الربح قبل الصحة.. خبراء ينتقدون تسويق مكملات لتنظيم الكورتيزول عبر مواقع التواصل

يتصاعد الجدل عبر منصات التواصل الاجتماعي بشأن دور “الكورتيزول” المعروف بهرمون التوتر في التسبب بمشكلات صحية متعددة، إذ يروّج أشخاص يدّعون التخصص لنصائح ومنتجات يقولون إنها قادرة على تنظيم مستوياته في الجسم والتخفيف من آثاره، على حد قولهم.
وأشار هؤلاء الأشخاص إلى “9 مؤشرات مقلقة لارتفاع مستويات الكورتيزول”، معدّدين منها اضطرابات النوم، وصعوبة في فقدان الوزن، والشعور المستمر بالبرد، وسرعة الانفعال.
اقرأ أيضا
list of 4 items- list 1 of 4هل يمكن للشخص النرجسي أن يتغير حقا؟
- list 2 of 4دراسة: هذا المرض تسبب في 1.5 مليون وفاة خلال عام
- list 3 of 4دراسة: هذه أخطر القرارات التي يواجهها الناس في حياتهم
- list 4 of 4“30-3-12”.. صيحة جديدة للياقة وفقدان الوزن (فيديو)
وقال بعضهم “إذا لاحظتَ وجود واحد على الأقل من هذه الأعراض، فقد صممتُ برنامجا خاصا لحالتك”، بينما نشر آخرون “رموز قسائم” لمكملات غذائية تعد بخفض مستويات الكورتيزول “بنسبة تصل إلى 75%”.
وقال البروفيسور غيّوم أسييه، المتخصص في الغدد الصماء بمستشفى كوشان في باريس، إن هذه الرسائل المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تشير إلى أن الكورتيزول يؤثّر في الصحة، بعيدة عن الواقع.
يؤدي الكورتيزول، وهو هرمون تنتجه الغدد الكظرية، دورا في تنظيم التوتر والتمثيل الغذائي والجهاز المناعي.
يتبع إفراز الكورتيزول نمطا يوميا منتظما، إذ يكون في ذروته صباحا ثم ينخفض تدريجيا على مدار اليوم. ويمكن أن يتعطل هذا الإيقاع عند التعرض لمواقف عصيبة.
لكن انخفاض مستويات الكورتيزول أو ارتفاعها بشكل مفرط أمر نادر جدا، كما هو الحال عند الإصابة بمتلازمة كوشينغ (زيادة) أو مرض أديسون (نقص).

الهدف هو البيع
خارج هذه الحالات المرضية، “لا داعي للقلق بشأن مستوى الكورتيزول”، وفق ما يؤكده الطبيب في الصحة العامة تيبو فيولي، منددا بما يصفه بـ”دجل” الذين يدّعون أنهم اختصاصيون.
ويستخدم هؤلاء مفهوم “تعب الغدد الكظرية”، ليؤكدوا أن “ملايين الأشخاص يعانون ضعف نشاط الغدد الكظرية نتيجة التعرض المتكرر لعوامل ضغط نفسي، مما يؤدي إلى ظهور عدد كبير من الأعراض غير المحددة”، يمكن وفق فيولي أن “يتعرف الجميع على إصابتهم بها”.
وبحسب الجمعية الفرنسية للغدد الصماء، “لا يوجد دليل علمي يؤكد أن إرهاق الغدة الكظرية حالة طبية فعلية”. وخلصت مراجعة أُجريت عام 2016 لـ58 دراسة إلى أن هذا مجرد “خرافة”.
ويزعم بعض “المدربين في مجال التغذية” أن الكورتيزول يمكن أن يمنع فقدان الوزن، وهو مسؤول عن ظهور الانتفاخ في البطن أو الوجه. ومع أن الإفراز المفرط لهرمون الكورتيزول قد يؤثر في مظهر الوجه، كما هو الحال لدى المصابين بمرض كوشينغ، فإن الضغط النفسي اليومي لا يكفي وحده للتسبب في تغيرات من هذا النوع.
ولمكافحة هذا الخلل المزعوم في ضبط الكورتيزول، تعج وسائل التواصل الاجتماعي بمنشورات عن الحميات والمكملات الغذائية ومشروبات الديتوكس المصنوعة من ماء جوز الهند وعصير الحمضيات، التي يُفترض أنها تنظّم الهرمون.
وأشار فيولي إلى أن “الهدف من الحديث عن الكورتيزول هو الربح المادي فقط، أي البيع”، في حين “لا توجد بيانات سريرية تثبت الآثار المفيدة لهذه المنتجات”.

فحوص غير موثوقة
وحذرت المتخصصة في أمراض الكبد والجهاز الهضمي بولين غيّوش من “سوق” الاختبارات البيولوجية “التي يصفها من يدّعون أنهم متخصصون” خارج النظام الطبي.
وأوضحت بولين “نتحدث هنا عن فحص الكورتيزول اللعابي، بالإضافة إلى فحص ميكروبات الأمعاء والحساسية على الطعام، التي يُفترض أن تكشف نتائجها عن “اختلالات أو نقص لا يمكن رصده من خلال ما يُعرف بالطب التقليدي”.
وبحسب شهادات جمعتها، تتراوح تكلفة هذه الفحوص “غير الموثوقة إطلاقا”، بين “300 و1500 يورو (350 و1750 دولارا) للحزمة الكاملة”.
وقال أسييه “إذا لجأتم إلى مسار بديل، فإنكم تخسرون أي ضمانة لجودة التحاليل أو النتائج”.
وتتوفر أيضا اختبارات “منزلية” للكورتيزول عبر الإنترنت.
وفي هذا الإطار، أوضح أسييه “إذا كانت الخدمة المقدَّمة غير معتمدة وتوفر لك معدات لإجراء الفحوص بنفسك، دون أن تكون النتائج معتمدة من مختبر طبي رسمي في المدينة أو المستشفى، فهناك مخاطرة فعلية” تتعلق بصحة التحاليل ودقتها.
وإلى جانب “خسارة المال”، أشارت الدكتورة بولين إلى خطر التشتت لهؤلاء الأشخاص الذين غالبا ما يكونون في حالة يأس، ويتلقون وعودا بإيجاد حلول لكل مشكلاتهم، مما قد يدفعهم إلى الابتعاد عن الطب التقليدي.