شاهد: مدينة صديقة للبيئة في صحراء الجزائر

على قمة صخرية بمنطقة ميزاب شمال الصحراء الجزائرية، ارتفع قبل عشرين سنة “قصر تافيلالت” أول مدينة بيئية مبنية بطراز معماري متوارث منذ قرون.

وبدأت فكرة إنشاء هذه المدينة في العقد الأخير من القرن الماضي كبديل للمدن الإسمنتية التي انتشرت في كل مناطق الجزائر بدون أي حياة اجتماعية، استجابة لأزمة السكن المزمنة، وتم تشييد قصر تافيلالت بالاعتماد على الهندسة المعمارية التقليدية والقيم المتجذرة في المجتمع الميزابي (من الأمازيغ) مع الحفاظ على البيئة الهشة في المنطقة المشهورة بواحات النخيل.

وأطلق أحمد نوح المشروع في 1997 بمشاركة مهندسين وخبراء “ميزابيين” فأنشأ مؤسسة أمينول التي تؤدي دور المستثمر العقاري ومانح القروض بدون فوائد، ما سمح للمتملكين الجدد دفع ثمن وحداتهم السكنية بالتقسيط على عدة سنوات.

واشترت المؤسسة 22 هكتارا من أرض صخرية تقع على بعد 600 كيلومتر جنوب الجزائر، بثمن بخس، رغم أنها تطل على قصر بني يزقن أقدم قصور المدينة.

والقصور عبارة عن قرى وأحياء تحيط بها أسوار كما اعتاد على بنائها سكان سهل ميزاب المصنف ضمن التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم (يونيسكو).

وساهم أعيان من بني ميزاب بأموالهم الخاصة، وقدمت الدولة إعانات كما شارك السكان الأوائل في إشغال البناء من خلال تقليد مشهور في الصحراء الجزائرية يدعى “التويزة” وهو الاشتراك في العمل في التطوعي.

ويضم قصر تافيلالت حاليا حوالي ألف منزل كلها مبنية وفق هندسة معمارية محلية تم تطعيمها بوسائل الراحة العصرية، فالبيوت متلاصقة وبارتفاع واحد، بحيث لا تزيد عن طابق أرضي وطابق علوي.

ومدخل قصر تافيلالت باب عظيم من الخشب يؤدي إلى شوارع متشابكة ضيقة بحيث تكسر العواصف الرملية وتوفر الظل للمارة خلال أيام الصيف الصحراوي الحار جدا، ويضمن تصميم المنازل ألا يحجب أحد الشمس عن جاره كما أشار أحمد نوح، كما أن كل البنايات لا يزيد علوها عن 6 و 7 أمتار.

وخارج الأسوار التي تحيط بالمدينة، أنشأ السكان حديقة لتعوض واحة النخيل التي عادة ما تجاور قصور غرداية لضمان حاجيات السكان، فكل قاطن في المدينة يغرس ثلاث أشجار، نخلة وشجرة مثمرة وشجرة للزينة، وعليه أن يسقيها ويحافظ عليها وفق معايير الزراعة البيولوجية دون استخدام سمادات او مبيدات كيميائية.

وتوجد في الحديقة بعض الحيوانات مثل الماعز والخرفان والقردة، والحديقة تساهم كذلك في تنمية الثقافة البيئية لدى شباب المنطقة.

المصدر: مواقع فرنسية

إعلان