الناخبون الإسرائيليون عاقبوا نتنياهو لكنهم أبقوه في السلطة


فاز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بفارق ضئيل في انتخابات صوت فيها ناخبون غاضبون لصالح منافس جديد ينتمي للوسط جاء في المرتبة الثانية، ويواجه نتنياهو الآن مهمة مضنية لتشكيل ائتلاف.
وبلورت الانتخابات مطالب بالاهتمام بقضايا محلية وليس طموحات متشددين دينيين كما همشت إلى حد بعيد قضايا سياسة خارجية مثل إحباط خطط إيران النووية والتطلعات الفلسطينية.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي فوزه بعد أن حصل حزب الليكود الذي يتزعمه وحزب إسرائيل بيتنا القومي المتشدد المتحالف معه على 31 مقعدا في البرلمان المكون من 120 مقعدا وفقا لفرز النتائج شبه النهائية.
وهذه النتيجة تجعلهما أكبر كتلة واحدة رغم خسارتهما 11 مقعدا مقارنة بالبرلمان السابق وبصفة مجملة حصلت الأحزاب اليمينية والدينية على نصف مقاعد البرلمان تقريبا في تقليص للهيمنة التي تمتع بها نتنياهو لمدة أربع سنوات خيم عليها جمود في عملية السلام مع الفلسطينيين وتوتر شديد بشأن إيران.
وجاء عنوان صحيفة يديعوت احرونوت أكبر الصحف اليومية توزيعا “ضربة لنتنياهو” فيما يعكس ما قالته وسائل إعلام إسرائيلية أخرى سلطت الضوء على الصعود المفاجيء لحزب يش عتيد “هناك مستقبل” الذي تشير التوقعات إلى انه سيحصل على 19 مقعدا.
واستفاد حزب يش عتيد وحزب العمل الذي يمثل يسار الوسط الذي حل في المرتبة الثالثة ومن المتوقع أن يحصل على 15 مقعدا من مشاعر استياء الطبقة المتوسطة العلمانية من أن يتحمل دافعو الضرائب ما يرون انه عبء إعفاء اليهود المتدينين المتشددين الذين يعتمدون على رعاية الدولة من الخدمة العسكرية.
وسارع نتنياهو الذي تمتع خلال فترتين من توليه منصب رئيس الوزراء بتأييد الأحزاب الدينية بصفة أساسية إلى تقديم مفاتحات لخصومه بقوله انه يريد تشكيل ائتلاف عريض بقدر الإمكان وهي عملية من المرجح أن تستغرق عدة أسابيع.
وقال عضو بارز في حزب يش عتيد الذي يتزعمه يائير لبيد المذيع التلفزيوني السابق إن قضية إنهاء الإعفاء من الخدمة العسكرية أساسية لبرنامج حزبه بالإضافة إلى إحياء محادثات السلام مع الفلسطينيين.
وقال عوفر شيلح لراديو الجيش من يريد حزب يش عتيد في الائتلاف سيحتاج إلى طرح هذه الأمور.
وجاء رد فعل الفلسطينيين إزاء نتيجة الانتخابات مشوبا بالقلق حيث عبروا عن تشككهم في أن تؤدي إلى تشكيل حكومة مستعدة لتقديم تنازلات من اجل السلام حتى إذا ضمت أحزابا من الوسط.
وجاء في مقال افتتاحي في صحيفة القدس التي تصدر في رام الله إن أحزاب الوسط هذه لن تكون أكثر من ديكور تجميلي من شأنه أن يضلل الرأي العام العالمي.
وتقول أن هذا الائتلاف سيتيح للحكومة اليمينية المقبلة أن تطلق يدها في تنفيذ مشاريع التوسع الاستيطاني في الوقت الذي سيكون فيه العالم مشغولا بترقب قيام الوسط بدور ما في تحفيز عملية السلام.
وقال المفاوض الفلسطيني صائب عريقات إن الفلسطينيين لا يسعون إلى تحقيق سلام مع هذا الحزب أو ذاك وان السلام يحتاج إلى إنشاء دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل استنادا إلى الخطوط التي كانت قائمة قبل حرب 1967.
وشهدت علاقة نتنياهو بتهديداته المستترة بعمل عسكري ضد إيران وأسلوبه المتشدد إزاء الفلسطينيين توترا مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي بدأ فترة ولاية جديدة هذا الأسبوع بطموحات عظيمة.
وقال نتنياهو التحدي الأول كان وسيظل منع إيران من الحصول على أسلحة نووية.
وتنفي إيران أنها تسعى لصنع قنبلة نووية وتقول إن إسرائيل التي يعتقد على نطاق واسع إن لديها الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط هي أكبر خطر على المنطقة.
ويرى نتنياهو البرنامج النووي الإيراني على انه تهديد لوجود إسرائيل، وأثار قلقا دوليا بالتلميح إلى عمل عسكري إسرائيلي محتمل لإحباط جهود طهران.
وأسقط عملية صنع السلام مع الفلسطينيين إلى مرتبة متدنية في جدول أعماله رغم اهتمام الغرب بأن تستمر المساعي للتوصل إلى حل.
والآن بعد أن ضعف موقفه بسبب خسارة أصوات ناخبين أصبح في حكم المؤكد إن يحتاج إلى شركاء ينتمون للوسط من اجل تشكيل ائتلاف مستقر.
وقد يظهر بعض المرونة إزاء الفلسطينيين رغم إن قلة يتوقعون حدوث انفراجة في الأشهر القادمة.
وحصل لبيد على تأييد أفراد الطبقة المتوسطة والناخبين العلمانيين من خلال تقديم وعود بحل النقص المتزايد في الإسكان وإلغاء الاستثناءات المقدمة لطلبة المعاهد الدينية اليهودية من الخدمة العسكرية وإجراء إصلاح شامل لنظام التعليم المتعثر.
وحث لبيد نتنياهو على تشكيل حكومة عريضة بقدر الإمكان حتى يمكننا أن نحقق تغييرا حقيقيا في إسرائيل.
وانهارت محادثات السلام التي كانت تجري بوساطة أمريكية في عام 2010 بسبب مشكلة البناء الاستيطاني ومنذ ذلك الحين سرع إسرائيل من البناء في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية وهي الأراضي التي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها في المستقبل وهو ما أثار غضب الشركاء الغربييين.