علاء صادق يكتب: 3 نقاط للفراعنة.. أداء هابط وفوز وهدف بديع


في عالم الرياضة.. لا يسجل التاريخ إلا النتائج.. ولا يستمر في المسابقات إلا الفائزون.. وهو ما يشير إلى أن منتخب مصر حقق الغرض المنشود من مباراته ضد نظيره الأوغندي وفاز باللقاء وحصد النقاط الثلاثة واقترب كثيرا من التأهل عبر أضعف المجموعات إلى الدور ربع النهائي.
لا يهم كثيرا أن الأداء كان هابطا إلى درجة لا يصدقها أحد أو أن المنتخب الأوغندي الفقير مهاريا والسطحي خططيا كان ندا كبيرا عبر أغلب أوقات المباراة أو أن الفراعنة فشلوا على مدار 89 دقيقة فى خلق الفرص الكبيرة أو سيادة وسط الملعب أو تنفيذ هجمات مرتدة ناضجة.. ولكن المهم أن المصريين استثمروا تفوقهم الفني والمهاري الملموس بخطف هدف في توقيت قاتل قبل دقيقة واحدة من النهاية.. وهو من أجمل أهداف البطولة ولعله الأعلي فى العمل الجماعي على الإطلاق.. وبدأ بثلاث حالات متتالية من التفوق للمصريين في ألعاب الهواء المشتركة خلال عشر ثوان فقط وهو استثناء لما حدث في المباراة من سيادة للأوغنديين في معظم ألعاب الالتحام وسباقات السرعة.. وبدأت النهاية الرائعة للهدف عندما انطلق البديل محمود كهربا بالكرة في الجناح الأيسر بلا أي رقابة من المدافعين حتى وصل إلى مسافة ثلاثين مترا.. وبعد لحظة رؤية واسعة أرسل هدية العمر إلى محمد صلاح غير المراقب نهائيا داخل منطقة الجزاء فى أول فرصة مؤكدة للفراعنة.. وإذا بأمهر لاعبي مصر يفشل في تهيئة الكرة لنفسه بالشكل الصحيح الذي يمنحه الوقت والمساحة المطلوبة للتسديد المريح على المرمى وإحراز الهدف المرتقب وأحاط به مدافعان وأغلقا الطريق نحو المرمى.. ولأنه موهوب جدا لم يفكر صلاح في التسديد بعد أن صار الطريق مسدودا وتمهل لجزء من الثانية انتظارا لوصول زميله البديل عبد الله السعيد ومرر له الكرة في اليمين لينفرد السعيد بلا أي تواجد لأي مدافع وسدد بيمناه قذيفة هي الأقوى للفراعنة في المباراة.. فاخترقت المساحة الصغيرة بين قدمي الحارس نحو الشباك هدفا رفع رصيد منتخب مصر إلى أربع نقاط وصعد إلى المركز الثاني خلف غانا.. وبات تعادلهما في المباراة الأخيرة للمجموعة كافيا بصعودهما معا فى المركزين الأول والثاني.
المحطة الأولى: لم تكن التشكيلة المصرية مناسبة أبدا للمباراة ضد فريق منكمش خائف من الهزيمة بالإضافة لنقص الجانب المهاري عند المنافسين.. وهو ما يستوجب وفرة بين اللاعبين المهرة للاستفادة بالتمرير الصحيح السريع ولكن المدرب الأرجنتيني للفراعنة هيكتور كوبر أشرك لاعبين في ارتكاز الوسط محمد النني وطارق حامد دون أي داع في ظل نقص مهاجمي أوغندا عددا ونقص هجماتهم نضوجا.. وزاد الطين بلة على الفراعنة عدم التقدم الكافي للظهيرين احمد فتحي ومحمد عبد الشافي وبقاء طارق حامد في مناطقه أغلب الوقت.
وعلى مدار الدقائق الخمس عشرة الأولى فرض الفراعنة مهاراتهم بشكل أوحى بتفوق ضخم وانتصار كبير.. ولكن البطء الشديد في التحرك والتمرير مع الفردية المقيتة من اللاعبين قتلت أغلب الهجمات المصرية.. وضاعت بعض الفرص المهداة من مدافعي أوغندا سواء من رؤوس علي جبر ومروان محسن أو رمضان صبحى ومحمد صلاح.
المحطة الثانية: وسط مطالبات من لاعبي مصر بإنذار اكثر من لاعب أوغندي للعنف الملموس أو لإيقاف هجمات واعدة جاء الإنذار الأول من الحكم السنغالي لطارق حامد من مخالفة بالغة العنف لا داعي لها على الإطلاق في منطقة الوسط بجوار خط التماس.. واللاعب المحنك يدرك المناطق التي تستحق المخاطرة في المهاجمة وتعرض صاحبها للإنذار وبين الأماكن التي لا تستحق تلك الأفعال.. وجاء إنذار حامد نقطة تحول في اللقاء من التفوق المصري إلى التكافؤ الكامل.
