نفي رسمي وقلق شعبي.. هل وصل متحور كورونا الجديد إلى مصر؟
يبدو على عمرو صلاح، تلميذ الصف الخامس الابتدائي بإحدى مدارس حي الدقي بمحافظة الجيزة جنوب القاهرة، الضيق بسبب “الكمامة” التي يلتزم بها طبقا لتعليمات صارمة من والديه، على خلفية قلق متسارع من انتشار متحور جديد لفيروس كورونا حذرت منه منظمة الصحة العالمية.
ونفى عمرو للجزيرة مباشر إصابته بالفيروس، لكنه قال “أبي يخاف علينا من العدوى المنتشرة حاليا”.
ورغم تشديد وزارة التعليم على حضور التلاميذ في المدارس، فإن الزائر لمعظم المدارس يلاحظ ارتفاعا في نسب الغياب طبقا لتأكيدات أولياء أمور.
وليس الأمر مجرد عدوى تنفسية شديدة كما قال للجزيرة مباشر صالح عاشور، ولي أمر تلميذ تعرَّض للإصابة، لكنه أقر بالمسؤولية عن تدهور حالة ابنه الصحية بعد أن تأخر في استشارة طبيب متخصص، واكتفى بتحويل مدرسي إلى وحدة صحية قريبة حصرت الحالة بنزلة برد عادية. وأشار عاشور إلى أن ابنه شُخص لاحقا على أنه مصاب بمتحور كورونا الجديد.
أما نبيل خلف، عضو فريق إدارة الصحة المدرسية بوزارة التعليم، فكشف للجزيرة مباشر عن اتجاه إلى عدم “تضخيم الأمور” مع تحذير من التسرع في تشخيص الحالات بأنها “متحور كورونا” تجنبا لإثارة القلق.
وأشار خلف إلى ارتفاع معدلات الغياب بين الطلبة بسبب الخوف من العدوى، كما لفت إلى أن المدارس ستلتزم بالتعليمات الرسمية فقط.
بدورها، تمسكت وزارة الصحة بنفي وصول المتحور الجديد، لكنها أقرت بحالات عدوى فيروسية لم يتم تصنيفها على الفور.
ورغم الحرص الرسمي على حصر الأمر في “نزلة برد موسمية”، فقد بدت مواقع التواصل الاجتماعي أكثر تفاعلا، وامتلأت بنصائح للوقاية والعلاج مع دعوات لفرض نوع من الإغلاق. وقالت صابرين السعيد، وهي معلمة لغة إنجليزية، عبر فيسبوك “دور البرد اللي ماشي (المتحور الجديد) منتشر بشكل كبير جدا بين الأطفال”.
في المقابل، وصف عصام موافي المتحور الجديد بأنه ضعيف.
من جهته، قلل المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية حسام عبد الغفار من خطورة الموقف، وقال في تصريحات للإعلام المحلي إن الفترة من شهر نوفمبر/تشرين الثاني إلى شهر مارس/آذار تشهد عادة نشاطا ملحوظا لفيروسات الجهاز التنفسي.
وأوضح عبد الغفار أن من بين هذه الفيروسات، فيروس الإنفلونزا، وفيروس البارا إنفلونزا، إضافة إلى فيروس كورونا.
وأشار عبد الغفار إلى أن شهر مايو/أيار 2023 شهد إعلان منظمة الصحة العالمية بشكل واضح انتهاء كوفيد-19 بكونه وباء عالميا يتطلب اهتماما خاصا، مما يعني أن التعامل مع فيروس كورونا أصبح مشابها للتعامل مع الفيروسات التنفسية الأخرى.
في المقابل، رفض استشاري أمراض الحساسية ماجد السباعي ما وصفه بـ”الاختصار الرسمي” للأزمة بالعدوى الفيروسية، مشيرا في حديثه للجزيرة مباشر إلى أن المتحدث الحكومي أقر ضمنا بوصول المرض عندما وضع المتحور ضمن قائمة الفيروسات التي تنشط في فصل الشتاء.
ودعا السباعي إلى التعامل بجدية مع الأمر “رغم أن الفيروس لم يعد فتاكا كما كان في السابق”، لكنه لفت إلى خطورة أماكن التجمعات كالمدارس التي تغيب فيها التدابير الاحترازية بل وحتى داخل المستشفيات.
تشابه الأعراض
ونصح السباعي بتعامل موحد مع جميع الفيروسات التنفسية التي تتشابه في الأعراض، وخصوصا السعال والاحتقان والعطس وارتفاع درجة حرارة الجسم، موضحا أن البداية تكون بالوقاية عن طريق التطهير المستمر للأيدي والأسطح، وتجنب الوجود في أماكن سيئة التهوية.
وأوضح السباعي أن المتحور الجديد لفيروس كورونا المعروف اختصارا بـ”إكس إي سي” (XEC) هو مزيج من التحورات السابقة، وينتشر بسرعة، لكن المضاعفات لم تتضح على الفور “وإن كانت أقل حدة، لكن إهمالها يعرّض المصاب لمخاطر حقيقية”.
وبشأن أعراض المتحور الجديد، قال السباعي إن هذا المتحور يصيب الجهاز التنفسي العلوي، ويؤدي إلى نوبات من السعال والرشح والصداع وآلام العضلات والقيء والإسهال، مشيرا إلى أن احتمالات إصابة الرئة أقل من السلالات السابقة لفيروس كورونا.
وحذر السباعي من التأخر في التعامل مع الأعراض، وخصوصا لدى الأطفال وكبار السن.
وفي اتجاه موازٍ وعبر صفحته على فيسبوك، لفت المدير السابق لمعهد القلب القومي جمال شعبان إلى تأثير العدوى التنفسية ونزلات البرد على تدهور صحة القلب، مشيرا إلى احتمال تقلص الأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم، مما يزيد احتمالات تكوّن الجلطة والأزمات القلبية.
وتجنب شعبان الإشارة الصريحة إلى المتحور، لكنه قال بالعامية المصرية “الدور المنتشر حاليا حرارة وتكسير (ألم عام في الجسم) وتعب في المعدة يحتاج راحة وسوائل ساخنة”.
الوقاية أولا
من جانبها، قالت منظمة الصحة العالمية إنها تضع المتحور الجديد “إكس إي سي” تحت المراقبة، لكنها أوضحت أن أخطاره منخفضة، وإن كانت معدلات انتشاره واسعة. وحسب المنظمة الدولية، فإن المتحور “إكس إي سي” هو سلالة هجينة من SARS-CoV-2، وقد ظهر في نحو 50 بلدا.
وتوقع استشاري الأمراض الصدرية سامح عطوان في حديثه للجزيرة مباشر أن تكون نزلات البرد هذا العام عنيفة، ونصح بالالتزام بالنظافة الجيدة، وتكرار غسل اليدين، وتجنب الزحام، وبدء العلاج فور ظهور الأعراض.
كما لفت عطوان إلى أن منظمة الصحة العالمية فشلت في تفعيل 300 مقترح لتعديل اللوائح الدولية لتحسين قدرات الدول على مواجهة الجائحة والتأهب للطوارئ الصحية.
ومع تعقد أزمة توفير اللقاحات المناسبة واحتمال الوصول إلى “جائحة رباعية” تتكون من كورونا والأنفلونزا و”الفيروس المخلوى التنفسي” و”فيروس المعدة نوروفيروس”، قال عطوان إنه يفضل المواجهة الذاتية والعلاج المنزلي، وصولا إلى ما سمّاه “التعايش مع كورونا”، مضيفًا أن القليل من الإجراءات الاحترازية يكفي للمواجهة حاليا في مصر.