في زمن كورونا.. الصدقة أولى من الحج والعمرة

بعد إلغاء موسمى العمرة والحج هذا العام فما هي المصارف التي يمكن أن تذهب إليها أموال تلك الرحلات خلال تلك الفترة التي يعاني منها العالم من تفشي فيروس كورونا؟
وعن ذلك يجيب الدكتور خالد حنفي -لأمين العام المساعد للمجلس الأوربي للافتاء ورئيس لجنة الفتوى في ألمانيا في تصريحات للجزيرة مباشر قائلا: في الإسلام نيةُ المرء خير من عمله، فكلُّ من عزم على العمرة في رمضان فمُنع بسبب كورونا حصَّل أجر العمرة وهو في بيته.
عن أبي موسى – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا” رواه البخاري.
وعن أنس – رضي الله عنه – قال: رجعنا من غزوة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال “إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا، مَا سَلَكْنَا شِعْبًا، وَلَا وَادِيًا إِلَّا وَهُمْ مَعَنَا؛ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ” (رواه البخاري).
وقد خلّفت جائحة كورونا آلاف العاطلين عن العمل، والمضارين في أقواتهم الضرورية، كما ضاعفت من الفقراء والمعوزين حول العالم، والموفق من أنفق نفقات العمرة وحجة النافلة على سد حاجات الفقراء والمعوزين.
وقضاء حوائجهم وتفريج كربهم، وقضاء الدين عن الغارمين منهم، والحاجات العاجلة الفورية تقدم على المؤجلة غير الضرورية، ففي حديث عبدالله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أَحَبُّ النَّاسِ إلى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ -يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ- شَهْرًا، وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامِ”.
والثابت عن كثير من أئمة وفقهاء السلف تقديم الإنفاق على الفقراء والمساكين على حج وعمرة التطوع، فقد “خرج عبدالله بن المبارك رحمه الله في الحج سنة فلقي فتاة تقول له: أنا وأخي هنا ليس لنا شيء إلا هذا الإزار، وليس لنا قوت إلا ما يلقي على هذه المزبلة، وقد حلّت لنا الميتة منذ أيام، فدفع إليها نفقة الحج، وقال: هذا أفضل من حجنا في هذا العام، ثم رجع”.
وقال الإمام أحمد رحمه الله عن نفقة حج النافلة: “يضعها في أكباد جائعة أحبُّ إليَّ”. وكلامهم في أوقات الرخاء، فكيف بزمان الشدة والبلاء كما هو الحال مع جائحة كورونا.
أما نفقات حجة الفريضة فيدّخرها للعام القادم ولا يقدّم الإنفاق منها على الفقراء؛ لأن الحج عبادة بدنية ومالية، إلا إذا زادت حاجة الناس جداً، وبلغت أقواتهم الضرورية، أو كانوا أقارب للمتصدّق، فيقدم الإنفاق عليهم على حجة الفريضة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله “والحج على الوجه المشروع أفضل من الصدقة التي ليست بواجبة، وأما إن كان له أقارب محاويج، أو هناك فقراء تضطرهم الحاجة إلى نفقة: فالصدقة عليهم أفضل”.
لمزيد من الفتاوى
هل يجوز أداء صلاة العيد على غرار سينما السيارات؟
-ما هو نصاب الزكاة في الدول الأوربية؟ وهل يختلف بإختلاف الوضع الاقتصادي للبلدان؟
-لماذا حرّم الصيام على المرأة خلال الحيض والنفاس؟
–خد مسافتك….هل يحل أزمة التراويح ؟