مصرتهدر فرصة تاريخية لإدانة الاستيطان الإسرائيلي بمجلس الأمن

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

دعت نيوزيلندا وماليزيا وفنزويلا والسنغال إلى تصويت بمجلس الأمن الدولي مساء اليوم على مشروع قرار يطالب بوقف بناء المستوطنات الإسرائيلية، وذلك بحسب ما قاله دبلوماسيون لوكالة رويترز.

وقال مسؤولون غربيون إن الولايات المتحدة كانت تنوي السماح بتبني مشروع القرار في تحول كبير عن السياسة الأمريكية القائمة على حماية إسرائيل من أي إجراءات بالمجلس.

وكان من المقرر أن يصوت المجلس الذي يضم 15 عضوا على المسودة مساء أمس الخميس؛ لكن مصر سحبت المسودة تحت ضغط من إسرائيل والرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب.

وأعلنت مصر الجمعة أنها وافقت على تأجيل التصويت على مشروع قرار ضد الاستيطان الإسرائيلي في مجلس الأمن الدولي بعد اتصال تلقاه الرئيس عبد الفتاح السيسي من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب.

وكانت مصر قد طلبت أمس الخميس تأجيل التصويت على مشروع القرار الذي قدمته الأربعاء، الذي يدعو إسرائيل إلى “وقف فوري وتام لكل أنشطة الاستيطان”، ما دفع إسرائيل إلى الاتصال بترمب لمنع التصويت.

وذكر مسؤول إسرائيلي كبير أن الحكومة الإسرائيلية اتصلت بفريق ترمب مباشرة عندما أدركت أن الولايات المتحدة لن تستخدم الفيتو ضد مشروع القرار.

وقال هذا المسؤول لوكالة الأنباء الفرنسية طالبا عدم كشف هويته “عندما علموا أن (الإدارة الأمريكية الحالية) لن تضع فيتو على القرار، اتصل مسؤولون إسرائيليون مع أعضاء في فريق ترمب الانتقالي ليطلبوا مساعدة الرئيس المنتخب”.

وكانت شبكة “سي ان ان” نقلت عن مسؤول إسرائيلي لم تكشف عن هويته إن إسرائيل “تمنت على البيت الأبيض عدم السير قدما (في عملية التصويت) وقلنا لهم إنهم إذا فعلوا ذلك فانه لن يكون لدينا خيار آخر سوى الالتفات إلى الرئيس المنتخب ترمب”.

وأضاف “التفتنا إلى الرئيس المنتخب ونحن ممتنون له لتدخله ولم يكن الأمر سهلا”.

وأصدر ترمب الخميس بيانا طالب فيه واشنطن بالتصويت بالنقض على مشروع القرار. واتصل بالرئيس المصري لسحب مشروع القرار.

من جهتها، قالت الرئاسة المصرية في بيان إن الرئيس السيسي تلقى اتصالا من نظيره المنتخب دونالد ترمب وأن الاتصال “تناول مشروع القرار المطروح أمام مجلس الأمن حول الاستيطان الإسرائيلي”.

وأضاف البيان، أن السيسي وترمب “اتفقا على أهمية إتاحة الفرصة للإدارة الأميركية الجديدة للتعامل بشكل متكامل مع كافة أبعاد القضية الفلسطينية بهدف تحقيق تسوية شاملة ونهائية لهذه القضية”.

وتابع البيان “الرئيسان اتفقا على تأجيل التصويت في الأمم المتحدة على مشروع قرار ضد الاستيطان الإسرائيلي”. وفاجأ التحول في الموقف المصري العديدين.

لأن السيسي قائد الجيش السابق الذي ينظر إليه البعض على أنه “امتداد للرئيس المصري جمال عبدالناصر” وافق على سحب مشروع القرار بناء على طلب من الرئيس الأمريكي المنتخب ترمب.

وقامت إسرائيل بجهود حثيثة للضغط على مصر للتخلي عن مشروع القرار، واتصلت بمؤيديها في الولايات المتحدة وفي مجلس الأمن الدولي للحصول على دعمهم.

