كيف ينظر الرئيس المصري إلى فقراء بلاده؟

تكتظ السجون المصرية بعشرات الآلاف من المعتقلين وتمارس السلطات انتهاكات حقوقية تصفها منظمات دولية بالخطيرة، فيما تنفيها الحكومة. كذلك الحال الاقتصادي في البلد الذي يبلغ تعداده أكثر من 90 مليون نسمة، توجد أرقام محبطة عن الأحوال المعيشية والاقتصادية فيما يتحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن إنجازات. 

إنها حالة إنكار الواقع في مصر، بحسب مراقبين.

 خبراء اقتصاديون رأوا تصريح الرئيس المصري عن الأحوال الاقتصادية ببلاده أمام البرلمان أمس السبت، مغايرا للحقيقة.

 وقال السيسي في كلمته أمام مجلس النواب السبت:”  لن نسمح لأحد أن يعرقل مسيرة الانطلاق نحو البناء السياسي والتقدم الاقتصادي ..إننا نسعى إلى تحقيق ارتفاع في معدلات النمو الاقتصادي في زمن قياسي”.

 وذكر السيسي عدة مشروعات أثير حول أهميتها وجدواها الاقتصادية جدل كبير في مصر مثل مشروع التفريعة الجديدة لقناة السويس والتي انخفضت إيرادات القناة منذ افتتاحها العام الماضي، وكذلك مشروعات لم يبدأ العمل فيها مثل مشروع المليون ونصف مليون فدان أو محطة الضبعة النووية.

 وقال السيسي: “لقد أتاحت هذه المشروعات فرص عمل لأكثر من مليون مواطن مصري، بما تنعكس آثاره على نحو أكثر من خمسة ملايين مواطن غير أنني أُدرِك أن ثمار هذه المشروعات وغيرها تستغرق وقتاً أكبر كـي نحصدها”.

 ما تحدث عنه الرئيس المصري من مشروعات والتي يعتبرها إنجازا في فترة حكمه حتى الآن تتعارض مع الأرقام الرسمية التي تؤكد زيادة معدلات الفقر والبطالة بالبلاد.

 

قال الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي: حديث السيسي عن توفير “المشروعات الوهمية” التي سماها القومية مليون فرصة عمل غير صحيح، حيث ذكر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن معدل البطالة قد وصل إلى 12.8بالمائة في الربع الثاني من عام 2015.

 

وأضاف الصاوي أن معاناة الفقراء ومحدودي الدخل ازدادت في مصر بعد الانقلاب بشكل كبير ، وتم رفع الدعم عن المنتجات البترولية وزيادة الجمارك على كثير من السلع وأدى الارتفاع الكبير لسعر الدولار أمام الجنيه إلى زيادات كبيرة في الأسعار، ورغم هذا قال السيسي في معرض حديثه عن الفقراء والمهمشين: “منذ أن توليت مهمتي ومسئوليتي، كان همى الأكبر وشاغلي الأساسي هم الكادحون والبسطاء من أبناء هذا الشعب، وكان التخفيف عنهم والارتفاع بمستواهم المعيشي على رأس أولويات الدولة”.

 

وتابع الصاوي أن معدلات التضخم زادت لتجاوز 11 بالمائة بحسب الأرقام الرسمية، بينما الأرقام الواقعية تزيد عن 20 بالمائة وهذا ما يلمسه المواطن من خلال ارتفاع أسعار كافة السلع الأساسية، بالرغم من وعود قائد الانقلاب المتكررة بخفض الأسعار، وقد أثبت الواقع عدم صحة هذه الادعاءات، كما أن العاملين بالحكومة يواجهون مشكلات كبيرة في ظل ارتفاع الأسعار وثبات المرتبات ، كما لم يحدث أي تحسن في مستويات التعليم والصحة والخدمات العامة والبنية الأساسية، بدليل تصريح وزير النقل أن 41 بالمائة من الكباري معرضة للانهيار بسبب ضعف الإنفاق على الصيانة.

 

وسبق أن كتب الخبير الاقتصادي المصري، ممدوح الولي إن الحكومة المصرية رفعت الرسوم الجمركية لنحو 615 سلعة  وهي الزيادة التي رفعت الأسعار بالأسواق.

 

وأضاف الولي في مقال نشره موقع “مصر العربية” أن البرلمان المصري سيوافق البرلمان على قانون الخدمة المدنية أيًا كانت صورته، خاصة وأن خفض أجور الموظفين مطلب أساسي لصندوق النقد وللبنك الدولي ولبنك التنمية الأفريقي، وتم التعهد به خلال إجراءات منح قرض الـ 4.5 مليار دولار لمصر، والتي تم وصول 1.5 مليار دولار منها، ويرتبط وصول باقي المبلغ بتنفيذ التعهدات التي تشمل خفض مخصصات أجور الموظفين، وخفض للدعم وعودة للخصخصة للبنوك والشركات الحكومية وغيرها.

 

وينص قانون الخدمة المدنية الجديدة على إجراء بعض الخطوات لتقييم موظفي الدولة وهو ما يفسره البعض بنية الحكومة تقليص عدد العاملين بالجهاز الإداري.

 

وأضاف الولي :بالتوازي مع ذلك أعلن رئيس الوزراء عن التجهيز لإرسال قانون القيمة المضافة للبرلمان لإقراره، وهو القانون الذي تأمل وزارة المالية من خلاله زيادة الحصيلة الضريبية بنحو 31 مليار جنيه سنويًا، حسب البيانات الرسمية للوزارة، والذي سيتسبب في ارتفاع أسعار السلع بالأسواق حسب تصريحات لوزير المالية نفسه.

 

وبالتوازي لذلك أيضًا مهدت الحكومة لرفع أسعار مياه الشرب، والذي ذكرت مصادر رسمية أنها ستتم مع بداية مارس القادم، وأكدت مصادر بوازرة الإسكان أن زيادة العام الحالي بأسعار مياه الشرب، ستكون البداية لزيادات أخرى لمياه الشرب خلال السنوات الخمس القادمة، حتى تصل الأسعار إلى التكلفة الفعلية لإنتاج المياه.

 

ولن تكتفي السلطات الحكومية بزيادات الجمارك، وإقرار قانون الخدمة المدنية، وقانون ضريبة القيمة المضافة، ورفع أسعار مياه الشرب، فهناك قرارات رفع أسعار خدمات عديدة بالطريق، حيث تضمنت موازنة المواطن التي أعلنتها وزارة المالية في سبتمبر الماضي، عن زيادات بإيرادات الموازنة خلال العام المالي الحالي بنحو 98.5 مليار جنيه، تشمل عوائد تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنحو 31 مليار جنيه، وخفض فاتورة أجور الموظفين بعشرة مليارات جنيه، وخفض دعم الكهرباء بنحو 9 مليارات جنيه، و3 مليارات جنيه من استكمال تطبيق قانون الضريبة العقارية، و6.5 مليارات جنيه من مراجعة رسوم بعض الخدمات.

المصدر : الجزيرة مباشر