هل تستغني مصر عن الغاز الإسرائيلي؟ وما البدائل المتاحة؟

سفينة غاز طبيعي مستورد بميناء الإسكندرية
سفينة غاز طبيعي مستورد بميناء الإسكندرية (مواقع إلكترونية)

أثارت التقارير الإعلامية الإسرائيلية التي تحدثت عن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعليق اتفاقية تصدير الغاز لمصر جدلا واسعا في الأوساط السياسية والاقتصادية في مصر.

وقالت صحيفة (يسرائيل هيوم) الإسرائيلية، مطلع الشهر الجاري، إن نتنياهو وجَّه بعدم المضي في اتفاق الغاز الضخم مع مصر من دون موافقته الشخصية، لافتة إلى أنه يبحث مع وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين مسألة المضي في الاتفاق من عدمه، متهما مصر بانتهاك اتفاقية “كامب ديفيد” عبر إدخال قوات إضافية إلى سيناء في ظل الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.

وبدت هذه التصريحات بمثابة تهديد لصفقة ضخمة جرى الإعلان عنها قبل أقل من شهرين، تبلغ قيمتها 35 مليار دولار، وتقضي بتزويد إسرائيل مصر بـ130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي حتى عام 2040، مع رفع الكميات المصدرة من 4.5 مليارات متر مكعب سنويا إلى 12 مليارا.

في المقابل، تسعى القاهرة إلى تنويع مصادرها في مجال الطاقة، حيث وقعت أخيرا ثلاث اتفاقيات جديدة مع شركات عالمية للتنقيب عن البترول والغاز في الصحراء الغربية وخليج السويس وشمال سيناء، بإجمالي استثمارات تتجاوز 121 مليون دولار.

مخاطر جيوسياسية

ويرى خبراء الطاقة أن الاعتماد على مصدر واحد في بيئة مضطربة يعظّم الأخطار، إذ قد يؤدي أي توقف مفاجئ في الإمدادات إلى تعطل قطاعات حيوية مثل الكهرباء.

وقال خبير الطاقة الدكتور محمد سليم، للجزيرة مباشر، إن الالتزامات الطويلة الأجل تحد من مرونة السياسات، وتؤثر سلبا في ميزان المدفوعات، في ظل غياب سوق محررة للغاز بتسعير شفاف.

وأكد سليم أن مصر قادرة على الاستغناء عن الغاز الإسرائيلي على المديين المتوسط والطويل، من خلال تعزيز قدراتها الإنتاجية والإبقاء على مسارها باعتبارها مركزا إقليميا للطاقة، دون أن تدفع ثمنا باهظا.

وتشمل الاتفاقيات الجديدة حفر عشرات الآبار وتقديم منح توقيع بأكثر من 30 مليون دولار، إضافة إلى توقيع 11 اتفاقية أخرى، وتحقيق 49 كشفا جديدا للنفط والغاز، وتنفيذ خطة لحفر 71 بئرا استكشافية.

ضمان الاستدامة

يرى خبراء أن ملف الطاقة في مصر يُعَد من ركائز الأمن القومي، مما يدفع الحكومة المصرية إلى تعظيم الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة.

وأوضحت الدكتورة وفاء علي، أستاذ الاقتصاد وخبيرة أسواق الطاقة، أن ضمان الاستدامة هو “سكة السلامة الوحيدة” لتأمين مستقبل الطاقة في مصر، في ظل التوترات الدولية التي جعلت من الطاقة أداة ضغط رئيسية.

وقالت خبيرة أسواق الطاقة للجزيرة مباشر إن الدخول في شراكات دولية متنوعة يحمي مصر من تقلبات السوق المرتبطة بالصراعات، ويتماشى مع التوجه العالمي نحو الطاقة المتجددة، كما أن ضخ استثمارات جديدة من القطاعين المحلي والعربي يمثل ضمانة لاستمرار المشروعات القومية، وعدم الارتهان إلى مصدر واحد للطاقة.

البدائل المتاحة

في حال تجميد إسرائيل لصفقة الغاز، يؤكد الخبراء أن لدى مصر بدائل عدة، بعضها قصيرة المدى مثل إطلاق برنامج لحفر آبار تعويضية، وصيانة الآبار الحالية وفق جداول زمنية محددة، وبعضها متوسطة وطويلة المدى: تحفيز القطاع الخاص المصري والعربي على دخول سوق الاستكشاف والإنتاج، عبر تعاقدات مرنة تحمي من تقلبات السياسة والسوق، وربط جزء من الواردات بمشروعات إعادة التسييل والتصدير لتعزيز احتياطي العملة الصعبة.

كما يشير الخبراء إلى أهمية تحرير سوق الغاز لتقليل التكاليف، ووضع عقود محكمة الحوكمة، إضافة إلى تعزيز الاستكشاف والإنتاج محليا.

حسابات اقتصادية

من جانبه، أكد رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان، في مقابلة صحفية قبل أيام، أن نتنياهو “لا يجرؤ على إلغاء اتفاقية الغاز” لما لذلك من عواقب اقتصادية وسياسية على إسرائيل نفسها، وأن “الحكومة المصرية لديها بدائل للغاز الإسرائيلي، ولديها سيناريوهات متعددة للتعامل مع مثل هذه الأزمات”.

أما الخبير الاقتصادي محمد فؤاد، عضو لجنة الاقتصاد بالحوار الوطني، فأوضح للجزيرة مباشر أن مصر تعتمد على مصادر غاز متنوعة، وهي غاز محلي يمثل 56% من الاحتياجات، وغاز مسال يمثل 29.5%، وغاز الخطوط (ومن ضمنه الغاز الإسرائيلي) يمثل نحو 15% فقط من احتياجات مصر من الغاز الطبيعي.

وأشار فؤاد إلى أن اتفاقيات الغاز تُعقد مع شركات وليست حكومات، وأن اتفاق شركة “نيوميد” الإسرائيلية الأخير مع وزارة البترول المصرية لا يغطي أكثر من 10% من احتياجات مصر، ومن ثَم فإن التهديدات الإسرائيلية لا تحمل ثقلا فعليا، لأن نتنياهو “لا يملك قانونيا حق إلغاء الاتفاقيات التجارية”.

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان