الأمم المتحدة للحكومة السورية ” أجروا التحقيق بلا تأخير”

طلب الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون من الحكومة السورية السماح لمفتشي المنظمة الدولية بالتحقيق في احدث مزاعم عن وقوع هجوم بالغاز وإتاحة دخولهم لمناطق في ريف دمشق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، حيث قتل مئات على ما يبدو على بعد أميال قليلة من الفندق الذي يقيم فيه الفريق.

ورغم هذا لم تكن هناك أي علامة على أنه سيسمح للخبراء بأخذ عينات قريبا من الموقع الذي شهد فظائع قورنت بقتل آلاف الأكراد العراقيين بالغاز السام في حلبجة في عام 1988.

وقال معارضو الرئيس بشار الأسد إن عدد القتلى يتراوح بين 500 وما يزيد على ألف قتيل وانه لا يزال يتم العثور على مزيد من الجثث في أعقاب الهجوم الذي تنفي الحكومة السورية مسؤوليتها عنه.

ولا يزال من غير المرجح أن يترجم الحديث عن رد أجنبي قوي لاسيما من جانب بريطانيا وفرنسا إلى تحرك سريع ومنسق نظرا للمعارضة الروسية والحذر الشديد في واشنطن.

وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس انه يتعين على المجتمع الدولي الرد بقوة إذا ثبتت المزاعم بأن قوات الحكومة السورية هي المسؤولة عن أشد الهجمات بالأسلحة الكيماوية فتكا ضد مدنيين منذ 25 عاما لكنه أكد أن مسألة إرسال قوات إلى سوريا ليست مطروحة.

ووصفت السلطات السورية المزاعم ضد قواتها بأنها “حملة منظمة كاذبة جملة وتفصيلا”مشيرة إلى توقيت الهجوم وتأكيدات سابقة بأنها لو كان لديها أسلحة كيماوية فإنها لن تستخدمها ضد السوريين أبدا.

وأشارت موسكو حليفة الأسد الرئيسية إلى “استفزاز” من قبل مقاتلي المعارضة الذين يتطلعون إلى الحصول على مساعدات عسكرية غربية.

وقال المكتب الصحفي لبان كي مون “يعتقد الأمين العام إن الحوادث التي وردت عنها تقارير  ينبغي إن يجري التحقيق فيها دون تأخير”.

وأضاف إن طلبا رسميا أرسل من الأمم المتحدة إلى الحكومة السورية في هذا الصدد وقال إن الأمين العام “يتوقع تلقي رد ايجابي بدون تأخير”.

ومن جانبها أيضا قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي اليوم إن مزاعم الهجوم بأسلحة كيماوية في سوريا “خطيرة بصورة استثنائية” ويجب التحقيق فيها بأسرع ما يمكن.

وبعد أشهر من المفاوضات مع حكومة الأسد للسماح للمفتشين بزيارة سوريا وصل إلى دمشق قبل أربعة أيام فريق تابع للأمم المتحدة مهمته هي التحقق فقط من مزاعم استخدام وجود أسلحة كيماوية في ثلاثة مواقع محددة في حوادث صغيرة قبل عدة أشهر وليس من مهام الفريق تحديد مصادر هذه الأسلحة.

ولا يتجاوز تفويضهم ذلك وفشل مجلس الأمن الدولي المنقسم الذي عقد اجتماعا طارئا في تبني مطالب غربية بإجراء تفتيش فوري للمواقع القريبة من دمشق ودعا فقط إلى ضرورة “الوضوح” بشأن الحادث.

ولم تقدم الحكومة السورية أي رد علني على الفور على الدعوات لمنح فريق الأمم المتحدة حرية الوصول إلى المنطقة.

ويقول كثيرون من المقاتلين والنشطاء في المعارضة انه لم يعد لديهم اهتمام بوعود بإجراء تحقيقات من جانب الأمم المتحدة أو المساعدة من الخارج وقال الناشط براء عبد الرحمن “نحن على بعد سبعة كيلومترات  خمس دقائق فقط بالسيارة من مكان إقامتهم، مضيفاً نتعرض لإبادة بالغاز السام بينما هم يحتسون القهوة ويجلسون في فنادقهم”.

وقال قاسم سعد الدين وهو قائد عسكري وناطق باسم القيادة العسكرية العليا للمعارضة إن المعارضة مازالت تتشاور حول كيفية الرد على الهجوم أو ما إذا كان يجب الرد عليه.

وقال إن الناس يزدادون يأسا عندما يرون جولة أخرى من البيانات السياسية واجتماعات الأمم المتحدة دون أي أمل في التحرك.

وأضاف أن المعارضة لا تزال تدرس كيف سترد على الهجوم.

