إدمان الدوبامين.. شعور السعادة من الإفراط في الأكل والرياضة إشارة تهديد لصحتك

يرى أطباء الجهاز العصبي أن المتعة شيء نحتاجه جميعًا، لكنّهم يحذّرون من التركيز عليها أكثر من اللازم، أو على أنشطة محدّدة تُشعر بالسعادة، إذ يمكن أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة، وقد تؤدّي إلى الإدمان.
وأوضح تقرير نشره موقع (فيري ويل مايند) الأمريكي المتخصّص، أن الإدمان قد يحدث بالتعلّق بمشاعر تغمرنا عند ممارسة أنشطة ممتعة، وغالبًا ما يُشار إليها باسم “النشوة”.
وحلّلت أبحاث طبية مادة الدوبامين الكيميائية التي تُفرَز في الدماغ وربطتها بالإدمان، وأوضحت لماذا يمكن أن تؤدّي إلى مشاكل، والسلوكيات التي يمكن اتّباعها لمنع الاعتماد على المشاعر التي تصاحب زيادة الدوبامين.
الدوبامين ما هو؟
أظهر المتخصّصون أن الدوبامين ناقل عصبي، أي مادّة كيميائية ترسل إشارات داخل الدماغ، وتتركّز وظيفته بمناطق المتعة والمكافأة في الدماغ.
وأوضح تقرير (فيري ويل مايند) أن ممارسة أيّ نشاط ممتع يدفع العقل إلى إرسال إشارات السعادة للدماغ، ثم يرتبط الفعل بالشعور بالمتعة.
وبعيدًا عن الشعور بالمتعة، يؤدّي الدوبامين دورًا مهمًّا في الجهاز العصبي، بدءًا من الحالة المزاجية وانتهاءً بالذاكرة. ووجود مستوى صحي من الدوبامين ضروري، وإذا كان الجسم لا يُنتج ما يكفي منه، فقد يُسبّب مشاكل مثل الاكتئاب والأرق.

ماذا يفعل الدوبامين في الجسم؟
الدوبامين هو ناقل عصبي يلعب دورًا حيويًا في الدماغ والجهاز العصبي، حيث يؤثر على العديد من الوظائف الحيوية مثل المزاج، الدافع، التركيز، الحركة، والمتعة. ويُعرف باسم “هرمون السعادة والمكافأة” لأنه مسؤول عن الشعور بالتحفيز والرضا بعد تحقيق هدف أو إنجاز.
من أين نحصل على مادة الدوبامين؟
يمكن الحصول على الدوبامين بشكل غير مباشر من خلال تناول أطعمة غنية بالأحماض الأمينية مثل التيروزين والفينيل ألانين، والتي توجد في البروتينات الحيوانية كاللحوم والأسماك، بالإضافة إلى البيض ومنتجات الألبان والمكسرات والبذور مثل اللوز والجوز. كما تسهم بعض الفواكه والخضروات مثل الموز والأفوكادو والتفاح والبنجر في تعزيز إنتاجه.
هل الدوبامين له علاقة بالجنس؟
عند الإثارة الجنسية، يزداد إفراز الدوبامين في مناطق معينة من الدماغ، مثل الجهاز الحوفي (Limbic System)، مما يعزز الشعور بالرغبة والاندفاع نحو النشاط الجنسي. كما يسهم في زيادة الإثارة والاستجابة العاطفية، مما يؤدي إلى تعزيز الأداء الجنسي والشعور بالمتعة أثناء العلاقة الحميمة.
انخفاض الدوبامين
وعن الأنشطة التي تطلق الدوبامين، قال متخصّصو الجهاز العصبي إن أيّ شيء تفعله ويُشعر بالرضا يمكنه أن يفرز الدوبامين في عقلك.
وأفادت التجارب أن بعض هذه الأشياء هي طرق جيّدة للتأكد من أن لديك مستويات كافية من الدوبامين، أمّا البعض الآخر فهو ليس كذلك.
وأورد التقرير أمثلة على أنشطة تطلق الدوبامين، مثل ممارسة الجنس، وتناول وجبة لذيذة أو حلوى، وممارسة الرياضة والاستماع إلى الأغاني، وتناول مادّة الكافيين والعقاقير المخدّرة والكحول وممارسة التأمّل.
وشدّدت الدراسات على أن الاعتماد على اندفاع الدوبامين قد يؤدّي إلى ممارسات خطيرة على الجسم، وأورد تقرير (فيري ويل مايند) مثال الاعتماد على ممارسة الجنس للحصول على الدوبامين، والذي يمكن أن يؤدّي إلى إدمان الجنس.

وربطت الدراسات أيضًا بين إدمان الدوبامين واضطرابات الأكل، التي قد تجعل الدافع إلى البحث عن الأكل ليس الجوع بل الحاجة للشعور بالرضا، وقد يتحوّل إلى إدمان.
إدمان الكحول والمواد المخدّرة هو المثال الثالث على دافع البحث عن الدوبامين، إذ تُفرزه هذه المواد بالطريقة الأكثر وضوحًا على الإطلاق، وتغمر عقاقير مثل الكوكايين الدماغ مباشرة به.
يرى أطباء الجهاز العصبي أنه يمكن أن تصبح مدمنًا للدوبامين بشكل طبيعي في الجسم، ومع ذلك فقد نندم على أيّ نشاط يزيد من مستوياته لدينا.
كيف أتخلص من إدمان الدوبامين؟
ولتجنّب الاعتماد على الدوبامين وتكوين علاقة صحية معه، ينصح متخصّصون بإعداد خطة التمرين الرياضي قبل أسبوع من الموعد المحدّد، واستشارة مدرّب محترف للتأكّد من أنها خطة تمرين معتدلة لا تُعرّض لخطر الإصابة.

ويمكن للتأكّد من الحصول على قسط كافٍ من الاسترخاء أن يساعد على مقاومة الشعور بالحاجة إلى أداء أنشطة تعزّز الدوبامين، أكثر ممّا يُعَدُّ صحيًا.
وقبل الشروع في فعل شيء تستمتع به وتشعر أنك تعتمد عليه، تحقّق من نفسك، وقم بتقييم ما تشعر به وما تفكر فيه وأيّ مخاوف قد تكون لديك بشأن سلوكك.
متى يعود الدوبامين لطبيعته بعد ترك العادة؟
وتشير دراسات إلى أن عودة مستويات الدوبامين إلى طبيعتها بعد ترك العادات المفرطة تختلف حسب نوع الإدمان ومدته. فالتحسن الأولي قد يظهر خلال 7-14 يومًا، بينما تحتاج حساسية الدماغ الطبيعية إلى 4-8 أسابيع لتتعافى تدريجيًا. أما في الحالات الشديدة، فقد يستغرق التعافي الكامل 3-6 أشهر. كما يُنصح باتباع عادات صحية، مثل الرياضة والنوم الجيد، لتسريع استعادة التوازن.