حجم سوق العقارات السكنية إلى 30.34 مليار دولار بحلول عام 2028 بنسبة نمو سنوي تصل إلى 10.96%.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان