اكتفاء ذاتي من القمح وفائض للتصدير.. كيف بدل العراق معادلة الأمن الغذائي في المنطقة؟
إنجاز استثنائي رغم تحديات المناخ

رغم التحديات الكبيرة التي تواجه القطاع الزراعي في العراق، ولاسيما بسبب التغيرات المناخية وشح الموارد المائية، تمكنت وزارتا التجارة والزراعة من تحقيق إنجاز مهم للعام الثالث على التوالي، من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي لمحصول القمح، والذي يُعد من السلع الإستراتيجية التي تمثل ركيزة للأمن الغذائي في البلاد.
وتحدث مسؤولان عراقيان، للجزيرة مباشر، عن الجهود الحكومية المبذولة لضمان استمرار هذا النجاح، بما في ذلك استراتيجيات التسويق والدعم للمزارعين، والتوجه نحو تصدير الفائض من الإنتاج لدعم المبادرات الإقليمية للأمن الغذائي.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبعد تقارير عن معدلات نفوق مرتفعة.. القصة الكاملة لـ”ذعر الدواجن” في مصر
انتحار المزارعين.. ظاهرة تتفشى في الهند وهذه هي الأسباب (فيديو)
لماذا يرغب شباب كثيرون في الهجرة من بريطانيا؟ وما الدول التي يفضلونها؟
اكتفاء ذاتي للعام الثالث على التوالي
وقال محمد حنون، المتحدث باسم وزارة التجارة العراقية، إن العراق حقق للعام الثالث على التوالي الاكتفاء الذاتي من محصول القمح المنتج محليًا، بعد أن رفع أسعار استلام المحصول من المزارعين هذا العام، ما ساهم في تحفيز المزارعين وزيادة الإنتاج المحلي.
وأضاف حنون، في تصريحاته للجزيرة مباشر “هذا الإنجاز يعزز الأمن الغذائي الوطني لمادة القمح، والتي تُعد من السلع الاستراتيجية والمحورية ضمن منظومة الأمن الغذائي العراقي”.
وتابع قائلا “منذ نحو 3 سنوات، أوقف العراق استيراد القمح من الخارج بالكامل، معتمدًا بشكل كامل على الإنتاج المحلي الذي يسوّق عبر الفلاحين، مع وجود توجه حكومي لدراسة إمكانية تصدير الفائض إلى دول الجوار”.

خطة حكومية لتحفيز المزارعين
وفيما يخص أسعار استلام القمح من المزارعين، أوضح حنون أن وزارة التجارة تسلم المحصول عبر مراكز تسويقية منتشرة في جميع المحافظات، بسعر 850 ألف دينار (649 دولارا أمريكيا) للطن الواحد للأراضي المزروعة باستخدام الميكنة الحديثة، و800 ألف دينار (610 دولارا أمريكيا) للطن الواحد للأراضي المروية بطرق الري التقليدية.
كما أشار حنون إلى أن الوزارة وضعت خطة ضمن البرنامج الحكومي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من محصولي القمح والأرز العراقي (العنبر)، مؤكدًا أن السنوات الثلاث الماضية شهدت نجاح هذه الخطة بشكل ملحوظ، مع استمرار الحكومة في استلام الأرز المحلي وتوزيعه على المحافظات.
“تصدير الفائض” بانتظار القرار
ولفت حنون إلى أن قرار تصدير الفائض من القمح ينتظر إقراره من مجلس الوزراء، موضحًا أنه لدى وزارة التجارة صندوق لدعم التصدير يعمل على مساندة المصدرين العراقيين في مختلف القطاعات، وخصوصًا القطاع الزراعي، بنسبة دعم تصل إلى 30%، لتشجيع تصدير المنتج العراقي.
من جانبه، أكد وكيل وزارة الزراعة العراقية، مهدي الجبوري، أن العراق أعلن رسميًا تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح لهذا العام، مع وجود فائض يُقدَّر بحوالي مليوني طن سيُطرح للتصدير ضمن مبادرة الأمن الغذائي العربي التي أُطلقت في قمة بغداد.

مواجهة التحديات منذ 2020
وأشار الجبوري في تصريحات للجزيرة مباشر، إلى أن القطاع الزراعي في العراق واجه تحديات كبيرة منذ عام 2020، تمثلت في التغيرات المناخية وقلة المياه وارتفاع درجات الحرارة، ما أدى إلى تقليص المساحات المزروعة بنسبة 50%.
وبين المسؤول الحكومي أن الخطة الزراعية انخفضت من خمسة ملايين دونم عام 2019-2020 إلى مليوني دونم فقط في 2023، ما انعكس سلبًا على إنتاج المحاصيل الاستراتيجية والأعلاف والخضروات.
وأكد أن الحكومة دعمت المزارعين بتبني تقنيات الري الحديثة وتوزيع منظومات الرش المدعومة بنسبة 30% من قيمتها، بفترة استرداد تصل إلى 10 سنوات. وأضاف أن الوزارة وزعت أكثر من 13 ألف منظومة ري حديثة في عامي 2023 و2024، ما ساهم في زيادة الإنتاج وترشيد استهلاك المياه.
ورغم تقليص الخطة الزراعية، أوضح الجبوري أن الإنتاج حقق زيادة ملحوظة، حيث تم تسويق أكثر من 5 ملايين و400 ألف طن من القمح في 2023، وأكثر من 6 ملايين و300 ألف طن في 2024، بما يغطي كامل احتياج البطاقة التموينية للعراق، والمقدر بين 4 و4.5 ملايين طن سنويًا.
تحويل التحديات المناخية إلى فرصة نجاح
وأشار إلى أن العراق بدأ بتصدير الرتب العليا من بذور القمح، والذرة الصفراء، والشعير إلى الدول العربية بأسعار تنافسية، ما يمثل طفرة نوعية في تصدير الفائض.
وختم الجبوري بالتأكيد على أن نجاح التجربة العراقية نال إشادة كبيرة من الدول العربية، حيث صدر العراق في عام 2024 حوالي 1.5 طن من المحاصيل الزراعية كالتمور والخضروات، مشددًا على أن التحديات المناخية وشح المياه تم تحويلها إلى فرصة نجاح للقطاع الزراعي، مع تبني الزراعة الحديثة التي ساهمت في زيادة الإنتاج وترشيد استهلاك المياه.
وقبل أن يعلن العراق الاكتفاء الذاتي من القمح كان الاستهلاك السنوي للبلاد من القمح يتراوح بين 4.5 إلى 5 ملايين طن، وفق وزارة التجارة العراقية.
وبحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) فقد استورد العراق عام 2020/2021 نحو مليونين ونصف مليون طن من القمح.