المحطة الثالثة: تبادل الفريقان الهجمات وكذلك إضاعة الفرص وانفرد صلاح تماما من تمريرة رمضان صبحى وسبق صلاح الدفاع وواجه الحارس من زاوية جانبية فأخطأت كرته المرمى وسارت بعرض الملعب رغم أنها تخطت الحارس وكان المرمى خاليا.. وجاءت الفرصة التالية أوغندية من عدم توفيق غريب لأحمد حجازي فى إبعاد كرة عرضية فكاد أن يهز شباكه.. وتجرأ الأوغنديون في الهجوم عددا وكثافة بقيادة فاروق ميا لاعبهم الأعلى دراية بمهارات اللعبة.. ولا يستثمر رمضان عرضية جيدة ولا هدية مروان ويعصف عبد الشافي (الذى ضبط مقتحما لمنطقة الجزاء الأوغندية للمرة الأولى والاخيرة) بهدية بديعة من رمضان.. ثم انتهى الشوط بتمريرة خيالية لمروان محسن لينفرد صلاح ويسبقه الحارس الشجاع بالخروج من منطقة جزائه ويبعد الكرة برأسه.
المحطة الرابعة: بدأ الشوط الثاني مملا مع فوضى عجيبة بين المصريين وفقدان للكرات ببساطة ومجانية كاملين.. ويبدو الثلاثي المحترف محمد (النني وعبد الشافي وصلاح) أكثر حرصا على سلامتهم من حرصهم على المشاركة فى الكرات المشتركة.. ويعجز الحارس المخضرم عصام الحضري عن الإمساك بالكرات العرضية المتتالية ويلجأ إلى إبعادها بقبضة اليد رغم أنها جميعا كانت في متناوله.. وتتوالى التغييرات المصرية التي تأخرت كثيرا بنزول عبد الله السعيد بدلا من طارق حامد (كان حتميا بعد 15 دقيقة فقط من اللقاء) ثم عمرو وردة ومحمود كهربا بدلا من رمضان وتريزيجيه وكان الأخير هادئا أكثر مما يجب بينما كان الثاني متحمسا ومتعجلا أكثر مما يجب.. ومع مرور الوقت ازداد طمع الأوغنديين في الفوز واندفعوا إلى الأمام دون إدراك لاتساع المساحات في خطوطهم الخلفية في مواجهة منتخب هادئ وبطيء ولكنه غنى بالموهوبين المهرة.
المحطة الخامسة: دفع منتخب أوغندا فى الدقيقة 89 ثمنا باهظا لاندفاعهم الأهوج ونقص حنكة مدربه أو عدم سيطرته على لاعبيه.. ففي الدقائق الأخيرة من المباراة تكررت ثلاث هجمات متتالية وعكسية بتواجد عددي مصري للمهاجمين مساو عددا لعدد المدافعين.. وضاعت فرص غير ناضجة من كهربا وصلاح وعمرو وردة دون أن يسعى الأوغنديون لتأمين دفاعهم في نهاية اللقاء.. ثم كانت براعة كهربا ثم صلاح ثم السعيد وهم بين الأمهر في الفراعنة واهتزت الشباك وحسمها منتخب مصر بالهدف المنشود.
النجم: لم يكن للمباراة نجم بارز يمكن الإشارة إليه بوضوح.. ولكن الحارس الأوغندي لفت الأنظار بامتياز في خروجه لمواجهة محمد صلاح غير مرة.. وأمتع صلاح الملايين بعدة لمسات ساحرة في إيقاف الكرات العالية أو في المراوغات غير المتوقعة.
المخطئ: كثيرون من الجانبين تورطوا في إهداء الكرات لمنافسيهم دون ثمن أو في إجهاض هجمات فريقهم بمحاولات فاشلة للتسديد أو التمرير دون أي ضغط.. ولكن جوزيف أوتشايا الجناح الأيسر الأوغندي كان اللاعب الأكثر تفريطا في الكرات والهجمات وأعاد المصريين إلى هدوئهم في كل المرات التي تسلم الكرة وحيدا في اليسار سواء لعجزه عن السيطرة عليها أو محاولاته العجيبة للمراوغة من داخل بطن أحمد فتحي.
التحكيم: السنغالي مالانج ديديو ليس مميزا في تقديراته للإنذارات ولا اكتشاف الأخطاء ولا معرفة لمسات اليد المتعمدة والمؤثرة من غيرها.. وأوقف اللعب كثيرا دون أي داع، والطريف أنه حول ثلاث ركلات حرة عند احتسابها لصالح اللاعب المخطئ.