شاهد: أحجار أثرية من “الأقصى” تزين متحفا لبنانيا

تحتضن إحدى زوايا متحف الجامعة الأمريكية في بيروت قطعًا أثرية، اتضح مصادفة قبل 12 عامًا فقط أنها كانت جزءًا من المسجد الأقصى، قبل نقلها إلى لبنان في العهد العثماني.
ومتحف الجامعة الأمريكية في بيروت الذي تأسس عام 1868 يعتبر ثالث أهم المتاحف في الشرق الأوسط من حيث أهمية المحتويات وفق تصنيف المجلس الدولي للمتاحف في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو).
وينقسم المتحف إلى قاعتين كبيرتين تحوي الأولى مقتنيات تعود إلى نصف مليون سنة قبل الميلاد حتى عام 1200 قبل الميلاد، أما القاعة الثانية فتؤرخ للفترة الممتدة من 1200 قبل الميلاد وحتى سنة 1300 ميلاديًا.
ويضم المتحف 4 آلاف قطعة أثرية من مختلف الحضارات التي حكمت العالم القديم.
مصدر هذه المقتنيات الثمينة سبع دول هي: سوريا وفلسطين والعراق ولبنان ومصر وإيران وقبرص. لذا يعتبر هذا المتحف إقليميًا بامتياز، وليس محليًا وفق ما تقول مديرته الدكتورة ليلى بدر.
قطع من الأقصى
وعلى الرغم من تنوع القطع الأثرية بداخله، غير أن ما يلفت نظر زوار المتحف تحديدًا العرب والمسلمين، تلك القطع الحجرية التي تزين إحدى زواياه، وكانت يومًا جزءًا من المسجد الأقصى.
القطع التي يبلغ عددها عشرة أحجار متنوعة الأحجام وصلت إلى متحف الجامعة في القرن التاسع عشر خلال العهد العثماني.
عن طريق الصدفة وخلال إعادة تأهيل المتحف في العام 2006 كان العالم البريطاني المتخصص في الفنّ الإسلامي والذي عمل لفترة في متحف القدس جان كاسويل موجودًا فأخبر مديرة المتحف الدكتورة ليلى بدر عن ماهية هذه الأحجار، التي ظلت لفترة طويلة معدومة المصدر وموجودة وسط آلاف القطع، بحسب كلامها.
وعن كيفية وصولها إلى لبنان والأسباب تشرح بدر قائلة “كان فريدريك بليس نجل مؤسس الجامعة الأمريكية في بيروت دانيال بليس يعمل في متحف القدس، وكانت الجدران الخارجية للمسجد الأقصى تقع كل فترة بسبب عوامل الطقس المثلج إذ تُضغط من شدة العواصف وتسقط أرضًا”.
وتضيف مديرة المتحف “حدث هذا في أواخر عام 1898 حين كانت المنطقة خاضعة للحكم العثماني الذي ساهم بشكل كبير في تأهيل وترميم الآثار في المنطقة وخاصة المسجد الأقصى، فكانت أعمال الصيانة تجري على قدم وساق والحجارة التي يتم رميها جانبًا كان يأخذها بليس الابن وينقلها إلى المتحف في القدس وحين أتى ليستقر في لبنان نقلها معه إلى جانب مئات القطع الأثرية الأخرى”.
وتقول إنه من البديهي ووسط آلاف القطع الموجودة داخل المتحف الذي أسسه القنصل الأمريكي في قبرص الجنرال شزنولا (بعد عامين من بناء الجامعة وقد وهبه مجموعته من قطع الفخار الملونة والمزركشة) ألا يتم معرفة مصدر هذه القطع التي بقي الظن بأنها من العصور الإسلامية دون تحديد تاريخها، إلى أن تم الكشف صدفة على أنها تعود للمسجد الأقصى، كما تعود قطع أخرى إلى قبة الصخرة في الحرم القدسي الشريف.
ورغم أن هوية هذه القطع باتت معروفة منذ عام 2006، إلا أن عددًا كبيرًا من اللبنانيين والعرب لا يدركون وجودها في المتحف إلا لمن تسنى له زيارته وبالصدفة يدركون هذا الأمر، بحسب مديرة متحف الجامعة الأمريكية.
وتؤكد الدكتورة بدر أن السلاطين العثمانيين أولوا اهتمامًا كبيرًا بإعادة ترميم وتأهيل المسجد الأقصى، وتحديدًا السلطان سليمان في عام 1522 والسلطان أحمد الثالث، الذي أمر بترميم المسجد عام 1722.
الجدير بالذكر أن متحف الجامعة الأمريكية يضم مجموعات نادرة من الفخاريات الرومانية والإغريقية ومن العصر البرونزي.
كما يحوي المتحف قطعًا نقدية من القرن الخامس قبل الميلاد وحتى الحقبة الإسلامية وخزفيات من العصر المملوكي والأندلسي وزجاجيات من سوريا وفلسطين ولبنان تعود إلى العصور الفينيقية حتى التاريخ الإسلامي المعاصر.
كما يضم قطعًا أثرية وفخاريات وقطعا نقدية من العصر الفرعوني إلى جانب مجموعاتٍ من الأواني والأدوات والأسلحة والمجوهرات الذهبية ومزهريات المرمر المصرية والنقوش وأدوات الزينة، وتماثيل من تدمر السورية، وفسيفساء رومانية من بيروت.