اضطراب ما بعد الصدمة.. متى يصيب الأطفال وما أعراضه كيف نتعامل معه؟
قد يكون رفع المعلم صوته لجذب انتباه الجميع داخل الصف أمرًا طبيعيًا عند الأطفال العاديين، لكن من يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة قد يُظهرون رد فعل سلبي.
يحدث ذلك لأن المعلم ذكّره بطريقة ما بالحدث الصادم الذي تعرّض له، وجعل دماغه يترجم أن عليه الهروب، وهو ما يجعله يظهر سلوكًا غريبًا أو وقحًا في بعض الأحيان، في حين لا يدرك المعلم أو ربما الأهل أيضًا السبب.. فما الذي يسبب الصدمات واضطراب ما بعد الصدمة في حياة الأطفال؟
أسباب الصدمة
عندما نفكّر في اضطراب ما بعد الصدمة والصدمات التي يعاني منها الأطفال، قد نتخيل تلقائيًا تجارب مثل إطلاق النار في المدارس وعنف العصابات، ولكن يمكن للأطفال تجربة الصدمة والإصابة باضطراب ما بعد الصدمة من أي حدث يعرّضهم للخوف وعدم اليقين.
يعاني الأطفال من الصدمة عندما يشهدون العنف المنزلي أو في أحيائهم أو مدارسهم، أو عندما يتعرّضون للإيذاء أو التنمّر من قبل أقرانهم، وحتى التعرّض لحادث سيارة أو التعرّض لمرض خطير يمكن أن يسبب أعراض الصدمة أو اضطراب ما بعد الصدمة.
بالنسبة للكبار، يمكن أن تكون معالجة الصدمات واضطراب ما بعد الصدمة صعبة بشكل خاص، لأن الأطفال في كثير من الأحيان لا يعبّرون عن الضيق الذي يشعرون به بطريقة يسهل التعرف إليها.
وبدلاً من ذلك، يخفون آلامهم وخوفهم بسلوكيات غالبًا ما تكون عدوانية أو صعبة.
ولكن تحديد أعراض الصدمة واضطراب ما بعد الصدمة، يحتاج قدرة على فهم سلوكيات الطفل المصاب بصدمة نفسية وقد يدفعه إلى التخريب.
ويمكن أن يساعد هذا الفهم أيضًا في تجنب التشخيص الخاطئ للأطفال الذين يعانون من حالات أخرى لها أعراض، مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
عادةً ما يعاني الأطفال المصابون باضطراب ما بعد الصدمة والصدمات من:
- صعوبة في تكوين علاقات مع المعلمين.
- ضعف التنظيم.
- عدم القدرة على الوظائف التنفيذية.
- الانخراط في التفكير السلبي.
أعراض اضطراب ما بعد الصدمة
فرط اليقظة
حدد موقع (فري ويل مايند) النفسي، الأعراض الأكثر شيوعًا التي يظهرها الأطفال المصابون باضطراب ما بعد الصدمة والصدمات، وحدد كيف يمكن المساعدة في التعامل معها.
صعوبة تكوين العلاقات
غالبًا ما يكون تكوين العلاقات مع المعلمين هو الخطوة الأولى في تجربة الفصل الدراسي الناجحة للأطفال، لكن الأطفال الذين تعرّضوا للإهمال أو الإساءة يواجهون صعوبة في تكوين روابط مع الآخرين بسبب افتقارهم إلى الثقة.
ونظرًا لأن الأشخاص الذين يعتمدون عليهم عادةً ما خانوهم بطريقة ما، فقد تعلّموا عدم الثقة بالآخرين.
كما أنهم لا يطلبون المساعدة في الفصل لأنهم ليسوا معتادين على مساعدة الناس عندما يحتاجون إليها حقًا.
ومن إحدى الطرائق التي يمكن للمدرسين من خلالها دعم الأطفال بها هي أن يكونوا موثوقين وجديرين بالثقة، كما أنه يساعد في تقديم المساعدة عندما يحتاجون إلى المساعدة بدلًا من انتظارهم لطلبها.
ضعف التنظيم
عندما يتعلق الأمر بالعواطف القوية، فإن الأطفال المصابين بصدمات نفسية يجدون صعوبة في إدارة مشاعرهم.
ويمكن دعم هؤلاء الأطفال بطرائق تساعدهم على تهدئة أنفسهم وإدارة عواطفهم، عبر التركيز على التنظيم المشترك قبل الذاتي، ومن المهم تدريبهم على كيفية خفض التصعيد عندما يشعرون بالإرهاق والتوتر.
