جنوب السودان يبدأ مسيرة الدولة

بدأ جنوب السودان اليوم الأول من الانفصال عمليا بعد إعلانه رسميا أمس السبت وسط احتفالات شعبية استمرت حتى ساعة متأخرة من الليل.
فقد استفاق الجنوبيون اليوم الأحد على واقع جديد يفرض نفسه استنادا إلى نتائج استفتاء حق المصير الذي أجرى مطلع العام الجاري بناء على اتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب عام 2005.
وتواجه الدولة الجديدة العديد من المشاكل لا سيما بخصوص بناء المؤسسات والمرافق الحكومية القادرة على تسيير شؤون المنطقة التي تضاهي مساحتها مساحة ولاية تكساس الأميركية في وقت لا تزال توجد فيه حركات تمرد مسلحة مناوئة للحركة الشعبية لتحرير السودان التي تعتبر الحزب الحاكم في الجنوب.
وكانت مراسم إعلان انفصال الجنوب قد جرت في جوبا أمس السبت بحضور الرئيس السوداني عمر البشير وزعيم حركة التحرير الشعبية لتحرير السودان سيلفا كيرميارديت حيث تعهد الزعيمان في كلمتيهما بتحقيق السلام والتنمية بين الطرفين.
كما شارك في مراسم إعلان الانفصال عدد من الشخصيات السياسية من ثلاثين دولة أفريقية، بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة.
وجاء في الإعلان الرسمي للانفصال- الذي قرأه رئيس البرلمان جيمس واني إيجا “نحن الممثلون المنتخبون ديمقراطيا للشعب نعلن هنا جنوب السودان دولة مستقلة وذات سيادة” في الوقت الذي أنزل علم السودان ورفع علم جنوب السودان وعزف السلام الوطني للدولة الوليدة وأدى سلفا كير اليمين الدستورية رئيسا لجمهورية جنوب السودان.
وأعلن كير في كلمته عفوا عاما على الجماعات المسلحة المناوئة للحركة الشعبية، ومحاربة الفساد وتحقيق السلام مع كافة دول الجوار، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الجنوب لن ينسى أبيي ودارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وهي مناطق خلافية بين الشمال والجنوب.
من جانبه هنأ الرئيس السوداني عمر حسن البشير الجنوبيين بإعلان الانفصال وعزمهم على تحقيق السلام والتنمية مع الجنوب داعيا المجتمع الدولي إلى تنفيذ وعوده على صعيد دعم السودان لتحقيق التنمية.
وكانت الخرطوم أول من اعترف بالدولة الجديدة الجمعة قبل ساعات من وقوع الانفصال، بيد أن هذا الاعتراف لم يبدد المخاوف من وقوع توتر بين الطرفين لاسيما وأن الشمال والجنوب لم يوقعا حتى الآن أي اتفاقات رسمية بشأن لائحة من القضايا الخلافية العالقة وأهمها ترسيم الحدود وقضايا آبيي وعائدات النفط.
وبعد إعلان الانفصال رسميا، رقص عشرات الجنوبيين ورددوا الهتافات احتفالا باعلان دولتهم الجديدة في الوقت الذي شهدت فيه الخرطوم حالة من الحزن بسبب الانفصال باستثناءات محدودة منها ما ورد على زعيم منتدى السلام والعدالة مصطفى الطيب الذي قال إن حركته أكثر سعادة من الجنوبيين بالانفصال.
وأضاف الطيب أن الانفصال يمثل الاستقلال الحقيقي للسودان وتصحيحا للخطأ التاريخي الذي ارتكبته بريطانيا في القرن الماضي عندما قررت ضم الشمال والجنوب في دولة واحد.
وفي مؤشر محتمل على تحالفات جديدة في السودان، تضمن الحشد الذي شارك في مراسم إعلان الانفصال نحو 200 من مؤيدي عبد الواحد نور زعيم حركة العدل والمساواة إحدى الفصائل المسلحة المتمردة في إقليم دارفور.
أما على صعيد الاعتراف الدولي، فقد أعلنت الصين وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة التي رحب رئيسها باراك أوباما في بيان رسمي صدر السبت بالدولة الجديدة دون أن يشير إلى تغير واضح في الموقف من فرض العقوبات على السودان التي تأمل الخرطوم في رفعها.
وكان مجلس الأمن الدولي قد أقر الجمعة إنشاء قوة لحفظ السلام في جنوب السودان تضم سبعة آلاف جندي، بحكم أن صلاحية قوات الأمم المتحدة “يونميس” انتهت عمليا مع إعلان انفصال الجنوب رسميا أمس السبت.