هكذا تدمر “الأم النرجسية” حياة أبنائها وتبني أسرة مريضة نفسيا

كشفت دراسات حديثة في مجال الصحة النفسية عن التأثيرات السلبية العميقة التي تتركها الشخصية النرجسية داخل الأسرة، ولا سيما عندما تكون الأم هي الطرف المصاب بهذا الاضطراب.
ورغم أن اضطراب الشخصية النرجسية يمكن أن يصيب النساء والرجال على حد سواء، فإن الخطورة تتفاقم حينما تتجسد في دور الأم، بالنظر إلى دورها الحاسم في تنشئة الأبناء.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsصواريخ إيران تفرق وزراء نتنياهو وتدفع الحكومة لاتخاذ إجراء غير مسبوق
إليك المفتاح السري من أجل نوم هادئ لأطفالك
حين يصبح النعاس فخا.. الحقائق الصادمة خلف أغاني ما قبل النوم
ويرى فريق الصحة النفسية في الجزيرة مباشر، أن الأم النرجسية تمثل خطرا نفسيا مضاعفا على الأبناء، لأنها لا تقدم فقط نموذجا مشوّها للعاطفة، بل تعمل على ترسيخ أنماط سلوكية تؤدي إلى اضطرابات طويلة الأمد لدى الأبناء.
نمط أمومي مضطرب
وتمثل الأم النرجسية حالة من التناقض الصارخ مع الصورة النمطية للأم كرمز للحب والاحتواء، فهي تفتقر إلى القدرة على التعاطف، وتفرض سلوكا تسلطيا يفقد الأبناء حريتهم في اتخاذ القرار.
1- التسلط
تعدّ الأم النرجسية رأيها الأعلى والأصح، وترى أن من واجب الأبناء الانصياع الكامل لها، ويتجسد هذا السلوك في التدخل المفرط في تفاصيل حياة الأبناء، من الطعام واللباس والدراسة، إلى الزواج.
ويؤكد مختصون أن الأبناء الذين يخضعون لهذا التسلط يصابون بأمراض نفسية متعددة، في حين يتعرض من يعارضها لهجمات من العدوان اللفظي وربما النفسي.
2- امتهان الذات
وتحترف الأم النرجسية امتهان كرامة أبنائها، لا سيما بناتها، عبر إطلاق تعليقات سلبية تقلل من شأنهم، ويفيد مختصو الصحة النفسية أن هذه السلوكيات تؤدي إلى تفريغ الأبناء من مشاعر الثقة بالنفس، وتدمير قدرتهم على بناء تقدير ذاتي سليم.
ورغم ذلك، فهي تحرص على التفاخر بهم أمام الآخرين، مما يخلق صراعا داخليا لديهم بين الرغبة في القبول والخوف من القمع.
3- التذبذب العاطفي
وتعاني الأم النرجسية من تذبذب في مشاعرها تجاه أبنائها، فتتأرجح بين الحب والرفض دون أسباب واضحة، ويؤدي ذلك إلى خلق علاقة غير مستقرة، حيث يظل الأبناء في حالة ترقّب دائم لتقلبات مزاجها، ما ينعكس سلبا على صحتهم النفسية.
4- الابتزاز العاطفي
وتجيد الأم النرجسية لعب دور الضحية، وتلجأ إلى الابتزاز العاطفي للسيطرة على أفراد الأسرة، وفي حال نشوء خلاف أو ابتعاد من قبل الأبناء، فإنها توظف معاناة مزعومة لتأنيبهم، وتتهمهم بالجفاء والعقوق رغم ما “تقدمه” من تضحيات.

الحياة الزوجية مع زوجة نرجسية
وتنتقل أعراض اضطراب النرجسية إلى الحياة الزوجية، حيث تتحول الزوجة النرجسية إلى مصدر دائم للتوتر داخل البيت، وغالبا ما يتقمص الزوج دور “رجل الإطفاء”، في محاولة لاحتواء المشكلات المتكررة التي تشعلها زوجته مع المحيطين.
1- إشعال الصراعات العائلية
وتسعى المرأة النرجسية لإثارة الخلافات داخل العائلة، سواء مع عائلة الزوج أو أقربائها، مدفوعة بشعورها بالتفوق على الآخرين، كما تحاول إفساد العلاقات الودية بين أفراد العائلة، وتحافظ في الوقت ذاته على صورة الضحية.
1- الخوف المرضي من الحسد
تعيش الزوجة النرجسية قلقا دائما من الحسد، وتتهم المقربين منها، لا سيما أقارب الزوج، بأنهم يكنّون لها الحقد ويطمعون في زوال النعم التي تتمتع بها، مما يؤدي إلى خلق حالة من الشك والتوتر المستمر داخل البيت.
3- حساسية مفرطة للنقد
وترى المرأة النرجسية نفسها متفوقة على الجميع، وبالتالي فإن أي نقد يُوجّه إليها يفسَّر على أنه حسد أو عداوة، وهي في الوقت نفسه لا تتوانى عن توجيه الانتقادات اللاذعة للآخرين، حتى على أدنى الأمور.
رحلة التعافي
ويرى فريق الصحة النفسية بالجزيرة مباشر، أن التعافي يبدأ من الاعتراف بالمشكلة، ويحتاج الأبناء إلى رعاية نفسية متخصصة تساعدهم على إدراك جذور معاناتهم، وفصل أنفسهم عاطفيا عن التأثيرات السامة التي تعرضوا لها.
ويؤكد الفريق أن أول خطوة تبدأ بالاستبصار، أي إدراك الفرد بأن معاناته النفسية الراهنة مرتبطة بجذور عميقة في طفولته، حين كان ضحية لأم تبدو في نظر المجتمع جذابة ومثالية، بينما تمارس في الخفاء نمطا نرجسيا ساما يهدم الثقة بالنفس ويشوّه المفهوم العاطفي للأسرة.