دراسة تربط لأول مرة بين الشعور بالامتنان وطول العمر
طريقة مجانية وغير مؤلمة

لا شك أن الموت حقيقة حتمية لا مفرّ منها، ولكن هذا لم يمنع الباحثين في مجال الصحة من البحث عن سبل لإرجاء حدوثه لأطول فترة ممكنة.
وتتميز أحدث طريقة رشحها الباحثون من أجل تحقيق ذلك بأنها مجانية وغير مؤلمة، ومذاقها ليس سيئا، ولن تضطر المرء لبذل مجهود وهي “الامتنان”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsما فوائد الزعتر الصحية؟ تعرف إلى تأثيره في الجهاز التنفسي والهضمي والبشرة
“خرج عن السيطرة”.. زيادة مقلقة لإصابات التوحد بأمريكا وكينيدي يعد بتحديد أسبابه في هذا الموعد
ما هو نقص المغنيسيوم؟ تعرف إلى أعراضه وأسبابه وأهم مصادره الغذائية
وذكرت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” أن دراسة جديدة نُشرت نتائجها في دورية “جاما” للطب النفسي، تضم نحو 50 ألف امرأة بالغة، توصّلت إلى أنه كلما زادت قوة مشاعر الامتنان لديهن، قلت الوفيات فيهن خلال الأعوام الثلاثة التالية.
وبالتأكيد سوف يرحّب الأشخاص الذين يميلون بطبيعتهم إلى تقديم الشكر بنتائج الدراسة، في حين أن الأشخاص الذين لا يميلون إلى ذلك، ربما يشعرون بالامتنان لمعرفة أنهم بالممارسة ربما يتمكنون من تعزيز شعورهم بالامتنان ويتمكنون من جني مكاسب طول العمر أيضًا.
“دراسة مثيرة”
وقال جويل وونغ أستاذ الإرشاد النفسي في جامعة إنديانا، الذي يتناول بالبحث ممارسات وتدخلات الامتنان، ولم يشارك في الدراسة الجديدة “إنها دراسة مثيرة”.
وربطت أدلّة متزايدة بين الامتنان ومجموعة من المزايا في الصحة العقلية والبدنية. وتم التوصّل إلى أن الأشخاص الذين يسجّلون درجات أعلى على مقاييس الامتنان يتمتّعون بمؤشّرات حيويّة أفضل بالنسبة لوظائف القلب والأوعية الدموية، والتهاب النظام المناعي والكوليسترول.
كما أنه من المرجّح بصورة كبيرة أن يتناولوا أدويتهم ويمارسوا التمارين الرياضية بصورة دورية، وأن يتّبعوا عادات نوم صحية ونظام غذائي متوازن.
كما أن الامتنان مرتبط بانخفاض خطورة الإصابة بالاكتئاب، وبدعم اجتماعي أفضل وبتبنّى هدف أكبر في الحياة، وكل هذه الأمور مرتبطة بطول العمر.

ربط مباشر لأول مرة
مع ذلك، فهذه أول مرة يربط فيها الباحثون بصورة مباشرة ما بين الامتنان وانخفاض خطورة الوفاة مبكرًا، حسبما قال وونغ وآخرون.
وقال وونغ “الأمر ليس مفاجأة، ولكن من الجيد دائمًا أن نرى بحثًا تجريبيًّا يدعم فكرة أن الامتنان ليس فقط أمرًا جيدًا بالنسبة للصحة العقلية ولكنه جيد أيضًا من أجل العيش فترة أطول”.
وقالت ينغ تشين، كبيرة واضعي الدراسة والعالِمة الباحثة التجريبية في برنامج هيومن فلورشينغ في جامعة هارفارد، إنها تشعر بالدهشة لندرة الدراسات التي تربط بين الامتنان والوفاة.
لذلك لجأت هي وزملاؤها للحصول على بيانات من (Study Health Nurses) وهي دراسة خاصة بصحّة الممرضات ترصد صحة وعادات الآلاف من النساء الأمريكيات منذ عام 1976.
وخلال عام 2016، تضمّنت هذه الجهود اختبارًا لقياس شعور الممرضات بالامتنان. وطلب منهن استخدام مقياس مؤلف من 7 نقاط لتحديد درجة موافقتهن أو عدم موافقتهن على ستة أقوال، منها “لديّ الكثير في الحياة الذي أشعر بالامتنان اتجاهه”، و”إذا كان يتعين عليّ أن أكتب لائحة تضم الأمور التي أشعر بالامتنان اتجاهها سوف تكون القائمة طويلة للغاية”.
وقدمت 49 ألف و275 ممرضة إجاباتهن، وقسّم الباحثون الإجابات إلى نحو 3 مجموعات بناء على درجات الامتنان.
وبالمقارنة بالنساء صواحب أقل الدرجات، كانت اللاتي سجّلن أعلى درجات يملن لأن يكنّ أصغر سنًّا ومن المرجّح بصورة كبيرة أن يكون لهن زوج أو شريك، كما أنهن أكثر مشاركة في الجماعات الاجتماعية والدينية، وبوجه عام يتمتعن بصحة أفضل.
وبلغ متوسط عمر الممرضات اللاتي أجبن على الأسئلة 79 عاما، وبحلول نهاية 2019، توفي منهن 4068 ممرضة.

