استقرار سياسي وعدالة اجتماعية دفعا الأتراك لإفشال الانقلاب

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

يتساءل كثيرون عن الدوافع التي جعلت الشعب التركي يستجيب بسرعة مذهلة لطلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان النزول للشوارع لمقاومة الانقلاب، والبسالة التي أبداها الأتراك في مواجهة الدبابات والرصاص الحي مما أدى إلى مقتل نحو 160 مدني.

والجواب يكمن في أن  حزب العدالة والتنمية وبعد 14 عاما في السلطة، نجح في بناء تركيا جديدة، وفي تحويلها من دولة تعاني من مؤشرات اقتصادية كلية متدنية، إلى مصاف الدول العشرين الأقوى اقتصاديا في العالم، وذلك عبر أربعة أعمدة أولها مستقبل سياسي مستقر وواضح، وثانيها: نظام اقتصادي يوفر العدالة في توزيع الدخل، وثالثها: نظام حقوقي يراعي جميع حقوق وحريات المواطنين، ورابعها: نظام اجتماعي يوفر الخدمات الصحية والتعليمية التي تليق بكرامة الإنسان، وكذلك اعتبار أن الأساس خدمة الدولة للمواطن، وليس خدمة المواطن للدولة، وأن الدولة قائمة من أجل الإنسان، وليس الإنسان قائم من أجل الدولة، وأن الدولة مسؤولة عن كل احتياجات المواطنين، بحسب ما قال رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داوود أوغلو.

إنجازات 3 أشهر

و خلال الـ 3 أشهر الأولى من تشكيل الحكومة التركية الحالية بعد الانتخابات الأخيرة استهدفت: منح 50 ألف ليرة تركية ( نحو 17 ألف دولار أمريكي) من دون فوائد لكل شاب هدفه تأسيس عمل يوفر فرصا للعمل، وقروضا دون فوائد بقيمة 100 ألف ليرة للمشاريع المقترحة من الشباب، وتوفير خدمة الإنترنت بشكل مجاني للشباب، ورفع قيمة المنح الدراسية للشباب، وإعفائهم من رسوم جوازات السفر.

وبالنسبة للنساء قدمت الحكومة منحة بقيمة 200 ليرة لكل امرأة عند إنجاب الطفل الأول، و400 ليرة عند إنجاب الطفل الثاني، و600 ليرة عند إنجاب الطفل الثالث، وفرصة العمل نصف يوم مقابل أجرة يوم كامل بعد الولادة للنساء العاملات.

وفي شأن المزارعين والمهنيين والمتقاعدين، أعفت الحكومة المزارعين من ضرائب السماد والبذور؛ وبالتالي تخفيض تكاليفهم، وتقديم 30 ألف ليرة للمهنيين كقرض دون فوائد، وقرض إضافي بقيمة 100 ألف ليرة عند الضرورة، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 1300 ليرة، وتوفير دخل إضافي للمتقاعدين بقيمة 1200 ليرة على أقساط شهرية.

وجاءت هذه الإنجازات تتويجا لمسيرة حزب العدالة والتنمية في مجال العدالة الاجتماعية، حيث وضع نظام المساعدات الاجتماعية بتركيا بعد 2001 شبكة شاملة من برامج الرفاه الاجتماعي.

تحسين نوعية الخدمات الاجتماعية

وشهد عام 2011 إنشاء وزارة جديدة للأسرة والسياسات الاجتماعية دليلا على التزام حكومة العدالة والتنمية بتحسين نوعية الخدمات الاجتماعية، حيث خصصت الحكومة لوزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية حصة من موازنة 2013 السنوية أكبر من حصص الوزارات الأخرى، فقد زادت الموازنة السنوية للوزارة إلى 14.7 مليار ليرة تركية في 2013 مقارنة بنحو 8.8 مليار ليرة تركية في السنة السابقة.

