حتى لا تصيب ابنك بالفزع.. نصائح نفسية لشرح أزمة كورونا للأطفال
يضطر بعض الآباء والأمهات إلى شرح أزمة “كورونا” لأبنائهم، حتى يفسروا لهم سبب الإقامة بالمنزل وتوقف الزيارات الاجتماعية، وضرورة الحرص على النظافة الشخصية.
ولكن قد يفرط البعض في شرح الأزمة ومتابعة الأخبار مع أبنائهم فيصيبونهم بالفزع والاضطراب.. فكيف نشرح لأبنائنا مخاطر انتشار فيروس كورونا دون أن نسبب لهم الفزع والقلق المرضي؟
في حديث خاص لموقع الجزيرة مباشر، توضح الباحثة هدى حمدان المستشارة الأسرية وعضو الجمعية الأمريكية لعلم النفس أنه من المهم أن يدير أولياء الأمور أنفسهم أولا من خلال تقصي المعلومة من المصدر السليم والمعتمد، والامتثال للإرشادات الصحية، وإدارة العواطف، فالأبناء يستطيعون استشعار مشاعر الوالدين مهما حاولا إخفاءها.
“ليس كل ما يُعرف يقال” مبدأ أساسي في نقل المعلومات للأبناء حول المرض وتداعياته، بينت د. هدى أنه ينبغي أن يستخدم الوالدان لغة بسيطة وواضحة في شرح الموضوع لهم، دون الخوض في تفاصيل عن عدد المصابين والموتى. ويميل أغلب الأطفال إلى الحديث عن العلوم والطب، لذلك يمكن للأبوين تناول الأزمة من منظور علمي.
وأشارت إلى ضرورة مراقبة سلوك الأبناء وملاحظة أي تغيرات قد تطرأ عليهم مثل العصبية والتوتر وافتعال المشاكل (خصوصًا كونهم في حجر منزلي الآن) وصعوبة التركيز، والشعور بالضعف والتعب، وشعور بألم ومغص في المعدة، واضطراب النوم. وقد تظهر هذه الأعراض على الأبناء وأولياء الأمور على حد سواء نتيجة للتفكير المفرط والقلق بشأن الفيروس ومصير العائلة.
ولكن ماذا إذا ظهرت هذه أعراض القلق على الأبناء؟ توصي د. هدى “بعدم توجيه اللوم للطفل أو للمراهق على هذه الأعراض أو المشاعر، بل توفير البيئة الآمنة له للتعبير عن مشاعره وقلقه حيال الأمر، والتأكيد له على أننا سنكون بخير، وأن هذه الأزمة ستزول قريبا بإذن الله تعالى”.
كيف تقنع طفلك ألا يلمس وجهه؟
أشارت د. هدى إلى أنه من أصعب التحديات أمام أولياء الأمور الآن هو إقناع الأطفال بعدم لمس الوجه والفم والعينين للحد من انتقال العدوى، لأنه أمر طبيعي في حياة الإنسان، وتشير نتائج دراسات عديدة إلى أن الإنسان يلمس وجهه أكثر من 23 مرة في الساعة الواحدة.
وهنا يأتي دور التوعية في غسل اليدين بالماء والصابون جيدًا، ولمدة 30 ثانية على الأقل بحسب توصيات منظمة الصحة العالمية، أو استخدام المعقمات في حال عدم توفر المياه والصابون.
واقترحت د. هدى تدريبًا على الأم أو الأب؛ قائلة “من الأساليب اللطيفة المتبعة للحد من لمس الطفل لوجهه هو جعله يراقب نفسه على كاميرا الهاتف لمدة عشر أو خمس دقائق وبحسب عمر الطفل”.
وتابعت “هذا من شأنه أن ينبه الطفل، ويزيد من وعيه بعدد المرات التي يلمس بها وجهه والحد منها مع الوقت. كما أن هناك العديد من البرامج والتطبيقات الإلكترونية التي تشجع الطفل على غسل اليدين جيدًا باستخدام الألعاب والأغاني”.
أما إذا كان الأبناء في عمر المراهقة، فتوصي د. هدى بضرورة فتح باب للحوار ومناقشة الأمر، وإتاحة الوقت الكافي لهم للتعبير عن مشاعرهم واستفساراتهم، والتأكيد على أن علماءنا وأطباءنا يعملون ليل نهار من أجل إيجاد لقاح أو دواء لحمايتنا، وإشعارهم بالمسؤولية في محاربة هذا الوباء.