رغم كل شيء “قلّت الوفيات”
وبعد الأخذ في الاعتبار عدة عوامل مثل متوسط دخل الأسرة ووضعهن التقاعدي ومشاركتهن في الأنشطة الدينية، خلصت تشين وزملاؤها إلى أن وفيات الممرضات اللاتي لديهن أعلى شعور بالامتنان أقل بنسبة 29% مقارنة بالأقل امتنانا.
ولجأ الباحثون بعد ذلك إلى التعمق بصورة أكبر من خلال مراعاة مجموعة من المشاكل الصحية تتضمن تاريخ مرض القلب، والسكتة الدماغية، والسرطان ومرض السكري. وجاءت نسبة خطورة وفاة النساء الأكثر امتنانا أيضا أقل بنسبة 27% من الأقل امتنانا.
وحينما أخذ الباحثون في الاعتبار تأثيرات التدخين، وتناول المشروبات الكحولية، وممارسة التمارين الرياضية، ومؤشر كتلة الجسم وجودة النظام الغذائي، جاءت أيضًا نسبة خطورة وفاة الممرضات الأكثر امتنانا أقل بنسبة 21% من الأقل امتنانا.
وفي النهاية، أضافت تشين وزملاؤها مقاييس الوظيفة المعرفية والصحة العقلية، والراحة النفسية. وحتى بعد مراعاة هذه المتغيرات، كانت نسبة وفاة الأكثر امتنانا أقل بنسبة 9% مقارنة بالأقل امتنانا.
لا يعني أن أحدهما يسبب الآخر
وعلى الرغم من أن الدراسة أظهرت علاقة واضحة بين الامتنان وطول العمر، فإن ذلك لا يثبت أن أحدهما يسبب الآخر. وعلى الرغم من أنه من المنطقي أن يساعد الامتنان الأشخاص على العيش فترة أطول، فإنه من المحتمل أيضًا أن يؤدي التمتّع بصحة جيدة إلى الشعور بالامتنان، أو أن العاملين يتأثران بعامل ثالث لم تتضمّنه بيانات الدراسة.
وأشار فريق هارفارد إلى إمكانية وجود سلبيات للامتنان، وذلك إذا ارتبط بشعور الشخص بأنه مدين لغيره، فإن ذلك يمكن أن يقوّض شعور المرء بالاستقلالية أو إبراز علاقة هرمية.
“مهارة يمكن بناؤها”
وقالت سونجا ليبوميرسكي، الباحثة التجريبية في علم النفس الاجتماعي في جامعة كاليفورنيا ريفيرسيد، التي تدرس الامتنان ولم تشارك في الدراسة، إن شعور الشخص بأنه مدين لغيره يمكن أن يجعله يشعر بأنه عبء على الآخرين، وهو أمر خطير لأي شخص يعاني من الاكتئاب ولديه أفكار انتحارية.
ولكن في معظم الحالات، يعتبر الامتنان شعورًا يستحق العمل على اكتسابه، حسبما قالت الباحثة. وقد أظهرت التجارب السريرية أنه يمكن تعزيز الامتنان من خلال خطوات بسيطة مثل الاحتفاظ بمفكرة لكتابة الأمور التي تشعر بالامتنان نحوها أو كتابة خطاب شكر وتسليمه يدًا بيد. وأكدت أن “الامتنان مهارة يمكن بناؤها”.