ماذا يحدث للجسم والدماغ عند التعرض إلى نوبة هلع؟
نظام إنذار شديد الحساسية
يتسارع نبض القلب، وترتعش الأيدي، ويصبح التنفس أكثر صعوبة.. إذا سيطر على شخص ما شعور بالخوف، فيمكن أن تتمثل ردة فعل جسمه في نوبة هلع. وتأتي مثل هذه النوبة بعنفوان، وقد يشعر بعض من يمر بها بأنهم يموتون.
وبمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية الموافق الخميس 10 أكتوبر/تشرين الأول، تكشف نظرة على أرقام شركات التأمين الصحي أن حالات القلق الشخصية والأمراض المرتبطة بها آخذة في التزايد، كما ارتفع عدد أيام التغيب عن العمل بسبب أمراض نفسية مثل الاكتئاب أو اضطرابات القلق.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالجاثوم أو شلل النوم: أسبابه وأعراضه وطرق العلاج
كيف مر عام الحرب على أصحاب متلازمة داون في غزة؟ (فيديو)
هجمات حزب الله تزيد طلبات الدعم النفسي من سكان شمال إسرائيل
ويصف رئيس وحدة علاج القلق في مستشفى شاريتيه ببرلين أندرياس شتروله، نوبات الهلع بأنها نظام إنذار خاص بالجسم.
يقول “يمكنك تخيّل الأمر بأنه أشبه إلى حد ما بإنذار يطلق عن طريق نظام تحذير. ينتقل هذا من 0 إلى 100 بسرعة كبيرة ثم ينخفض ببطء مرة أخرى”، مضيفًا في المقابل أن مسار نوبات الهلع ليس متماثلًا، ولا ترجع دائمًا إلى مرض نفسي.
ما يحدث في الجسم والدماغ؟
يقول شتروله إنه أثناء نوبة الهلع يتم تنشيط مناطق معينة من الدماغ، وأضاف “جذع الدماغ والمراكز الفسيولوجية في الدماغ التي تنظم الدورة الدموية والتنفس هي المسؤولة عن هذه التفاعلات الجسدية”.
وأوضح أن هذه المراكز القديمة من الناحية التطورية مسؤولة جزئيًا عن تفاعلات مثل تسارع النبض أو ضيق التنفس أو التعرّق.
وعند إطلاق هذه العمليات، يحدث رد فعل إنذاري هائل في الجسم. ووفقا لشتروله، فإن هذا يؤدي إلى “أن الجسم يؤهّب نفسه لتهديد كبير، وتكون ردود فعل مثل الكر أو الفر أسهل، ويتم تزويد العضلات بالدم بشكل أفضل”، موضحًا أن هذا يسمح للجسم بالاستجابة قدر الإمكان لتهديد محتمل.
ويوضح أنه إذا أخذت النوبة مجراها، تتنوع الأعراض، وقال “ضيق التنفس أو فرط التنفس أو التنفس السريع هي أعراض كلاسيكية لنوبة الهلع، ولكن حدوثها ليس حتميًا”.
ويعاني المصابون أحيانًا أيضًا من التعرق أو الانفعال أو زيادة الرغبة في التبوّل، كما تحدث مصابون عن الخوف من فقدان السيطرة أو الإصابة بالجنون أو حتى الموت.
نوبة الهلع ليست مثل اضطراب الهلع
ولكن لماذا تحدث نوبات الهلع هذه؟ يشير شتروله -من بين أمور أخرى- إلى الأمراض النفسية والجسدية وأحداث الحياة والمخدرات مثل الكحول أو المهدئات كأسباب.
وتزيد بعض عوامل الخطر أيضًا من احتمالية حدوث نوبات الهلع، مثل زيادة استهلاك القهوة، أو قلة النوم، أو الإجهاد، أو بعض الأدوية.
وأشار إلى أن هناك أيضًا نوبات تحدث لأسباب ظرفية، مثل أن يعاني شخص ما من خوف مرضي من الثعابين ويجد نفسه في مواجهة مع هذا الحيوان، حينها من الممكن أن يصاب بنوبة هلع.
يقول شتروله “من حيث الأعراض، يمكن أن تكون مشابهة لاضطراب الهلع، لكنها تنجم عن مواقف معينة أو في بعض الأحيان عن فكرة عنها”.
وأوضح الخبير أنه من المهم التمييز بين نوبة الهلع واضطراب الهلع، مشيرًا إلى أن نوبة الهلع من الممكن أن تحدث أيضًا لدى أشخاص أصحاء، خلال المواقف التي تهدد الحياة أو في حالة التعرض لتهديد قوي على سبيل المثال.
وقال “عندما أواجه -كشخص يتمتع بصحة جيدة- ثعبانا، أعلم أنه من الطبيعي تمامًا أن يكون رد فعلي بهذه الطريقة”.
نظام إنذار شديد الحساسية
ويتمثل اضطراب الهلع في تكرار نوبات هلع بصورة غير متوقعة، بحسب شتروله، يقول “هذا يدفع المتضررين إلى تجنّب مواقف وأنشطة معينة، أو الانسحاب اجتماعيًا أو تطوير المزيد من الخوف”، مضيفًا أن ما يطرأ بعد ذلك يمكن وصفه بأنه “نظام إنذار شديد الحساسية”.
ومع ذلك، فإنه لا يزال من غير الواضح مدى انتشار اضطراب الهلع، لكن يقول شتروله بناء على تجربته في وحدة العلاج من القلق في “شاريتيه” الألماني، أن هذا المرض يمكن علاجه بسهولة.
وأوضح أنه يمكن اللجوء هنا إلى العلاج النفسي، وخاصة العلاج السلوكي، ويمكن الاستعانة خلال ذلك بمضادات الاكتئاب أو الاكتفاء بها وحدها، مؤكدا أن فرص نجاح مثل هذا العلاج عالية للغاية.