دراسة: مزاج الإنسان هو نظارته التي يرى بها العالم

قال باحثان أمريكيان إن مزاج إنسان يؤثر تقريبا على معظم جوانب حياته وإن هذا المزاج بمثابة نظارة يرى بها الإنسان العالم في ضوء معين وبطريقته الخاصة والفريدة.
وقال الباحثان في دراستهما إن معظم الأطفال يعرضون في مرحلة ما من عمرهم عن الكثير من أنواع الأطعمة، وخاصة الأطفال ذوي الأمزجة كثيرة الامتعاض إزاء الطعام الذي لم تألفه.
ونشرت الدراسة أمس الأحد في مجلة “تشايلد ديفلوبمنت” المتخصصة في أبحاث تطور النمو لدى الطفل.
وأوضح الباحثان كينثيا شتيفتر وكاميرون مودينغ من جامعة ولاية بنسلفانيا بمدينة ستايت كوليدج أن دراسات قليلة فقط هي التي ركزت على مدى تأثير انفتاح الطفل على الجديد على سلوكه الغذائي.
ودرس الباحثان خلال الدراسة ردود فعل الأطفال الصغار على الأطعمة والألعاب الجديدة.
دعا الباحثان خلال الدراسة 136 طفلا وأمهاتهم للمشاركة في تجارب بالمختبر. أجريت الدراسة على هؤلاء الأطفال عندما كانوا في سن ستة أشهر، وعندما بلغوا سن 12 شهرا، وعندما وصلوا لسن 18 شهرا.
حصل كل من الأطفال الرضع خلال أول زيارتين للمختبر على لعبة جديدة مثل دمية أخطبوط أو دف صغير بالإضافة إلى طعام غير معهود بالنسبة لهم مثل الحمص أو الجبن الريفي.
وسجل الباحثان رد فعل الأطفال على هذه الألعاب والأطعمة ثم قيماه فيما بعد.
وحصل الأطفال خلال زيارتهم الأخيرة للمختبر في سن 18 شهرا على إمكانية استكشاف غرفة بها أشياء مثل نفق و قناع غوريلا وصندوق أسود، بأعينهم وأسنانهم، وسجلت تصرفاتهم هذه المرة أيضا.
وكانت نتيجة سلسلة التجارب كالتالي: كان الأطفال في سن ستة أشهر لا يزالون غير متحيزين وكانوا يتعاملون بلا تحفظ مع كل ما يقدم لهم سواء كان معلوما أو غير معهود بالنسبة إليهم.
ثم تراجع هذا الانفتاح بعد ستة أشهر، أي مع بلوغ سن عام حيث أبدى الأطفال ارتيابا إزاء الألعاب الجديدة وترددا إزاء تجريب الأطعمة غير المعهودة لهم.
كما سمح سلوك الأطفال في هذا السن بالتنبؤ بمدى انفتاحهم في سن 18 شهرا إزاء الجديد.
وقال مودينغ معلقا على ذلك إن نتائج الدراسة تؤكد أن رد فعل الأطفال الرضع على الأطعمة الجديدة يتوقف على مزاجهم.”
ورغم تأكيد الباحثين أن انفتاح الإنسان على أطعمة ما سلوك فطري إلا أن باستطاعة الأطفال كثيري التململ من الأطعمة تجربة الطعام الجديد عليهم تماما كما يمكن للأطفال كثيري الخجل تعلم التعامل بانفتاح أكثر مع الناس.
وأوصى مودينغ الأشخاص المصابين بصدود تجاه أغذية ما بتكرار المحاولة لتناول هذه الأغذية لكسر الحاجز النفسي بينهم وبين هذه الأغذية.
وقال إن دراسات سابقة أثبتت أن هذه هي الطريقة الأنجح لحث الأطفال على تجريب أطعمة جديدة وقال: “ربما استمر الأمر ثمانية إلى عشر مرات ولكن الأطفال يتعلمون بعدها قبول أغذية غير معهودة أو أغذية كانوا يرفضونها في السابق.
وتشغل مشكلة صدود الأطفال تجاه عدد من الأغذية عددا لا حصر له من الآباء والأمهات في الدول الأكثر غنى.
وتعتبر قضية التغذية إلى جانب النوم هي الأمر الأكثر شغلا لهؤلاء الآباء والأمهات.
وينصح كثير من الخبراء الوالدين بعدم القلق تجاه هذه المشكلة، بل إن بعض الخبراء يتحدثون عن “مشكلة ناتجة عن الترف” في مجتمعات الوفرة، فمعظم الأطفال لا يحبون الخضراوات كثيرا على سبيل المثال. وربما كان هذا العزوف ناتجا عن الطعم المر لكثير من الخضراوات.
ويعطي الطعم المر انطباعا للإنسان بأن هذه الخضروات سامة في حين أن المأكولات الحلوة لا تكون سامة أبدا.
ويظهر الصدود ضد بعض الأغذية بشكل خاص لدى الأطفال في سن عامين إلى أربعة أعوام وأصبح يعرف بظاهرة الخوف من الأغذية الجديدة.
ورغم أن هذا الخوف الفطري كان يحمي الأطفال الذين يستكشفون العالم من حولهم من وضع نباتات يمكن أن تكون سامة في فمهم فإن هذا الاستعداد الفطري أصبح يتسبب في الرتابة وعدم تنوع الأغذية التي تقدم لهؤلاء الأطفال في وجباتهم.