طفلي يسرق.. هل فشلت في تربيته؟ وماذا أفعل؟

يشعر الأب بطعنة في صدره عندما يكتشف سرقة ابنه، ولا يعرف كيف يتصرف، وقد يصب جام غضبه عليه حتى لا يكرر فعلته، ولكن دون أن يسأل نفسه: لماذا سرق ابني؟ وهل أخطأت في تربيته؟
سبب السرقة لدى الأطفال
يقول د. مصطفى أبو السعد، استشاري أسري، في كتابه “الأطفال المزعجون” إن الأطفال لا يسرقون، وإنما يستجيبون لحالات نفسية، وأهم خطوة لمعالجة ظاهرة السرقة لدى الأبناء، تتمثل في محاولة فهم دوافعهم، فقد يلجأ الطفل للسرقة هروبا من العقاب، فيسرق أدوات غيره من الأطفال في المدرسة إذا ضيع أغراضه خوفا من معاقبته على إضاعتها، وقد يسرق أشياء ثمينة كوسيلة للتميز وإثبات الذات وسط أقرانه، وقد يلجأ إلى السرقة لإثارة اهتمام أبويه لشعوره بأنه غير محبوب.

لماذا يسرق الطفل؟
ويُعرف تامر جمال، أخصائي الإرشاد والتوجيه النفسي، اضطراب السرقة بأنه الاعتداء على ممتلكات الغير، وأخذها للنفس بقصد التملك، وقد يصيب الطفل الصغير، أو الإنسان البالغ، بسب دوافع مادية أو نفسية.
وذكر أن السرقة عند الأطفال دون سن المدرسة، يطلق عليها مجازا مصطلح اضطراب السرقة، ولكن في الحقيقة هم يعانون من اضطراب في فهم “حدود الملكية. أما الأزمة الحقيقية فتكمن في سلوك الأبناء منذ الصف الثاني ابتدائي، ويجب أن يتدخل الأخصائي الاجتماعي أو النفسي، لأن البيت عادة ما يكون هو السبب.
وحدد بعض العادات اليومية التي قد تسبب في ارتكاب الطفل للسرقة، ومنها:
- العنف داخل الأسرة: والسرقة تكون بدافع الانتقام، سواء ممن يمارس العنف على الطفل (الأب مثلا) أو من يشبهه (كالمدرس)، فالقسوة قد تؤدي إلى السرقة.
- الغيرة: غيرة من الإخوة مثلا، فيأخذ أغراضهم للعدوان عليهم، وقد تنتقل السرقة من البيت إلى المدرسة.
- التدليل الزائد من الأبوين، وإعطاء نصيب للطفل أكثر من نصيب إخوته في الحلويات على سبيل المثال.
- قائمة الممنوعات: قد تحدث السرقة بالصدفة بسبب كثرة بنود قائمة الممنوعات في البيت كالشيكولاتة والآيس كريم، وإذا ترك أحد الوالدين المال بدون رقابة، قد يأخذ الطفل منه (وحدات مالية صغيرة) ليشتري ما يرغب فيه، وخطورة (السرقة بالصدفة) أنها تُحدث تدريبا سلوكيا، ويجربها الطفل مرات كثيرة، وتُكتشف بعد وقت طويل؛ قد يتعود فيه الطفل على السرقة.
- التقليد السلبي: مثلا تأخذ الأم من جيب الأب المال دون علمه، أو يحضر الأب أوراق وأقلام العمل ويعطيها لأبنائه، فيحدث لبس لدى الأولاد في فهم مفهوم الملكية، وبهذا قد تعود الأسرة التي ليس لديها ورع أبنائها على أخذ ما ليس لهم.
تطعيم “لا”
ولكن، كيف يربي الوالدان طفلهما على احترام ملكيات الغير، وعدم السرقة منها؟ يشير جمال، إلى ضرورة تدريب الأبناء على العطاء والصدقة، وفتح مساحات حوار مع الأبناء، ومراقبتهم وسؤالهم عن أغراضهم ومصادرها دون التحقيق معهم ودفعهم للكذب، فالتربية هي تربية مواقف وليست تربية محاضرات.
ونصح بتحصين الأبناء بـ”تطعيم لا” أي عدم شراء كل ما يطلبونه، والنقاش معهم حول الأولويات، وتأجيل بعض الرغبات. وذكر أن الصوم تدريب جيد لهم على تأجيل الرغبات، مضيفا “التدريب ينبغي ألا يصل إلى حالة الإذلال والتقشف، حتى لا يتهموا أبويهم بالبخل”.