كما وفر الأداء القوي للاقتصاد التركي أيضًا أموالا إضافية للسياسات الاجتماعية، وبينما بلغت النفقات المتعلقة بالمساعدات والخدمات الاجتماعية 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي لتركيا في 2002، ارتفع إجمالي الإنفاق الاجتماعي بما في ذلك المدفوعات المختلفة لوكالة الضمان الاجتماعي في 2011 إلى 1.42 %ِ من الناتج المحلي الإجمالي، ووفقا للأرقام المجردة زاد الإنفاق الاجتماعي من 1.376 مليار ليرة تركية في 2002 إلى 18.216 مليارًا في 2012.

حقوق المعاقين

تم تنفيذ العديد من الإجراءات من أجل تطوير حقوق المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وازدادت بشكل ملحوظ المبالغ التي تخصصها الدولة لخدمات المعاقين، ففي عام 2011 أجريت تعديلات قانونية من أجل توظيف المعاقين، ونتيجة لذلك ارتفع عدد موظفي الدوائر الحكومية من ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل ملحوظ، فوصل العدد في عام 2014 إلى 36.165 ألف وظيفة، بعد أن كان5.777 آلاف وظيفة عام 2002.

وفي إطار رفع المستوى المعيشي لذوي الاحتياجات الخاصة، ازداد الراتب الشهري المخصص للمعاقين العاطلين عن العمل، أو الذين لا يستطيعون العمل بنسبة 30%، كما تم إعفاء الموظفين المعاقين من الورديات الليلية، وتم توفير إمكانية تحديد فترات العمل والراحة لهؤلاء الموظفين، كما تم السماح بحق التقاعد المبكر للموظفين المعاقين، وأيضاً لأمهات الأطفال المعاقين الذين يحتاجون لرعاية.

كما تم استحداث راتب للمسنين البالغين 65 عاماً، وللمعاقين الذين يبلغون 18 عاماً، ولمن يقوم برعاية معاق من الأقرباء، وفي هذا الإطار تم منح رواتب لمليون و228 ألف و355 شخصاً بحلول نهاية عام 2012، وقد وصل إجمالي الرواتب المدفوعة في ذلك العام إلى أكثر من 2 مليار و911 مليون ليرة تركية.

كما تم لأول مرة ضم جميع المعاقين المحتاجين لرعاية إلى خدمة الرعاية، ودفع قيمة خدمة الرعاية المقدمة للمعاقين في المنازل أو في مراكز الرعاية الخاصة، وتم تأمين الاستفادة المجانية لجميع المعاقين ذوي الحاجة للتعليم الخاص وإعادة التأهيل، وقد تجاوز عدد المستفيدين من هذه الخدمة بحلول نهاية عام 2012 أكثر من 256 ألف طالب معاق، ووصلت المبالغ المخصصة لهذه الخدمة بحدود مليار و263 مليون ليرة تركية عام 2012.

بحلول نهاية عام 2012 بلغ عدد المعاقين المستفيدين من خدمة الرعاية المنزلية 398 ألف و335 معاقاً، وقد وصلت تكلفة هذه الخدمة إلى أكثر من مليارين و944 مليون ليرة تركية.

في عام 2002 كان عدد المدارس المخصصة للمعاقين 308 مدراس، وقد وصل هذا العدد في نهاية عام 2012إلى 814 مدرسة، وارتفع عدد الطلاب الدارسين في مؤسسات التعليم الخاص الموجه للمعاقين، وفي فصول التعليم الخاص من 53 ألف طالب إلى 220 ألف طالب، وتم تخصيص حافلات مجانية لنقل الأطفال المعاقين.

وفي سبيل إزالة العوائق أمام مشاركة المعاقين في الحياة الاجتماعية، تم تجهيز جميع أنواع الطرق العامة وممرات المشاة والساحات المفتوحة، بشكل يسهل عملية انتقال المعاقين، وكذلك خدمات النقل الجماعي داخل المدن.

المصدر : الجزيرة مباشر