الروتين اليومي
كلمة السر في الحفاظ على الصحة النفسية للأبناء هو “الروتين اليومي”، توضح د. هدى أنه من المهم الإبقاء على روتين يومي للأطفال والمراهقين على حد سواء، والحفاظ على الأنشطة اليومية أو الهوايات كالقراءة والمذاكرة والرسم والرياضة والحرص على وضع جدول وأنشطة والالتزام بها حتى لو واجهتم صعوبة في تطبيقها في البداية.
ونركز على الرياضة لما لها من التأثير الكبير في تحسين الحالة المزاجية للإنسان عن طريق تدفق الأكسجين للدماغ وتحفيز إفراز الهرمونات المسؤولة عن رفع الحالة المزاجية في الدماغ.
وتشير إلى أهمية التواصل الاجتماعي أيضًا في الاستقرار النفسي للأبناء؛ موضحة “ابق على الاتصال مع الآخرين من أجل الصحة النفسية للعائلة ككل، واستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في الاتصال ورؤية الأهل والأصدقاء، وقلل من متابعة الأخبار العالمية أمام أولادك”.
الدعم والاحتضان
أكدت د. داليا الشيمي استشاري الطب النفسي على صفحتها بموقع فيسبوك، أن الأطفال يحتاجون لدعم زائد وقت الأزمات، لذا من الواجب احتضانهم والتعبير عن الحب لهم حتى لو أظهروا عدم رغبتهم في الاحتضان.
وأوضحت أن الأطفال قد تزيد حركتهم هذه الفترة كنوع من التعبير عن القلق، ويمكن استغلال هذه الحركة في الأنشطة المفيدة مثل المشاركة في مهام المنزل.
وأكدت على ضرورة أن يقلل الآباء والأمهات من متابعة الأخبار أمام أبنائهم، وألا يتحدثوا عن الموت، ولا يخاصموهم هذه الفترة إذا أخطأوا، وأن يجيبوا على أسئلة الأبناء حول الأزمة بما يناسب أعمارهم.
وأشارت إلى عدد من المحاذير والنصائح لأولياء الأمور في التعامل مع أبنائهم أثناء الأزمة؛ ومنها:
- احذروا من الحديث في التليفون عن ذعركم أمام الأطفال.
- لا تستخدم الدعابة السخيفة مع ابنك “أنه ربما يصاب بفيروس كورونا” لأن الطفل قد يحاول اختبار نفسه كل دقيقة هل أصيب بالمرض أم لا.
- إن حدثت للطفل أي سلوكيات تدل على الاضطراب مثل “التبول لا إرادي”، فتحرى من يجلس مع ابنك وماذا يقول له.
- قص على ابنك تاريخ الفيروسات والأوبئة السابقة وكيف أن المصائب انقشعت واستمرت الحياة.
- عندما يتصرف ابنك بسلوك مشحون عاطفيا مثل البكاء بدون سبب، لا تلوم طفلك، بل احضنه واجعله يفرغ شحنته العاطفية بوسيلة مناسبة لأن بعض الأطفال لا يعرفون طريقة للتعبير عن مشاعرهم سوى البكاء.
- لا تستخدم مقولات تؤثر سلبيا على الطفل بقية حياته، مثل “الرجل لا يبكي” أو “الرجل لا يخاف”، لأنها مقولات سلبية وتمثل عنف تجاههم.
- حاول طمأنة طفلك أن أي مصاب بالمرض يتم رعايته من خلال نظام عالمي متفق عليه.
- شارك ابنك في الأنشطة الإيجابية وبخاصة الأبناء من 3-6 سنوات، مثل الزراعة في أطباق، لأن الدراسات وجدت أن هذا النشاط يؤثر إيجابيًا على الأطفال في الحروب والكوارث، لأن الطفل يرى بعينيه أن هناك شيئا يكبر كل يوم، ومعنى ذلك أنه يعيش.
اقرأ أيضا:
في العزل المنزلي: كيف تكافح كورونا والملل معا؟
التعليم عن بعد.. الفصول الافتراضية في مواجهة كورونا