مصر.. أسباب متعددة وراء تجدد أزمات صناعة الدواجن وبيض المائدة

أمام منفذ حكومي لبيع السلع بأسعار مخفضة بوسط القاهرة، وقف علي حسين -فني تمريض بأحد معامل التحاليل الطبية الخاصة- حائرا في شراء جانب من متطلبات أسرته من الدواجن قبل حلول شهر رمضان.
وروى حسين للجزيرة مباشر، بقدر لافت من الضيق، معاناته لتوفير نصف المطلوب من احتياجات أسرته، قائلا إنه يترقب وعودا حكومية بخفض الأسعار بلا جدوى.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsرغم الإعلان عن تسهيلات.. لماذا تهرب الشركات من مصر؟
مخاوف من تجريم حيازة الدولار في مصر وهؤلاء هم أبرز المتضررين
ترقب رسمي وشعبي للعوائد الدولارية.. متى تستعيد قناة السويس عافيتها؟
ولفت حسين إلى أنه لا يعرف الكثير عن أزمة قطاع الدواجن لكن “المؤكد أنها مرض مزمن”.
ويتوالى ارتفاع أسعار الدواجن وبيض المائدة خلال الأشهر الأخيرة في مصر، وترتبك السوق، وترد الحكومة باستيراد كميات إضافية لتهدئة الطلب المتزايد في حل يبدو مؤقتا.
وتعليقا على ذلك، قال الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب للجزيرة مباشر إنه لا يجزم بارتباط الأزمة هذه المرة بالاستيراد أو الإفراج عن الأعلاف من الجمارك، قائلا “منذ نحو عام وليست لدينا أزمة في استيراد الأعلاف”.

نفوق الدواجن
وبينما يبدو الاستيراد بعيدا هذه المرة عن تعقيد أزمة قطاع الدواجن في مصر، أشار الباحث بقطاع الإنتاج الحيواني في المركز القومي للبحوث الزراعية طارق يوسف إلى معوقات الإنتاج والتوزيع التي تسهم في تفاقم الأزمة.
وقال يوسف للجزيرة مباشر إن نشاط الفيروسات يبلغ الذروة في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، بما يعرّض مربّي الدواجن لخسائر فادحة، ويتسبب في نفوق من 25 إلى 50% من الدواجن.
وأوضح يوسف أن قطاع الدواجن يعاني هذه الأوقات بسبب فيروسات متحورة شديدة العدوى، مشيرا إلى أن الأزمة تتعقد بارتفاع تكلفة التدفئة لتتجاوز قيمتها 20 جنيها لكل طائر (الدولار يعادل نحو 51 جنيها).
كما لفت إلى أن الأمصال والأدوية المستوردة تكلّف أيضا أكثر من 30 جنيها لكل طائر.

أغلب مدخلات الإنتاج بالدولار
واختزل حنفي ربيع -صاحب مزرعة دواجن بمنطقة القليوبية بالقاهرة الكبرى- الأزمة بصعوبة توفير الأعلاف، قائلا للجزيرة مباشر إن الأعلاف تمثل 70% من تلك الصناعة.
وأبدى ربيع أسفه لأن مصر تستورد المكوّن الرئيسي لغذاء الدواجن من الذرة الصفراء وفول الصويا، موضحا أن طن الأعلاف يباع بنحو 25 ألف جنيه بما يرفع السعر للمستهلك. وطالب ربيع بدعم حكومي للمنتجين، قائلا “غير معقول أن تكون صناعة الدواجن بمدخلات إنتاج 70% منها مستوردة بالدولار”.
وفي سياق آخر، لفت رئيس شعبة الدواجن باتحاد الغرف التجارية عبد العزيز السيد إلى أن السبب يتركز في استيراد مصر نحو 80% من مستلزمات الإنتاج من الذرة، و95% من الصويا. وأوضح أن الأزمة تضخمت بنهاية 2022، بسبب شح الدولار لاستيراد الأعلاف، بما انعكس على الأسعار التي كانت عام 2022 تتراوح من 29 إلى 32 جنيها، ثم تجاوزت حاليا 100 جنيه للكيلوغرام.
ارتفاع سعر البيض
كما زاد سعر عبوة بيض المائدة (30 بيضة) إلى 50 جنيها عام 2022 قبل أن يقفز إلى 180 جنيها حاليا “نتيجة ارتفاع الدولار وجشع التجار”، حسب تصريح رئيس شعبة الدواجن لصحف محلية، مشيرا إلى أن الصناعة توفر نحو 75% من البروتين الحيواني في مصر.
وتحدَّث أستاذ اقتصاديات الزراعة بمعهد الإنتاج الحيواني أسامة زعتر للجزيرة مباشر عن صعوبة حل الأزمة، بسبب إسناد الأمر إلى من وصفهم بغير المتخصصين وأصحاب المصالح.
وقال زعتر إن المستهلك يدفع ثمن “المشروعات الفاشلة وإهدار مستلزمات الإنتاج”.
وأضاف ساخرا “إذا كان سعر الكتكوت قد تجاوز قيمة الدولار الواحد، فكيف إذا أصبح دجاجة؟”.
وتوقع زعتر أن تستمر الأزمة بلا حل إذا استمر التعامل معها بالأسلوب نفسه، داعيا إلى الاستماع لمن سمّاهم “أهل الصناعة” من منتجين وموزعين، وتحقيق الاكتفاء من الأعلاف.
وطبقا لتقديرات الهيئة العامة للخدمات البيطرية، تبلغ استثمارات قطاع الدواجن في مصر أكثر من 100 مليار جنيه، بينما يبلغ إنتاج القطاع التجاري نحو 1.4 مليار طائر سنويا.
وتنتج مصر نحو 14 مليارا من بيض المائدة سنويا، ويصل متوسط نصيب الفرد من لحوم الدواجن إلى نحو 21 كيلوغراما سنويا، ونحو 130 بيضة سنويا. ويعمل في قطاع الدواجن أكثر من 5 ملايين شخص.