ودعا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الولايات المتحدة إلى استخدام حق النقض لوقف مشروع القرار، مشيرا من سنوات إلى استعداد واشنطن “للوقوف في الأمم المتحدة والتصويت بالنقض على القرارات المناهضة لإسرائيل”.

وكان نص شبيه بمشروع القرار هذا اصطدم في 2011 بفيتو أمريكي.

ويبدو أن تدخل ترمب والقرار المصري بتأجيل التصويت قد فاجأ واشنطن، إذ الغى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خططا بإلقاء كلمة يوضح فيها رؤيته لعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

وانتقد أوباما إسرائيل مرارا بشأن الاستيطان الذي كان يعتبره مشروع القرار المصري “خطيرا على استمرارية حل دولتين” تتعايشان بسلام وأمان.

واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في 1967 وضمت القدس الشرقية في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.

وألمح دبلوماسي بارز في مجلس الأمن إلى أن مشروع القرار قد يدفن إلى الأبد.

وقال الدبلوماسي الغربي “كانت هناك فرصة. ولم يعد واضحا ما إذا كانت هذه الفرصة لا تزال متاحة”.

ودعا ترمب الذي وعد خلال حملته الانتخابية بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وأكد ترمب في بيان له: “كما تقول الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يمكن أن يصنع إلا عبر مفاوضات مباشرة بين الطرفين وليس عبر شروط تفرضها الأمم المتحدة”.

واختار الرئيس الأمريكي المنتخب المتشدد ديفيد فريدمان سفيره إلى إسرائيل.

وقال فريدمان إن واشنطن يجب أن لا تضغط على إسرائيل لوقف نشاطاتها الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة.

وتعتبر إسرائيل القدس بشطريها عاصمتها “الأبدية والموحدة” في حين يطالب الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة.

ويعيش قرابة 400 الف شخص في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، بحسب السلطات الإسرائيلية وسط 2.6 مليون فلسطيني.

وعقد سفراء الدول العربية جلسة طارئة في الأمم المتحدة للضغط على مصر للمضي قدما في مشروع القرار، إلا أن لجنة من الجامعة العربية قررت عقب اجتماع في القاهرة مواصلة المحادثات بشان مشروع القرار.

وبعد الاجتماع مساء الخميس في القاهرة، صرح سفير فلسطين في مصر والجامعة العربية جمال الشوبكي أن المشاورات قد تستغرق “يومين” قبل اتخاذ قرار بشأن إجراء تصويت.

ويعتبر المجتمع الدولي كل المستوطنات غير قانونية سواء أقيمت بموافقة الحكومة الإسرائيلية أم لا، كما يعتبرها عقبة كبيرة أمام تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين إذ أن البناء يجري على أراض يمكن أن تصبح جزءا من دولة فلسطينية مقبلة.

وعلى الرغم من ذلك، لاحظ مسؤولو الأمم المتحدة زيادة في وتيرة البناء الاستيطاني في الأشهر الماضية، بينما يعتبر مسؤولون إسرائيليون انتخاب ترمب فرصة لتوسيع الاستيطان.

وكان مشروع القرار المقترح يدعو إسرائيل إلى “وقف فوري وتام لكل أنشطة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية”.

كما أن المشروع كان يقول أن المستوطنات الإسرائيلية “تعرقل بشكل خطير تحقيق حل الدولتين” الذي يفترض أن يؤدي إلى إعلان دولة فلسطين تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل.

ويشدد النص على أن وقف المستوطنات “ضروري من أجل إنقاذ حل الدولتين ويدعو إلى القيام بخطوات فورية” لتغيير مسار الأمور على الأرض.

وعملية السلام في الشرق الأوسط متوقفة منذ انهيار المبادرة الأمريكية لإعادة إطلاق عملية السلام في نيسان/أبريل 2014.

وأعلنت فرنسا نيتها استضافة مؤتمر دولي في 15 يناير/كانون الثاني المقبل لمحاولة إعادة إطلاق محادثات السلام على أساس حل الدولتين.