وتحولت الانتفاضة في سوريا ضد حكم عائلة الأسد المستمر منذ أربعة عقود إلى حرب أهلية وحشية أدت إلى سقوط ما يزيد على 100 ألف قتيل في عامين ونصف، وقسمت الشرق الأوسط على أسس طائفية. وتحجم القوى الغربية التي تدعم المعارضة عن الالتزام الكامل تجاه انتفاضة تزداد هيمنة الإسلاميين المرتبطين بالقاعدة عليها لكنهم قالوا إن الاستخدام الكبير والواسع النطاق للأسلحة الكيماوية المحظورة سيغير قواعد اللعبة.

وقال جورج صبرا وهو عضو بارز في الائتلاف الوطني السوري المعارض إن المعارضة تطلب أن يتوجه فريق المفتشين مباشرة وبحرية كاملة إلى موقع الجرائم التي ارتكبت.

وأضاف أنه يتعين على مجلس الأمن الدولي تعديل مهمة الفريق لتفويضه بزيارة أي موقع.

لكن صبرا أبدى شكوكا لان النظام السوري يفرض قيودا على مهمة هؤلاء الخبراء التي تقتصر على زيادة عدد قليل من المناطق ستنقلهم السلطات إليها.

وفي باريس دعا فابيوس إلى تحرك إذا ثبتت صحة المزاعم وقال إنه سيتعين أن يرد المجتمع الدولي بقوة في سوريا لكن إرسال قوات على الأرض غير مطروح.

وأضاف أنه إذا لم يكن بوسع مجلس الأمن الدولي اتخاذ قرار فسيتعين اتخاذ قرار “بطرق أخرى” دون أن يذكر تفاصيل، لكن من المرجح أن يكون التحرك الدولي الفوري محدودا.

وقال مسؤولون أوروبيون تحدثوا بشرط عدم الكشف عن أسمائهم إن الخيارات التي تتراوح بين شن ضربات جوية أو إقامة منطقة حظر للطيران أو تقديم أسلحة ثقيلة لبعض مقاتلي المعارضة لا تزال مطروحة

على الطاولة لكن من غير المحتمل اتخاذ إجراءات ملموسة دون دعم من الولايات المتحدة وهو لا يزال مستبعدا.

وقال أحد المسؤولين “رد الفعل الأمريكي في أعقاب الهجوم الذي وقع اتسم بالحذر، مضيفاً إنه لا يمكننا عمل شيء يذكر بدون القوة النارية الأمريكية”.

ولا تزال قوات الأسد تقصف بشدة منطقة الغوطة، ويقول نشطاء إن ذلك سيضع مزيدا من العراقيل أمام دخول مفتشي الأمم المتحدة المنطقة.

وتقول واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون إن القوات الموالية للأسد استخدمت كميات محدودة من غاز السارين وهو ما استدعى الزيارة الحالية لفريق الأمم المتحدة لكن قوات الأسد تواجه أيضا اتهامات باستخدام أسلحة كيماوية ضد مقاتلي المعارضة خصوصا في خان العسل قرب حلب حيث قتل 25 شخصا.

وقال متحدث باسم المعارضة السورية اليوم انه لا يزال يتم العثور على جثث على مشارف دمشق.

وقال خالد صالح المتحدث باسم الائتلاف الوطني السوري الذي كان يتحدث من اسطنبول انه يتوقع ارتفاع عدد القتلى بعد اكتشاف وجود منطقة تمتلئ المنازل فيها بالقتلى في بلدة زملكا.

وقال فهد المصري المتحدث باسم الجيش السوري الحر في باريس إنه تم توثيق 1729 حالة وفاة، مضيفاً أن آخرين يعانون من مشاكل في التنفس.

وقال نشطاء بالمعارضة إن رجالا ونساء وأطفالا قتلوا وهم نيام وقالوا إن عدة بلدات في الغوطة تعرضت للقصف بصواريخ تحمل غازات سامة.

وأظهرت صور عشرات الجثث مسجاة على الأرض ولا توجد بها آثار إصابات وأظهرت بعض الصور خروج رغاوي من أفواه وأنوف بعض الجثث.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة غير قادرة على القول بشكل قاطع إن أسلحة كيماوية استخدمت في هجوم مزعوم بالغاز قرب دمشق وان الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمر أجهزة المخابرات بالعمل بشكل عاجل على جمع معلومات للمساعدة في التأكد من المزاعم. وقالت المتحدثة باسم الوزارة جين ساكي للصحفيين ” نحن غير قادرين في هذا الوقت على القطع باستخدام أسلحة كيماوية”.

وفي حين أنه يشتبه في أن القوات المسلحة السورية لديها مثل هذه المخزونات أشار المحللون كذلك إلى أن وحدات مارقة لا تخضع لأوامر مباشرة من الحكومة ربما اختارت استخدام هذه الأسلحة وكذلك أيضا بعض جماعات المعارضة إذا كانت استولت على مثل هذه الأسلحة.

 


إعلان