بعد سنوات من تفشي كورونا.. هل تراجع خطر الإصابة بـ”كوفيد الطويل الأمد”؟

بعد الصدمة العالمية الأولية التي ظهرت إثر تفشّي جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19)، كانت هناك صدمة أخرى، حيث تبين أن بعض الأشخاص ممن نجوا من المرض، لم يتعافوا تماما.
فقبل نحو أربع سنوات، بدأ يتضح أنه من الممكن أن يتسبب فيروس كورونا (المعروف باسم سارس كوف 2)، في إضعاف الأداء العقلي والجسدي بشكل كبير بعد الإصابة الأولية به.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsفيروس كورونا.. متحور شرس يثير مخاوف الخبراء ويهدد بـ”موجة أقوى وأطول أمدا”
إصابة 40 رياضيا في أولمبياد باريس بفيروس كورونا
الصحة العالمية: كورونا لا يزال يقتل نحو 1700 شخص أسبوعيا
وقد تم منذ فترة طويلة إطلاق اسم “كوفيد الطويل الأمد” على الظاهرة المتمثلة في استمرار ظهور الأعراض أكثر من أربعة أسابيع. ومع ذلك، لا يزال الطريق طويلا أمام الطب من أجل معرفة أسباب حدوث مثل هذه التأثيرات الطويلة الأمد.
أمر سارّ
لكن الأمر السارّ هو أن خطر الإصابة بظاهرة “كوفيد الطويل الأمد” بعد الإصابة بالعدوى الأولية، قد تراجع بشكل كبير. ويرجع السبب وراء ذلك بنسبة كبيرة إلى مستويات المناعة المعززة المضادة للإصابة بفيروس كورونا من اللقاحات، إضافة إلى وجود عدد أقل من المتحورات الفيروسية الشرسة.
وبحسب نتائج دراسة “فيروس ووتش” (مراقبة الفيروس) التي أجرتها كلية لندن الجامعية، فإن المتحورات الفرعية الأحدث لمتحور أوميكرون لها احتمالات مماثلة لأعراض طويلة الأمد لأمراض الجهاز التنفسي الحادة الأخرى. ومنذ مطلع عام 2022، كان المتحور السائد لفيروس كورونا في جميع أنحاء العالم هو أوميكرون.
وبحسب ما يقوله أندرياس شتالماخ من مستشفى جامعة يينا في ألمانيا، فإن نسبة خطر استمرار الأعراض أكثر من 12 أسبوعا -وهو ما يعرف باسم “ما بعد كوفيد”- كانت تتراوح بين 6 و8% خلال الموجة الأولى من تفشي الجائحة. ويعتقد أن النسبة تتراوح في الوقت الحالي بين 1 و2% من الأشخاص الذين أصيبوا بكوفيد.

كلما طالت الأعراض كان التشخيص أسوأ
وتقول كارمن شايبنبوغن من مستشفى شاريتيه في برلين، إن “نسبة الحالات التي تختفي لديها الأعراض في غضون ستة أشهر، مرتفعة للغاية”.
ويصير الأمر حرجًا بعد هذه الفترة، حيث توضح كارمن أن “أولئك الذين يستمرون في المعاناة من الأعراض لفترة تزيد على ستة أشهر، من المرجح أن تستمر الأعراض لديهم بعد عام أو عامين”.
ولكن ما الذي يحدد إصابة شخص ما بـ”كوفيد الطويل الأمد”، وما إذا كان سيستمر على المدى الطويل؟ يشكل النساء ثلثي عدد المصابين بـ”كوفيد الطويل الأمد”، كما أن هناك نسبة كبيرة من المرضى تعتبر من صغار السن نسبيا.
وتشير كارمن إلى أنه كلما كان الجهاز المناعي لدى المرء أكثر نشاطا، كان من الممكن تفسير هذين العاملين بشكل أفضل. ويشمل ذلك الأشخاص الذين يعانون من زيادة في الوزن، وأولئك الذين لديهم اضطرابات في الجهاز المناعي، والذين لديهم أيضا قدر أكبر من الأخطار، إلى جانب أمور أخرى.
ولا يوجد حتى الآن علاج نموذجي موحّد. فعادة ما يوصي الأطباء بالعلاج بالتمارين الرياضية، وأنواع الألم والعلاج الدوري، والعلاج بالتنفس، وباللجوء إلى تقنيات الاسترخاء أو تدريب الدماغ، بناءً على الأعراض التي يعاني منها المريض. وفي الحالات الشديدة، يحرص خبراء الطب على عدم إرهاق المرضى.
التشخيص لا يزال صعبا
لا تزال هناك مشكلة رئيسية في التشخيص، حيث إنه ليست هناك قيمة محددة يمكن من خلالها تحديد الإصابة بـ”كوفيد الطويل الأمد” بسهولة.
ويقول شتالماخ، رئيس مركز “ما بعد كوفيد” في مستشفى جامعة يينا “يمكن تقييم الكثير من الأعراض بشكل مختلف، ومن الممكن أن يظهر تشخيص مختلف تماما من حالة مشتبه في إصابتها بكوفيد الطويل الأمد”.
الوقاية هي نقطة الانطلاق المركزية
ومع ذلك، فمن الضروري عدم الاهتمام بتطوير العلاجات الخاصة بالتعامل مع أعراض “ما بعد كوفيد” فقط، بل ينبغي الاهتمام بالوقاية أيضا، بحسب ما تؤكده كارمن، التي تترأس مركز مكافحة الألم بمستشفى “شاريتيه” في برلين.
وتتساءل كارمن “كيف تمكن الحيلولة دون تطور كوفيد الطويل الأمد بعد الإصابة بالمرض؟”. يُعتبر الميتفورمين مرشحًا واعدًا لذلك، ولكن إلى جانب بخاخات الأنف التي تحتوي على مادة الهيستامين أيضًا.
ومن الممكن أن يكون هذا مفيدًا للمرضى المعرضين لأخطار كبيرة، ليس فقط بفيروس كورونا، بل بإصابات أخرى أيضًا.
يشار إلى أن الأطباء كانوا على دراية بظاهرة الآثار الطويلة الأمد التي تستمر بعد الإصابة بالمرض منذ أكثر من قرن من الزمان، إلا أن تسليط الضوء عليها حدث فجأة بعد تسجيل عدد هائل من الحالات أثناء تفشي الجائحة.