تعزز ذكاءه وقدراته وتحسن صحته العقلية.. كيف تجعل طفلك يحب القراءة؟
يَسعد معظم الأطفال بقراءة القصص والاستماع إليها، ويعتبر المختصّون بالتربية الأمر إيجابيًّا لأن القراءة مهمة لنموّ الطفل وتعلمّه ومهاراته في المستقبل.
لكن بالنسبة للعديد من الأطفال الأكبر سنًّا، تصبح القراءة عملًا روتينيًّا، بمجرد أن تدخل الأجهزة الإلكترونية في المنافسة.
وتفرض المدرسة وأولياء الأمور على الأطفال وقتًا للقراءة، لكن ذلك لا يعني أنهم سيحبونها، وقد تؤدي محاولات حث طفلك على الإمساك بكتاب إلى إشعال صراع في المنزل.
يقترح المختصّون العديد من الاستراتيجيات الفعالة التي يمكن للوالدين استخدامها لمساعدة أطفالهم على الاستمتاع بالقراءة بدلًا من الخوف منها.
وتقول دانا ريسبورد الدكتورة في جامعة وايدنر في بنسلفانيا على موقع (فيري ويل فاميلي) المتخصّص في التربية، إن “تجارب القراءة السهلة يتدخل فيها الآباء بإيجابية ويضعون الأساس لحبّ الكتب والقراءة والتعلم”.
لماذا تكون القراءة مهمة؟
تضع القراءة الأساس لمهارات الحياة التي يحتاج إليها الأطفال عندما يكبرون، وفضلًا عن أهميتها في الدراسة والمسيرة الأكاديمية، فهي تعزّز الوعي بالعالم من حول الطفل وتساعد على تحسين صحته العقلية.
تقول الدكتورة ريسبورد، إن “القراءة لطفلك تنمي الإدراك بالحروف، والوعي بالكلمة، والمبدأ الأبجدي”، كما أنها أساس النجاح في العديد من المجالات الأخرى.
وأوضحت الدكتورة كلير كاميرون مديرة برامج الطفولة المبكرة والطفولة في قسم التعلم والتعليم في جامعة بافالو (جامعة ولاية نيويورك)، أن القراء من الأطفال يميلون إلى تحقيق إنجازات وأداء أكاديمي أفضل.
وترتبط مهارات القراءة المبكرة بمعدلات التخرج، وتفيد الدكتورة أن ما يقرب من 20% من الأطفال الذين يقرؤون يتخرجون بدرجات جيدة، في حين أن 4% فقط من القراء المتمرسين يفشلون في التخرج.
الاتصال بالمجتمع
تظهر الأبحاث أن الفوائد العديدة للقراءة تمتد إلى ما هو أبعد من معرفة القراءة والكتابة، بما في ذلك زيادة الذكاء العاطفي.
توفر القراءة الاتصال والوصول إلى المعرفة والإلهام، وتعزز عددًا كبيرًا من المهارات التنموية والأكاديمية والاجتماعية العاطفية والمعرفية، كما توضح الدكتورة مولي نيس المتخصصة في محو الأمية والأستاذة المشاركة في تعليم الطفولة في كلية الدراسات العليا بجامعة فوردهام في مدينة نيويورك.
تعزز القراءة الفضول والتواصل مع العالم من حولنا، كما يوضح الدكتور هيروكازو يوشيكاوا أستاذ العولمة والتعليم وعلم النفس التطبيقي في جامعة نيويورك، إذ يقول “إنه نشاط اجتماعي بالغ الأهمية يقوم على أساسه مجتمعنا ومستقبله”، كما تعزز القراءة المفردات وتبني المعرفة الأساسية وتعزز فهم الآخرين.
فوائد الصحة العقلية
تجعل القراءة الطفل أكثر هدوءًا وسعادة، وتقول الدكتورة نيس إن “الدراسات تظهر أن القراءة تنشط أجزاءً من الدماغ مرتبطة باللغة”.
وأفادت استنادًا إلى الدراسات بأن القراءة تخفض ضغط الدم، وتبني المواد الكيميائية العصبية المرتبطة بالمتعة، وتساعد على إبطاء معدل ضربات القلب.
وتجعلك مشاركة الكتب مع طفلك أقرب إليه عندما يتعلم، وفق ما قالته صوفيا ديجينر، وهي معلمة بالمدارس الابتدائية سابقة، وأستاذة مشاركة في جامعة لويس الوطنية في إلينوي، وأوضحت أن “القراءة بصوت عالٍ تعزز الترابط العاطفي بين الوالدين والطفل وتدعم تطوير اللغة المبكرة ومحو الأمية”.