كيف تتعامل مع طفلك إذا سرق؟
حذر د. مصطفى أبو السعد من رد الفعل العنيف للأب عند معرفته بسرقة ابنه، أو نعت الطفل بالساق أو اللص، وألا يتصرف بعقلية القاضي الذي يثبت التهمة ويصدر الحكم على الطفل، بل يحقق له الأمان، ويصغي إليه، ويحاول فهم أصل المشكلة.
ونصح تامر جمال الأب أو الأم بأن يتمالكوا أنفسيهما عند اكتشاف السرقة، ويتعاملا مع الأمر بحكمة، ويتخذا الخطوات التالية:
- السؤال: من أين لك هذا؟ بهدوء وعدم تخويفه، لأن الخوف الشديد قد يضطر الابن إلى الكذب أو الهروب من البيت.
- تبيان الصواب من الخطأ.
- إعادة المسروقات لأصحابها.
- البحث عن الدوافع، ومحاولة علاج الأسباب.
- عدم فضح الطفل أمام المدرسة أو زملائه.
- عدم الضرب لأنه قد يدفع لتكرار السرقة.
- عدم تذكير الطفل بخطئه بعد مرور وقت.
أسئلة شائعة:
كيف أعاقب ابني إذا سرق؟
يُنصح بأن تتجنب العقاب العنيف أو الإهانة إذا سرق الطفل. بدلاً من ذلك، يجب على الوالدين التعامل مع الأمر بهدوء ومعرفة الأسباب التي دفعته إلى السرقة. التوجيه والتوضيح للطفل أن السرقة سلوك مرفوض مع مناقشته حول الأثر السلبي لهذا التصرف والفوائد من التصرف الصحيح هو الأسلوب الأمثل. العقاب يمكن أن يكون بحرمانه من امتياز معين بطريقة هادئة ولكن تربوية.
كيف تعالج مشكلة السرقة عند الأطفال؟
- التركيز على معرفة الدوافع التي دفعت الطفل للسرقة ومعالجتها، سواء كانت ناتجة عن حاجة للانتباه أو الغيرة أو عدم فهم الملكية.
- تعليم الطفل الفرق بين ملكيته وملكية الآخرين، خاصة إذا كان عمره أقل من 6 سنوات.
- توفير الدعم العاطفي وإظهار الحب للطفل إذا كان يشعر بعدم الأمان أو يبحث عن الاهتمام.
- تقديم نموذج إيجابي: الأطفال يتعلمون من البالغين، لذا يجب أن تكون تصرفاتهم نموذجًا يُحتذى به.
- تعزيز أخلاقيات الطفل تدريجيًا وتوضيح تأثير السلوكيات على الآخرين.
كيف نتحدث مع الأطفال عن السرقة؟
- الحديث مع الطفل عن السرقة يجب أن يتم بطريقة بسيطة ومباشرة ومناسبة لمرحلته العمرية. على سبيل المثال:
- للأطفال الأصغر سنًا، يجب أن يعلموا أنه ليس من حقهم أخذ أشياء تخص الآخرين وأن عليهم طلب الإذن إذا أرادوا شيئًا.
- مع الأطفال الأكبر سنًا، يمكن مناقشة الأثر السلبي للسرقة على الآخرين، وتعليمهم تحمل مسؤولية أفعالهم.
- شجع الطفل على الاعتراف بالخطأ من دون تخويفه بالعقاب، وأظهر لهم أنك موجود لدعمه في تحسين سلوكه.
هل السرقة مرض نفسي؟
السرقة ليست بالضرورة مرضًا نفسيًا في جميع الحالات، ولكنها قد تكون عرضًا لمشكلات نفسية أو اجتماعية أو نتيجة اضطرابات تعاطفية مثل “هوس السرقة” (kleptomania). هوس السرقة هو اضطراب نفسي مرتبط بعدم القدرة على مقاومة دافع السرقة، حتى لأشياء غير ضرورية، وعادة ما يرتبط بمشكلات في التحكم في الدوافع والقلق. يتم علاج هذا الاضطراب غالبًا بالعلاج السلوكي المعرفي والأدوية إذا لزم الأمر
اقرأ أيضا:
أحدب وشاحب وذو كرش.. تعرف على شكل مدمن الألعاب الإلكترونية عام 2040
بدون ضرب.. كيف تؤدب ابنك “العنيد”؟
حتى لا تصيب ابنك بالفزع.. نصائح نفسية لشرح أزمة كورونا للأطفال
ماذا تفعل إذا وجدت ابنك يشاهد مواقع إباحية؟