الوظيفة التنفيذية
عندما يمر الأطفال بصدمة، يؤثر ذلك في ذاكرتهم وكذلك انتباههم، ويبذلون جهدًا في التخطيط والتفكير في الأشياء.
وغير المناطق الواضحة التي يحتاجون فيها إلى المساعدة مثل تعلم التركيز وتحسين الذاكرة، يحتاج الأطفال أيضًا إلى المساعدة في التخطيط لعملهم المدرسي.
يمكن تنمية مهارة التخطيط هذه لمساعدتهم على توقع ما سيحدث على المدى القريب، فإن عدم معرفة ما سيحدث بعد ذلك أمر مقلق لهؤلاء الأطفال ويمكن أن يخلق ردود فعل عدوانية لديهم.
يحتاج الأطفال المصابون بصدمات نفسية أيضًا إلى المساعدة في التحدث عن أنفسهم في المواقف الصعبة.
التفكير السلبي
غالبًا ما يكون لدى الأطفال الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، اعتقاد بأن هذه الأشياء السيئة حدثت لهم لأنهم يستحقونها أو لأن حظهم سيىء. هذا النوع من التفكير يخلق توقعًا أن الناس لا يحبونهم أبدًا أو لا يعاملونهم جيدًا.
يشعر هؤلاء الأطفال بالخوف من ارتكاب خطأ، لذلك يرفضون المشاركة في الفصل مثلًا، ويمكن للمعلمين معالجة السبب الجذري لسلوكهم وهو الخوف من الفشل وتشجيعه.
كيف تساعدهم؟
عندما نفهم أن شيئًا أعمق يسبب السلوك السيء، فيمكنك معالجة الوضع بطريقة أفضل، ومن المهم تذكّر أن الأطفال المصابين بصدمات نفسية لا يحاولون استفزازك.
وينصح الأخصائيون بمساعدة هؤلاء الأطفال بدلًا من معاقبتهم على سلوكهم.
وبالإضافة إلى التواصل مع الأطفال الذين تعرّضوا لصدمات نفسية، من المهم منحهم أكبر قدر ممكن من الاهتمام الإيجابي.
ضع في اعتبارك أن الأطفال الذين تعرّضوا لصدمة نفسية يميلون إلى جذب الانتباه من خلال التصرّف لأنه سريع وفعّال.
ولكن، إذا كان الاهتمام الإيجابي سريعًا وفعّالًا، فقد يكون مفيدًا في تغيير السلوك ومساعدتهم، فقد يترجمون الاهتمام الإيجابي أنه تعبير عن الدفء واللطف.
يحتاج الأطفال الذين تعرّضوا لصدمة نفسية إلى معرفة أنهم بارعون في شيء ما، وأن بإمكانهم التأثير في العالم، ذكّرهم بهذه الحقائق بشكل منتظم.
لا يحب المفاجآت
ضع في حسبانك أن الأطفال الذين مرّوا بنوع من الصدمة غالبًا ما يقلقون بشأن ما سيحدث بعد ذلك. نتيجة لذلك، يمكن أن يوفّر الروتين اليومي نوعًا من الهيكلية والقدرة على التنبؤ التي يحتاجها الطفل المصاب بصدمة نفسية.
وقد وجد بعض المعلمين أن الإشارات المرئية في الفصل الدراسي مفيدة بشكل خاص لأن الطالب يمكنه رؤية ترتيب اليوم لأنشطة الفصل.
اسأل كيف يمكنك المساعدة
لا بأس أن تطلب من الطفل ما يمكنك فعله للمساعدة، اعترف أنك تراهم يجتهدون وأنك تريد مساعدتهم على النجاح، ضع في حسابك أيضًا أنك لست بحاجة إلى معرفة ما الذي أصابهم حتى تكون مفيدًا وداعمًا.
ينصح الأطباء النفسيون بالتركيز على ما يمكنك فعله لمساعدتهم بدلًا من محاولة الحصول على تفاصيل حول ما مرّوا به وكيف أثر ذلك فيهم.
ابق محايدًا وليس حكمًا
إذا كان الطفل يشاركك فاختبره، وحاول ألا تصدر الأحكام، فمن المضر بشكل خاص تطوير الاعتقاد بأن ما اختبره ليس بهذا السوء.
وتذكّر أن ليس ما تفكر به في الموقف هو المهم، ولكن ما يهم هو كيف يشعر الطفل؟ وعلى الأرجح، جعله الموقف الذي مرّ به يشعر بالضعف والخوف والخروج عن السيطرة.