الأمم المتحدة تتخوف من مجازر بسوريا

اتهمت الأمم المتحدة الحكومة السورية باتباع “تكتيكات جديدة مروعة”، وتحدثت عن “تكثيف خطير” للعنف واستخدام المروحيات لقصف المدن والمراكز السكانية وسط مخاوف من ارتكاب مجازر جديدة في الحفة باللاذقية والرستن وتلبيسة بحمص، وقد تحدث تقرير أممي عن أن القوات السورية قامت بإعدام أطفال في سن الثامنة وتعذيب آخرين واستخدامهم “دروعا بشرية” خلال عملياتها العسكرية.
وصنفت الأمم المتحدة الحكومة السورية الأسوأ على قائمتها “السوداء” السنوية للدول التي تشهد نزاعات يتعرض فيه أطفال للقتل أو التعذيب أو يرغمون على القتال. وتقدر مجموعات حقوق الإنسان أن قرابة 1200 طفل قتلوا منذ بدء الانتفاضة الشعبية قبل 15 شهرا.
ودعا بيان صادر عن مكتب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الاثنين إلى وقف فوري لإراقة الدماء والمعارك في سوريا، مشيرا إلى “تصاعد خطير للعنف” خلال الأيام الماضية بتكثيف الجيش السوري هجماته على المراكز المدنية، وتوجه المعارضة على نحو متزايد إلى الهجمات المنسقة على القوات الحكومية، مما يعرض المدنيين لمخاطر شديدة في المناطق التي تتعرض للقصف.
وأبلغ المراقبون الدوليون التابعون للأمم المتحدة -وفق البيان- عن زيادة مستوى المعارك المسلحة بين القوات الحكومية وقوات المعارضة، وأوضحوا أن “العمليات العسكرية المكثفة للحكومة ومنها قصف مدينة حمص وما تردد من أنباء عن قصف مراكز سكانية أخرى وكذلك إطلاق النار من المروحيات على تلبيسة والرستن تؤدي إلى خسائر فادحة بين المدنيين وانتهاكات لحقوق الإنسان”.
وقال مراقبو الأمم المتحدة إن العديد من المدنيين حوصروا في حي الخالدية بمدينة حمص، حيث تحاول فرق المراقبين التفاوض من أجل إجلاء السكان، وفي هذا السياق قالت بعثة مراقبي الأمم المتحدة في بيان: “تلقت البعثة تقارير تفيد بأن عددا كبيرا من المدنيين بينهم نساء وأطفال، محاصرون داخل المدينة”. لكن لم يتسن التأكد من تقارير تفيد بوقوع خسائر كبيرة في الأرواح.
كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة على أهمية وصول قوة المراقبين الدوليين بلا قيد إلى الحفة وسط أنباء عن حشد لقوات النظام حول البلدة الواقعة في ريف اللاذقية ومخاوف من ارتكاب مجزرة جديدة.
واستنكر بان تصعيد العنف المسلح مع ما وصفه بتحول التكتيكات ولا سيما قصف المراكز السكانية والهجمات على البنية التحتية المدنية من قبل كل الأطراف “وهو ما يعطل تقديم الخدمات الأساسية ويتسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية”.
ودعا المسؤول الأممي الجانبين إلى الوفاء بالتزامهما بالسلام بموجب خطة الوسيط الدولي والعربي المشترك كوفي أنان ووقف إطلاق النار الهش الذي دخل حيز التنفيذ في أبريل/ نيسان الماضي. كما حث كل البلدان التي لها نفوذ على أحد الجانبين على إقناعه بـ”التراجع عن حافة الهاوية والتفكير في العواقب المدمرة التي يسببها تزايد العنف لشعب سوريا والبلد والمنطقة”.
مخاوف أميركية
وفي هذا السياق أبدت واشنطن مخاوفها من وقوع مجزرة في بلدة الحفة بريف اللاذقية بسوريا، محذرة من أن جرائم النظام لن تمر دون عقاب.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن الولايات المتحدة تشاطر أنان القلق البالغ إزاء التقارير بأن النظام ربما يدبر مذبحة أخرى في الحفة هذه المرة. وأضافت في مؤتمر صحفي أن المجتمع الدولي يعلم الوحدات المسؤولة عن هذه الجرائم ضد الإنسانية، التي لن تمر دون عقاب.
من جانبه قال وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا الاثنين إنه لا يوجد “علاج معجزة” لحل الوضع “المأساوي والمعقد” في سوريا، واتهم الرئيس السوري بشار الأسد بارتكاب “أعمال عنف مشينة”.
وإزاء المجازر التي ترتكب بسوريا دعا عبد الكريم الريحاوي رئيس الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان ومدير مركز لاهاي لملاحقة المجرمين ضد الإنسانية في سوريا, المحكمة الجنائية الدولية إلى البدء فورا بالتحقيق في الجرائم المرتكبة في سوريا. وقال للجزيرة إن ذلك يمكن أن يكون تمهيدا لإصدار أوامر توقيف لمرتكبيها وعلى رأسهم كما قال الرئيس الأسد.
مؤتمر دولي
وفي منحى آخر أعلن مسؤول تركي أن أنقرة تدرس الاقتراح الروسي بعقد مؤتمر دولي حول سوريا لإنفاذ خطة أنان.
وقال المسؤول طالبا عدم الكشف عن اسمه إن موفدا من السفارة الروسية في أنقرة “أطلعنا على هذا الاقتراح الأسبوع الماضي ونقوم حاليا بدراسته”.
من جهتها دعت موسكو إلى مشاركة إيران في المؤتمر، وقالت إن وزير خارجيتها سيتوجه إلى طهران لدراسة الأمر مع المسؤولين الإيرانيين، وقالت وزارة الخارجية الروسية إنه “من دون تدخل إيران لن يكون بالإمكان ممارسة ضغوط بناءة على سوريا”، إلا أن الدول الغربية تحفظت على مشاركة طهران.
وتقاوم روسيا الضغوط التي تمارسها الدول الغربية وجامعة الدول العربية لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الأسد وترفض النداءات لفرض عقوبات وتدعو إلى مؤتمر تشارك فيه قوى عالمية وإقليمية بينها إيران.