مبارك يخرج من السجن إلى الإقامة الجبرية


غادر الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك السجن في انتصار رمزي لنظام قديم هيمن عليه الجيش الذي انقلب عسكرياُ على خليفته محمد مرسي أول رئيس منتخب بشكل حر في البلاد.
وقال مسؤولون إن طائرة هليكوبتر نقلت مبارك من سجن طره بالقاهرة الذي احتشد أمامه العشرات من مؤيديه للترحيب بالإفراج عنه إلى مستشفى عسكري في ضاحية المعادي القريبة بجنوب العاصمة.
ويرى خصوم مبارك أن خروجه من السجن إلغاء لانتفاضة يناير كانون الثاني 2011 التي أطاحت به بعد ثلاثة عقود في السلطة، لكن بعض المصريين الذين أيدوا قرار الجيش عزل مرسي عبروا عن ولعهم بمبارك /85 عاما/ قائد القوات الجوية الأسبق الذي حقق الاستقرار بقبضته القوية على السلطة.
وأمرت النيابة العامة بالإفراج عنه من سجن طرة حيث سيواجه لاحقا إعادة محاكمته في قضية قتل متظاهرين.
وقال مكتب رئيس الوزراء إن مبارك سيوضع تحت الإقامة الجبرية في قرار اتخذ بموجب حالة الطوارئ المعلنة منذ الأسبوع الماضي بعدما فضت الشرطة اعتصامين بالقاهرة لمؤيدي مرسي المطالبين بعودته للسلطة.
وقالت مصادر رسمية إن ما لا يقل عن 900 شخص بينهم نحو 100 من الجنود والشرطة قتلوا في أعمال عنف في مختلف أنحاء مصر خلال الأسبوع المنصرم في أسوأ حلقة من العنف الدموي في البلاد منذ عقود.
وتقول جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي إن عدد القتلى أكبر بكثير وسقط معظم القتلى برصاص قوات الأمن.
وفي أحدث أعمال عنف قتل مسلحون يستقلون سيارة رائدا بالجيش وجنديا قرب مدينة الإسماعيلية المطلة على قناة السويس قبل أن يلوذوا بالفرار، وقد أفزع اخلاء سبيل مبارك بعض المصريين.
وبالنسبة لمن يراقبون مصر من الخارج كانت الرمزية حاضرة بقوة وقال جوشوا ستاتشر خبير شؤون مصر لدى جامعة كينت بالولايات المتحدة هذه هي النهاية لن يكون مبارك لاعبا سياسيا مهما أبدا لكن من الناحية الرمزية هذه رقصة النصر من جانب الدولة القديمة التي عادت للحياة تحت زعامة القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وحكم على مبارك بالسجن المؤبد العام الماضي في قضية قتل المتظاهرين خلال الانتفاضة ضده لكن محكمة قبلت طعنه في يناير.
وأمرت بإعادة المحاكمة في القضية التي قضى فيها بالفعل أقصى فترة ممكنة للحبس الاحتياطي وكان مبارك اعتقل في ابريل نيسان 2011. وصدر حكمان بإخلاء سبيله في قضيتي فساد منفصلتين هذا الأسبوع
وهو ما أزال السبب القانوني لاستمرار حبسه رغم أنه سيمنع من مغادرة البلاد وستظل أصوله مجمدة.
وفي مستشفى المعادي العسكري الذي نقل إليه لم يكن هناك ما يشير إلى إجراءات أمنية إضافية باستثناء وجود ثلاث سيارات للشرطة على مقربة من المستشفى في حين قام جنود من الجيش بحراسة البوابة الرئيسية.
ودخل المرضى والزوار وخرجوا في سيارات وسيرا على الأقدام من المجمع الطبي الذي يشبه فندقا شاطئيا تنتشر به أشجار النخيل والمساحات الخضراء.
وعلى مقربة من بوابة السجن الذي تركه مبارك كان هناك نحو 20 شخصا من أقارب السجناء يحتمون في ظل أسوار السجن في انتظار دورهم لزيارتهم.
وحدثت حالة من الهياج لفترة قصيرة حين وبخت خديجة ابنة خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الصحفيين الذين ينتظرون خروج مبارك وقالت خديجة “لماذا تنتظرون مبارك نحن الإسلاميون في السجن هناك”.
وصاح بها بعض الصحفيين يسألون عن سبب مقتل ضباط من الشرطة في الاضطرابات لكنها ردت بأنها منعت من زيارة والدها المسجون وعندما سئلت عما إذا كان قد اتصل بمحام فقالت إن محاميه في السجن أيضا.
والإفراج عن مبارك قد يخدم منطق الإخوان المسلمين الذين يقولون إن الجيش يحاول إعادة النظام القديم، وتصور الحكومة المصرية المؤقتة التي يدعمها الجيش صراعها مع الجماعة على أنه صراع ضد الإرهاب.
ويشعر المصريون بالقلق نتيجة للاضطرابات السياسية التي تفجرت منذ الانقلاب العسكري على مرسي في الثالث من تموز.
وأعلن الجيش خارطة طريق للعودة إلى الديمقراطية لكن هذا لم يحدث حالة من الاستقرار في البلاد.
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط إن قوات الأمن اعتقلت أحمد عارف المتحدث باسم الجماعة.
ودعا أنصار مرسي إلى المشاركة في مظاهرات في “جمعة الشهداء” غدا ضد “الانقلاب العسكري”الذي أطاح به قبل نحو سبعة أسابيع.
وقال التحالف الوطني لدعم الشرعية الذي يطالب بإعادة مرسي إلى منصبه في بيان سنبقى بإذن الله صامدين مرابطين علي طريق دحر الانقلاب العسكري الدموي الغاشم”.
وتراجع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مساعداتهما لمصر في ضوء العنف لكن السعودية التي تعادي الإخوان المسلمين تعهدت بسد أي نقص ينجم عن وقف المساعدات وتعهدت بالفعل كل من السعودية والإمارات والكويت بتقديم 12 مليار دولار لمصر منذ سقوط مرسي.
وأحجم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عن القيام بتخفيضات فورية في المساعدات لمصر فيما يرجع جزئيا للقلق من أن يضر هذا بأي جهود وساطة من جانب الاتحاد في المستقبل.
وانهارت محاولة من الاتحاد للوساطة قبل مداهمة قوات الأمن لاعتصامي مؤيدي مرسي.
ووصف جيمس مورجان سفير الاتحاد في القاهرة احتمالات المصالحة بأنها صعبة للغاية، وأضاف ردا على سؤال عما إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين تتبنى الإرهاب كما تقول وسائل الإعلام الرسمية في مصر “الانفعالات شديدة للغاية والعواطف متأججة يتعين أن تهدأ الأمور قليلا”.
وقال سيكون من الجيد ألا يتم تلوين ذلك كله بلون واحد ربما تكون هناك وجهات نظر مختلفة داخل الحركة الإسلامية، الشيء الوحيد المؤكد هو وجود جمهور من الإسلاميين وسيتعين البحث عن سبيل بشكل ما للعيش معه”.
واجتمع جيفري فيلتمان المسؤول الكبير في الأمم المتحدة مع رئيس الوزراء المؤقت حازم الببلاوي في إطار مساع لدعم السلام والمصالحة. وانتقدت الحكومة بشدة محاولات غربية لاستخدام المساعدات أو الإقناع لحملها على السعي إلى حل وسط سياسي.