تقول هيذر مانسبرجر، المختصّة في القراءة فضلًا عن أكثر من 25 عامًا من الخبرة في العمل مع الأطفال في سن المدرسة الابتدائية في كاليفورنيا وأوريجون، إن الطفل يحتاج إلى 3 أشياء رئيسية للمساعدة على تنمية حب القراءة هي الفضول، والوقت، والنموذج. وتنصح بأن يجعل الآباء القراءة مع أطفالهم وقتًا ممتعًا وفرصة للترابط كل يوم.
اقرأ لهم بصوت عالٍ
يتفق الخبراء على أن القراءة مع طفلك هي أفضل طريقة لتعزيز حب القراءة، وينصحون بأن تكون القراءة نشاطًا جماعيًّا، وليس فرديًّا.
ويوضح الدكتور يوشيكاوا أنه “يجب أن يكون الأمر ممتعًا وتفاعليًّا وأن يكون أساسًا لكثير من الأسئلة والاستماع والفضول والتواصل”.
وينصح الخبراء بتشجيع حب القراءة والتركيز على متعة قراءة القصص والاستماع إليها؛ لأن طفلك سيستمتع ببساطة من خلال الاستماع.
وتقول الدكتورة ديجينر، إنك من خلال القراءة بصوت عالٍ، فأنت تستمر في بناء المفردات والاستيعاب السمعي والارتباط العاطفي.
ومع أنه من الضروري القراءة للأطفال الأصغر سنًّا، فإنه يجب عليك أيضًا الاستمرار في ذلك مع من هم أكبر سنًّا، حتى بعد أن يصبحوا قرّاءً بارعين.
يمكن أن يبدأ الطفل الشعور بأن القراءة واجب منزلي لبعض طلاب المرحلة الابتدائية، ولكن القراءة بصوت عالٍ تتيح لطفلك الاستمتاع، وتضيف ديجينر “فيما يتعلق بوقت التوقّف عن القراءة بصوت عالٍ، اتبع إرشادات طفلك”.
تحدّث عن الكتب
عند القراءة بصوت عالٍ للرضع والأطفال الصغار، اقضِ وقتًا في النظر إلى الصور والتحدث عما تراه، كما توصي به الدكتورة ديجينر، وسيعزز هذا النهج مزيدًا من الفهم والمشاركة، يمكنك أيضًا استخدام نبرة صوتك لإضفاء الحيوية على القصة.
أثناء القراءة، توقف مؤقتًا واطرح الأسئلة، اطلب من طفلك أن يتنبأ بما سيحدث، ولخص ما حدث حتى الآن، أو اسمع أفكاره حول سبب قيام الشخصية بما فعلته.
يمكن أن يساعد التحدث عن القصص في إحياء هذه القصص، وسيساعد في بناء مهارات المشاركة والفهم والتفكير النقدي والاستمتاع بشكل عام.
أنت نموذج لطفلك، ويعتبر المختصّون أنه لا بأس في التوقف والتفكير أثناء القراءة، وبالإضافة إلى ذلك فإن التحدث عما تقرؤه يبني مستوى أعمق من الفهم ويمكن أن يخلق روابط بين النص وحياة الطفل والعالم من حوله.
خصص ما بين 15 و30 دقيقة للقراءة اليومية قبل وقت النوم، اقرأ لطفلك الصغير حتى لو لم يكن دائمًا مشاركًا بشكل كامل. تقول الدكتورة ديجينر “بالنسبة للأطفال الأصغر سنًّا، فإن بناء عادة القراءة أمر مهم، حتى لو كان لديهم القليل من الاهتمام في البداية أو لا يهتمون به على الإطلاق”.
وتقول إنه بمجرد أن تصبح القراءة جزءًا من يومهم، فمن المرجح أن يفعل الأطفال ذلك بمفردهم ويبدأوا في الاستمتاع بها، وتضيف “لا تستسلم أو تتوقع أن يحب طفلك القراءة على الفور، قد يستغرق الأمر وقتًا حتى يتورطوا”.
اختر الكتب التي تعكس اهتمامات طفلك، سواء كانت الرياضة أو الحيوانات أو الأبطال الخارقين، سيساعد هذا على إبقائه منخرطًا في القراءة، يمكنك أيضًا السماح لطفلك باختيار كتبه، وإذا لم تكن متأكدًا من أين تبدأ، فاطلب توصيات من المعلمين والأصدقاء وأمناء المكتبات والآباء الآخرين.
وتقول دجنير “تأكد من العثور على كتب بها شخصيات تشبه طفلك وعائلتك ومن المفيد أن تجد كتبًا مكتوبة باللغة الإنجليزية ولغتك الأم”.
أما إذا كان طفلك سلبيًّا بشكل خاص اتجاه القراءة، فقد يكون ذلك علامة على مشكلة تعلم أساسية، ويوضح الدكتور نيس ذلك قائلا “في أي وقت يظهر فيه الأطفال سلوكًا محبطًا بشأن القراءة (التجنب والبكاء وما إلى ذلك)، تأكد من مراجعة معلمهم إذا كانت لديك أي مخاوف حول مشكلات مثل عسر القراءة”.